بانتظار اتصال الوزيرين.. تصريحات تركية قد تكسر الجليد مع واشنطن

بانتظار اتصال الوزيرين.. تصريحات تركية قد تكسر الجليد مع واشنطن
ترسم التصريحات التركية الأخيرة منحى جديدا قد تسلكه العلاقات التركية- الأمريكية بعد تسلم الرئيس الجديد جو بايدن، عبر حلول تركية مقترحة لتخفيف التوتر بين البلدين ورفع العقوبات الأمريكية، وتتمحور تلك المفاوضات حول ملفات الميليشيات الانفصالية في سوريا، ومنظومة الصواريخ الروسية S-400″".

أبرز تلك المؤشرات كانت عبر رسائل وإشارات وجهتها أنقرة لواشنطن تبدي من خلالها الاستعداد للتخلي عن منظومة الصواريخ الروسية التي تسببت بالتوتر مع الولايات المتحدة، مقابل تخلي الأخيرة عن دعم المشروع الانفصالي لميليشيا قسد في سوريا (ذراع حزب العمال الكردستاني) والمصنف إرهابيا.

نماذج للحل

نقلت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية عن مسؤولين أتراك (طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم) أن أنقرة مستعدة لتقديم تنازلات لتسوية الخلاف مع واشنطن، وتتمثل تلك التنازلات بالاستخدام المحدود لصواريخ "S-400" الروسية مع حرصها على تأمين قطع الغيار الأمريكية الصنع لتلك المنظومة، شريطة أن توقف الولايات المتحدة دعمها لميليشيا قسد في مناطق شرق سوريا، على الحدود التركية.

سبق ذلك مقترحات قدمها وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في مقابلة مع صحيفة "حرييت" التركية، تتركز حول تسوية الخلاف مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بخصوص المنظومة الروسية وفق النموذج اليوناني وقال أكار "يمكن التوصل إلى حل على غرار ما حصل في جزيرة كريت اليونانية"، مشيرا إلى أن اليونان "ما زالت تحتفظ بمنظمة (S-300) على أراضيها منذ حقبة الاتحاد السوفياتي"، إضافة لوجود تلك الأنظمة في الدول الأوروبية التي كانت تنتمي إلى حلف "وارسو" وانضمت فيما بعد إلى حلف "الناتو" بحسب قوله.

خلافات عالقة

وتتركز الخلافات بين البلدين حول دعم الولايات المتحدة للميليشيات الكردية الانفصالية في سوريا، والتي تعتبرها أنقرة امتدادا لـ "حزب العمال الكردستاني" المصنف إرهابيا لديها، إضافة لملف الصواريخ الروسية الذي عقّد الخلافات الثنائية وأسفر عن عقوبات أمريكية على تركيا في الأشهر الماضية.

وفي هذا الصدد قال الوزير أكار قبل أيام، إن "القضية الأكثر حساسية في علاقاتنا مع الولايات المتحدة هي دعم (وحدات حماية الشعب) ذراع "حزب العمال الكردستاني" في سوريا، وأنه “يمكننا إيجاد حل لنظام (S-400) في مفاوضاتنا مع الولايات المتحدة لكننا نتوقع منهم أن يروا الحقائق حول وحدات حماية الشعب، إذا لم نتمكن من إيجاد حل، فلا يمكننا الذهاب إلى أي مكان في العلاقات مع الولايات المتحدة”.

وسبق أن أقصت الولايات المتحدة تركيا من البرنامج المشترك لصناعة المقاتلة F-35 بسبب شراء النظام الصاروخي الروسي، العام الماضي.

بدوره قال الدبلوماسي الأمريكي ديفيد ساترفيلد قبل أيام إن على تركيا التخلص من منظومة الصواريخ الروسية لرفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها بسببها، مؤكدا في الوقت ذاته على أن سياسة بلاده لم تتغير تجاه الميليشيات الكردية في سوريا.

كل هذه التصريحات والمؤشرات بانتظار اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، بحسب ما صرحت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس، بأن الوزيرين قد يلتقيان عبر الهاتف خلال الأيام المقبلة.

ومن المتوقع أن تسفر المكالمة بين الطرفين عن رسم الخطوط العريضة للعلاقة بين البلدين، وخاصة في الملف السوري ودعم واشنطن لقسد إلى جانب العلاقة بين تركيا وروسيا.

عداء استباقي

وخلال حملته الانتخابية في تشرين الثاني الماضي، ركز بايدن على تصريحات عدائية وانتقادات متكررة تجاه تركيا، وخصوصا الرئيس رجب طيب أردوغان وقال حينها تعليقا على مقطع فيديو نشره على حسابه في تويتر: "تركيا هي المشكلة الحقيقية هنا" في إشارة إلى ما يحدث في سوريا والعراق، مضيفا "سيكون لي حوار مغلق حقيقي مع أردوغان وتعريفه بأنه سيدفع ثمنا باهظا على ما فعله".

كما أكد بايدن على أهمية دعم بلاده للمعارضة التركية من أجل الإطاحة بأردوغان الذي وصفه بـ"المستبد"، خلال مقابلة أجراها مع صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمر الذي أغضب الحكومة التركية، إضافة لانتقاداته لتركيا في عدة قضايا منها، شراء منظومة "إس-400" من روسيا، وموقف تركيا الداعم لأذربيجان ضد أرمينيا، وخلافها مع اليونان في البحر المتوسط، والسياسة التي تنتهجها أنقرة في العراق وسوريا.

غير أن تلك التصريحات مهدت لعلاقات متوترة بين الطرفين وأثارت أيضا مخاوف من تضييق أمريكي تجاه تركيا وخاصة المخاوف من فرض عقوبات قد تساهم بتعقيد جديد للملفات المتنازع عليها، في حين تصر واشنطن على تمسكها بخيارات تزعج أنقرة إلى حد كبير، بل وتهدد أمنها القومي باعتبارها ملفات سيادية، إن كانت بدعم الميليشيات الكردية في سوريا، أو حتى التلويح بدعم المعارضة التركية. 

وكانت صحيفة "أخبار الشرق الأوسط" التركية ذكرت في تقرير سابق لها، أن "خيارات السياسة الخارجية لنائب الرئيس السابق أوباما ستصبح حقيقة واقعة خلال السنوات الأربع المقبلة، مشيرة إلى أن تصريحات بايدن السابقة التي أدلى فيها لصحيفة "نيويورك تايمز" أدت إلى إحداث قلق كبير بشأن قدرته على إقامة علاقات جيدة مع القيادة التركية".

وأضافت أن بايدن حافظ على موقفه العدائي تجاه تركيا في الشهر الماضي، ووجه عدة رسائل استهدفت الرئيس أردوغان بشكل مباشر.

عقوبات بسبب المنظومة الروسية

وزاد التوتر بين البلدين بعد تسلم تركيا منظومة "S-400" الروسية واختبارها على أراضيها، ما أدى لفرض عقوبات أمريكية في كانون الأول الماضي، على رئاسة صناعات الدفاع التركية، وذلك بموجب المادة رقم 231 من قانون "مكافحة أعداء أمريكا"، لتطبيق عقوبات كاتسا، لشراء واختبار منظومة الدفاع الجوي الروسي إس-400، والتي من شأنها أن تعرض أمن التكنولوجيا والأفراد العسكريين الأمريكيين للخطر، وتوفر أموالاً كبيرة لقطاع الدفاع الروسي.

ونصت العقوبات على تجميد أصول رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل ديمير، إضافة إلى إدراج مواطنين أتراك في قائمة العقوبات وهم مصطفى ألبير دينيز، وسرحات غينش أوغلو، وفاروق ييت، كما سيتم فرض قيود بالنسبة لحصولهم على تأشيرات.

بالإضافة لعدم تمكن الصناعات الدفاعية من الحصول على رخصة تصدير من الولايات المتحدة الأمريكية، ومنع حصولها على قروض من المؤسسات المالية الأمريكية والدولية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات