وفي ظل واقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه لبنان، يسعى سلامة أن يكون مصرف لبنان المركزي هو الجهة الوحيدة التي تستقبل ما ترسله المنظمات الدولية من مساعدات مالية للاجئين السوريين، بعد أن كانت هذه المنظمات تحول الأموال إلى عدد من المصارف التجارية اللبنانية، بهدف توزيعها على اللاجئين المحتاجين.
وفي هذا الإطار وجه حاكم مصرف لبنان كتابا باللغة الإنكليزية إلى المنظمات الدولية شرح فيه أن مصرف لبنان هو المصدر الوحيد للدولارات في لبنان التي تُستخدم في تأمين احتياجات المؤسسات المرتبطة بمصرف لبنان، وطالب بإرسال العملات الأجنبية إلى البلد عبر مصرف لبنان، بحجة الحفاظ على استدامة الفئات الأكثر ضعفاً، بحسب وسائل إعلام لبنانية.
وهدف سلامة من حصر إرسال الأموال إلى المصرف المركزي هو الاحتفاظ بالدولارات، وإعطاء اللاجئين ما يقابلها بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف الرسمي الذي يحدده "المركزي" والذي هو أقل بكثير من سعر صرف المصارف التجارية أو الصرافة أو "السوق السوداء".
هدف أمني
وعن هذا الإجراء، قال الخبير الاقتصادي سمير طويل لأورينت نت، إن مصرف لبنان المركزي يتعامل مع اللاجئين السوريين بنفس السياسة التي يتعامل فيها مصرف سوريا المركزي التابع لنظام أسد حيث يقوم بتسليم الدولارات التي تأتي للاجئين السوريين كحوالات بالليرة اللبنانية، وهذا الأمر انعكس سلبا من الناحية المادية على السوريين بسبب فرق سعر الصرف.
وأضاف طويل أن حصر استلام وتسليم الأموال من قبل مصرف لبنان المركزي له أيضا هدف أمني فهو يريد معرفة جميع الأسماء التي يتم إرسال الأموال إليها ومن هي الجهات التي ترسل هذه الأموال لا سيما فيما يتعلق بالحوالات التي ترسل من الخارج.
وأشار إلى أن مصرف لبنان يريد الحصول على العملة الصعبة في ظل أزمة السيولة التي يعيشها فهو بحاجة إلى الدولار لذلك يبحث باستمرار عن طرق تسمح له بالحصول عليه سواء عن طريق الإجراءات الاقتصادية أو المصرفية أو الأمنية.
وأكد أن اللاجئ السوري المحتاج هو الذي يدفع الثمن بسبب فرق سعر صرف الدولار بين "المركزي" والسعر في السوق السوداء.
إفلاس الخزينة
من جانبه، ذكر الحقوقي خالد دعبول لـ"أورينت نت"، أن الأصل في التعاملات الاستلام والتسليم يجب أن يكون بنفس العملة، فعندما ترسل جهة معينة المال بالدولار يجب تسليم الطرف المستلم بنفس نوع العملة لا أن يتم تبديلها بعملة أخرى لأن هذا الأمر يفقدها قيمتها.
وأضاف دعبول أن لبنان يحاول الاستفادة من الدولار القادم من المنظمات الدولية للاجئين السوريين لزيادة رصيده من الدولار فهو يستغل هذا الأمر لصالحه بعد ظل حالة الإفلاس في الخزينة التي يعيشها.
ولفت إلى أن ما يقوم به المصرف المركزي هو لعبة اقتصادية من أجل توفير القطع الأجنبي والاستفادة من فرق سعر الصرف، وهذا الأمر يضر كثيرا بالسوريين وهو تصرف ظالم من قبل المصرف المركزي.
ويتراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية ما بين 8810 - 8840 ليرة لكل دولار، بعدما كان مثبتا لسنوات على 1500 ليرة لبنانية.
وبلغ سعر صرف الدولار في مصرف لبنان "البنك المركزي" 1507.5 ليرة لكل دولار واحد، بينما حددت البنوك اللبنانية سعر 3850 ليرة للدولار، أما نقابة الصرافين في لبنان فقد ثبتت تسعيرة سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بهامش متحرك بين سعر 3850 ليرة للشراء، و3900 ليرة، للبيع كحد أقصى.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة لم تستثن أي فئة اجتماعية وانعكست موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
في حين تزداد حياة اللاجئين السوريين صعوبة في ظل الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان العام الماضي، فالفقر يزداد بينهم بشكل جلي.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع بأقل من 3 دولارات في اليوم ارتفعت إلى 88 في المئة في 2020.
وتفاقم الوضع أكثر بسبب جائحة كوفيد-19 فقد اختفى العمل باليومية الذي يعتمد عليه كثير من اللاجئين في توفير احتياجاتهم.
التعليقات (21)