أفاد مراسل متعاون مع أورينت من الحسكة بعودة قوات الأسايش التابعة لميليشيا قسد للتمركز بمحيط المربع الأمني حيث ميليشيا أسد الطائفية في القامشلي، وذلك بعد ساعات من أنباء عن التوصل لاتفاق برعاية روسية ينهي التوتر الحاصل بين الطرفين منذ حوالي الشهر في المنطقة.
وبدأ الخلاف بين الطرفين منذ أكثر من شهر عندما أعلنت الرئيسة المشتركة لما يسمى مجلس (مسد) الديمقراطي إلهام أحمد الذراع السياسي لقسد إنهاء المفاوضات المباشرة مع نظام أسد للتوصل إلى صيغة مشتركة لإدارة مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة في جزء كبير منها لقسد.
وبعد فشل المفاوضات وعدم منح نظام أسد كل مايريد في المنطقة، أعطت روسيا حليف نظام أسد الضوء الأخضر لتركيا للسيطرة على مناطق إستراتيجية في عين عيسى الخاضعة لقسد وذلك لإجبار الأخيرة على اتفاق شبيه باتفاق تشرين أول 2019، إبان إطلاق تركيا والجيش الوطني المعارض لمعركة نبع السلام، بحسب ما قاله الصحفي محمد الحسين ابن مدينة رأس العين التي سيطرت عليها تركيا بعد المعركة.
ونص الاتفاق الذي رعته روسيا آنذاك إلى إدخال ميليشيات أسد إلى عين العرب والمالكية وأجزاء من الرقة لوقف عملية نبع السلام، وتمدد الجيش الوطني المعارض المدعوم من تركيا.
وأوضح الحسين في اتصال مع موقع أورينت نت أن قسد لاتريد قطع علاقاتها مع روسيا والنظام وإنما تريد أن يكون الاتفاق الجديد على غرار اتفاق منبج – بمعنى أن يكون هناك وجود شكلي لميليشيات أسد عند مداخل المدن الخاضعة لقسد وتبقى الأخيرة هي المسيطر الفعلي على تلك المناطق من عين عيسى إلى الدرباسية في القامشلي مرورا بتل تمر بالحسكة.
ووفق الحسين، فإن رفض قسد لما تريده ميليشيا أسد وروسيا دفعهما إلى التضييق على الأحياء الواقعة تحت سيطرتها بحلب منذ أشهر (الأشرفية والشيخ مقصود)، لترد قسد بحصار مربعات النظام الأمنية في القامشلي والحسكة على مبدأ هذه بتلك.
أسباب مباشرة أججت الخلاف
بحسب المعلومات التي رصدتها أورينت والمصادر التي تواصلت معها من المنطقة فإن ثلاثة أسباب رئيسة وخلافية بين ميليشيا أسد وقسد لم يتم التوافق عليها حتى الآن، هي من تبقي التوتر مستمرا في الحسكة، وجميع هذه الأسباب يقف وراءها النفط والغاز بشكل رئيس.
والسبب الأول يعود إلى اتهام قسد لميليشيا أسد باغتيال قادة لها بعمليات استخباراتية وآخرهم كان حمزة تلهدان، وقد اعتقلت قسد مؤخرا بعض خلايا لميليشيا أسد ممن تقول قسد بأنهم مكلفون بعمليات اغتيال من قبله.
والسبب الثاني المعلن هو قيام نظام أسد باعتقال عدد من عناصر قسد وتحويلهم لدمشق بتهم جنائية.
وأما السبب الثالث فهو محاولة نظام أسد تأليب عشائر المنطقة على قسد، عبر اغتيال من هم في صفوفها- بحسب اتهامات قسد- واستدراج من كانوا في المعارضة سابقا كنواف البشير شيخ قبيلة البقارة و عبد الكريم الدندل رئيس مجلس العشائر المدعوم من نظام أسد، الذين يشرفون على ميليشيا ما يسمى الدفاع الوطني التابع لأسد في المنطقة، حيث تضع قسد إخراجهم على طاولة المفاوضات، من أجل إحكام سيطرتها شبه المطلقة على المنطقة.
أسباب برائحة النفط
يعتبر الصراع على مصادر النفط وشركاته وأسواقه، أحد أبرز الدوافع الخفية وراء التوتر الحاصل بين قسد وأسد في الحسكة خصوصا وكل مناطق شرق الفرات عموما.
يقول الصحفي محمد الحسين إن مناطق قسد هي الملاذ المتبقي لميليشيا أسد لإمداده بالنفط والطاقة، خاصة مع اشتداد العقوبات على إيران والأزمة الاقتصادية التي عصفت مؤخرا في لبنان، حيث لم يعد الأخير قادرا على تغذيته كما كان في السابق.
وتعتبر المحروقات الأزمة الأكبر التي تعصف بمناطق نظام أسد منذ أكثر ما يزيد عن عام ونصف العام، بينما تعتبر مناطق شرق الفرات الخزان الرئيس للثروة النفطية بسوريا.
وبالمقابل تريد قسد أن تبقي على مناطق المعارضة في إدلب والشمال المحرر كأحد أسواق تصريف النفط وهو ما ترفضه ميليشيا أسد، كما ذكر مراسلنا المتعاون في الحسكة.
وفي هذا المجال أيضا ذكرت مصادر إعلامية محلية أن ميليشيا أسد منعت إدخال قسد للمحروقات إلى مناطق سيطرتها في حلب (الأشرفية والشيخ مقصود)، واشترطت الحصول على صهريج نفط مجاني مقابل كل صهريج نفط تدخله إلى تلك المناطق.
اتفاق لم يكتمل
وأمس قالت وكالة سبوتنيك الروسية أن اتفاقا مبدئيا تم التوصل إليه بمساعٍ روسية، ويقضي بفك الحصار الذي يضربه من أسمتهم مسلحون موالون للجيش الأمريكي (قسد) حول مدينتي القامشلي والحسكة، أقصى شمال شرق سوريا.
ولم تذكر الوكالة أي شيء عن بنود الاتفاق المبدئي الذي أكد مراسلنا في مقدمة التقرير أنه لم يكتمل بعد، وأن ميليشيات قسد عادت لتحاصر ميليشيات أسد ومؤيديه في القامشلي.
وهو ما ألمح إليه محافظ نظام أسد في الحسكة غسان خليل في تصريح لإذاعة شام إف إم الموالية عندما قال : "لا يوجد هناك أي ضامن لهذا الاتفاق، حيث نتكلم عن ميليشيات تنفذ ما يملى عليها من المحتل الأمريكي"، وفق وصفه.
وأكد أن الروس هم من عقدوا الاتفاق وأنهم ليسوا طرفا فيه، ولايتوقعون التزام قسد ببنوده على حد تعبيره.
وكان نظام أسد نظّم احتجاجات ضد قسد خلال الأسبوعين الماضيين، قال إنها لأبناء العشائر في الحسكة بينما كان معظمها من عناصر ميليشياته الموجودة هناك، وقد تهجمت تلك الاحتجاجات على حواجز قسد المحاصرة للمنطقة، ما دفع بقسد قبل يومين إلى قتل أحد عناصر حفظ النظام التابعة لميليشيا أسد هناك ويدعى محمد الرحيل وجرح اثنين آخرين بينما روجت ميليشيا أسد على أن المقتول من أبناء العشائر العربية فقط دون أي صفة أخرى.
التعليقات (0)