محكمة ألمانية تعتزم إصدار حكم نهائي ضد ضابط سابق في مخابرات أسد

محكمة ألمانية تعتزم إصدار حكم نهائي ضد ضابط سابق في مخابرات أسد
تعتزم محكمة العدل الإقليمية العليا في "كوبلنز" بألمانيا، إصدار حكمها النهائي على الضابط السابق ميليشيا أسد إياد الغريب، بتهمة التواطؤ  مع الضابط السابق أنور رسلان، بارتكاب جرائم ضد المعتقلين السوريين في أفرع مخابرات نظام أسد في دمشق.

ونقل موقع "فرانس 24" عن محامي الاتحاد الدولي، كليمانس بيكارت، قوله: "هذه محاكمة ستصل إلى نهايتها الأولى مع ضحايا النظام السوري الذين سيحصلون أخيرا على العدالة، وسيكون لهذا العالم أولاً أهمية تاريخية ورمزية هائلة، وكذلك للمنظمات غير الحكومية والضحايا السوريين المشاركين في هذه الإجراءات المستمرة في أوروبا."

مساعد أول لـ رسلان!

ويواجه الضابط السابق إياد الغريب البالغ 43 سنة تهماً بالتواطؤ مع ضابط المخابرات السابق في ميليشيا أسد، أنور رسلان البالغ 57 سنة المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية واغتصاب إضافة إلى 58 تهمة قتل، خلال رئاسته لفرع التحقيقات "الفرع 251" (الخطيب) في دمشق، حيث يقول الادعاء العام إن رسلان شارك في تعذيب سجناء بين نيسان/أبريل 2011 وأيلول/سبتمبر 2012 قبل انشقاقه.

وبحسب النيابة الألمانية فإن لوائح الاتهام الموجهة إلى المساعد أول إياد الغريب تتضمن تعذيب الكثير من المعتقلين الذين شاركوا في المظاهرات المناهضة لنظام أسد منذ آذار 2011، وإن المعتقلين تعرضوا للضرب بـ "اللكمات والعصي والكابلات والسياط" في فرع الخطيب بدمشق، إضافة لتعرضهم لـ "الصعق بالكهرباء"، حيث أشارت النيابة إلى أن تلك "الإساءات العقلية والبدنية الوحشية" كانت تهدف إلى انتزاع "اعترافات ومعلومات عن المعارضة".

لجأ الغريب إلى ألمانيا في نيسان 2018، بعد انشقاقه عن ميليشيا أسد، لكن وجهت له اتهامات بالمشاركة باعتقال وتعذيب المتظاهرين، وسُجن بموجب ذلك منذ شباط 2019، ويعتبر الإجراء القانوني الأول من نوعه في العالم بما يتعلق بعمليات تعذيب تمت برعاية النظام السوري بحسب "المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية".

وكان الضابطان السابقان (العقيد أنور رسلان والمساعد أول إياد الغريب) قد فرّا بعد ذلك إلى ألمانيا، قبل أن يقبض عليهما في شباط/فبراير 2019 نتيجة تحقيق فرنسي-ألماني مشترك.

وأشارت المحكمة سابقا إلى لائحة اتهام تفيد بأن نحو 4 آلاف سجين تعرضوا ل"الضرب والركل والصعق بالكهرباء" في سجن الفرع تحت إشراف رسلان، إضافة لمزاعم حول "حالة اغتصاب واعتداء جنسي واحدة على الأقل".

ويعتقد الادّعاء أنّ "رسلان" كان على دراية بمستوى التعذيب، ما يعني أنه كان يعلم أيضاً بأنّ السجناء يموتون نتيجة للعنف الشديد، و"الغريب" متّهم باحتجاز متظاهرين معارضين للنظام واقتيادهم إلى سجون الأسد حيث "تعرّضوا لتعذيب وحشي".

وعلى الرّغم من أن المتّهمين مواطنان سوريان يتمتعان بالحصانة في ألمانيا، إلا أنهما سيحاكمان بموجب مبدأ العدالة الدولية الذي يسمح لدولة أجنبية بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية، وبحسب قرار المحكمة الاتحادية فإنه سوف تتم محاكمة كل المجرمين المتورطين في جرائم ضد الشعب السوري مهما كانت رتبهم ومناصبهم وسوف يتم نزع الحصانة عنهم.

وتأتي هذه المحاكمة في ألمانيا في أعقاب سلسلة من الشكاوى المقدمة في العديد من الدول الأوروبية من قبل ضحايا التعذيب بدعم من محامين تابعين ل""المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية"، حيث من المتوقع مشاركة نحو 16 سوريا في المحاكمة كمدعين وكشهود.

ترقب لانتصار العدالة

تعتبر منظمة "العفو الدولية" اختتام تلك المحاكمة خطوة كبيرة في مكافحة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل ميليشيا أسد في سوريا، وقالت رئيسة لجنة العدل الدولية في منظمة العفو الفرنسية، المحامية جين سولزر: "هذا الحكم ينتظر بفارغ الصبر لأنه تقدم مهم للغاية في مكافحة الإفلات من العقاب".

وأضافت سولزر: "هذا النوع من المحاكمات ممكن فقط بفضل المبادرة والشجاعة المذهلة للضحايا الذين بدعم من المنظمات غير الحكومية يقدمون شكوى على الرغم من المخاطر، لأن بعضهم ما يزال لديه عائلة في سوريا". "وبفضل هؤلاء الضحايا وثمار جهودهم، سيُصدر حكم للمرة الأولى الضوء على نظام التعذيب الممنهج الذي يمارسه النظام السوري في السجون ومراكز الاعتقال"، بحسب "فرانس 24".

بينما يقول محامي الاتحاد الدولي، كليمانس بكتارت: "كانت هناك حاجة فعلية للعدالة، وهي ضرورة ملحة حتى من جانب الضحايا ومحاميهم للحصول على إمكانية اتخاذ الإجراءات القانونية، وتأهيل الجرائم ومعاقبة الجلادين"، مؤكدا على أن "هذه جرائم بحق الإنسانية ارتكبها النظام السوري وما زال يرتكبها ".

وبحسب بكتارت فإن سوريا تعد ثاني حالة إجرامية بعد الإبادة الجماعية في رواندا، بعد أن شهدت فتح عدد كبر من التحقيقات عبر أوروبا وأماكن أخرى"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "مبدأ الولاية القضائية العالمية، بالطبع، غير كامل لكن جلسات الاستماع التي عقدت في كوبلنز أظهرت أن جودة المناقشات أمام عدالة مستقلة جعلت من الممكن تسليط الضوء على مسؤولية المتهمين أنفسهم، ولكن أيضا ، لأن الأمر يتعلق بجرائم ضد الإنسانية، الكشف عن نظام كامل من القمع الذي وقع على الشعب السوري".

ويلفت كليمانس بكتارت إلى أنه "يجب أن نضع هذه المحاكمة التي ستصل إلى نهايتها في ألمانيا، إنها تتويج لشيء ما، بالطبع، لكنها أيضا بداية عملية، إنها الخطوة الأولى في السعي لتحقيق العدالة للضحايا السوريين ".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات