نظام أسد يقر بشكل مفاجئ بانهيار الاقتصاد السوري وخبراء يكشفون الدوافع ودلالات التوقيت

نظام أسد يقر بشكل مفاجئ بانهيار الاقتصاد السوري وخبراء يكشفون الدوافع ودلالات التوقيت
أدت الحرب التي يشنها بشار الأسد على السوريين منذ حوالي 10 سنوات إلى تدمير الاقتصاد، حيث أصدرت نقابة "عمال المصارف في دمشق" التابعة للنظام تقريرا كشفت خلاله عن خسائر الاقتصاد السوري منذ بداية الحرب والتي قدرتها بأكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.

وأضاف التقرير أن نسبة دمار البنية التحتية تجاوزت 40%، وشملت خسائر المساكن وشبكات الكهرباء والمدارس والمشافي ومرافق الخدمات، وتراجع إنتاج النفط الخام من 400 ألف برميل يومياً لأقل من 30 ألف برميل يومياً، كما تدنت معها التنمية التي أوصلت أكثر من 80 بالمئة من الشعب إلى خط الفقر.

حراك دولي

وتزامن إعلان النظام عن خسائر الاقتصاد السوري مع حراك دولي يجري مؤخرا، من أجل الدفع باتجاه تبني خيار رفع العقوبات أو تخفيفها عن نظام أسد.

وبحسب صحيفة "العرب" التي تصدر في لندن، بدأت هذه التحركات أولا حينما دعت خبيرة حقوق الإنسان المستقلة في الأمم المتحدة ألينا دوهان إلى رفع العقوبات المفروضة على دمشق، لأنها قد تعرقل جهود إعادة بناء البنية التحتية المدنية التي دمرتها الحرب.

وقالت دوهان حينها إن "تطبيق قانون قيصر قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، ما يحرم الشعب السوري من فرصة إعادة الإعمار".

وأثارت تصريحات المسؤولة الأممية ضجة في سوريا وخارجها، في ظل اعتقاد للوهلة الأولى بأن ذلك تحرك عفوي من قبلها قبل أن تظهر مؤشرات من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورجال دين مسيحيين وفعاليات سياسية لتشكك في الأمر، وفقا للصحيفة. 

كما أجرى الرئيس الفرنسي اتصالا هاتفيا مع نظيره الأميركي بايدن تطرق خلاله إلى الوضع في المنطقة، وليس من المستبعد أن يكون هناك تنسيق فرنسي أمريكي مشترك حيال مسألة العقوبات على سوريا.

استجداء الغرب

وعن أسباب والدوافع من إعلان نظام أسد لخسائر الاقتصاد السوري بهذا الوقت، قال الباحث الاقتصادي خالد تركاوي لـ"أورينت نت"، "بحسب توقعاتي الشخصية قد يكون الإعلان له علاقة باستجداء الغرب وخاصة بعد ازدياد أعداد الشخصيات في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والذين يرون أن المسألة الإنسانية يجب أن تتقدم على كل شيء".

وأشار إلى أن نظام أسد يبالغ أحيانا فيما يتعلق بتقدير بعض الأزمات ويحاول أن يسرب صورا وفيديوهات عن طريق السوريين الذين يقومون بتصوير طوابير المازوت أو الخبز وغيرها وطبعا كل هذا يتم بعلم نظام أسد.

وتابع "هل العقوبات أثرت فعلا على الوضع الاقتصادي؟ حقيقة لم يكن هناك عقوبات على المؤسسات التابعة لنظام أسد حتى نهاية الشهر الماضي، وأول مؤسسة مركزية حكومية تعرضت للعقوبات هي مصرف سوريا المركزي أما بقية المؤسسات فهي التابعة للجيش والأمن ولا فائدة من رفع العقوبات عنها". 

ولفت إلى أنه حتى قانون قيصر تم تطبيقه منذ حوالي 6 أشهر ولكن الاقتصاد السوري متردٍ كثيرا لأن نظام أسد سخّره من أجل تمويل حربه لذلك تراجع لهذه المستوى.

وأضاف تركاوي أن رقم الـ"530" مليار دولار الذي صدر عن نظام أسد قريب من رقم صدر عن منظمة "الإسكوا" العام الماضي والذي قدر خسائر الاقتصادية بأكثر من 442 مليارا، وأعتقد أن الرقم الحقيقي للخسائر قد يكون أكبر من الرقمين.

في المقابل، يعتقد الخبير الاقتصادي سمير طويل أن أرقام تقرير نظام أسد مبالغ فيها، مؤكدا أنه لا توجد دراسة دقيقة لمعرفة خسائر الاقتصاد لأن الحصول على رقم دقيق يحتاج إلى معرفة خسائر مختلف القطاعات كل على حدا ومعرفة الاستثمارات التي خسرتها سوريا وتكلفة إعادة إعمار البنية التحتية وغيرها".

استمالة الدول

وقال الطويل لـ"أورينت نت" إنه حتى حديث نظام أسد أن نسبة الفقر في سوريا بلغت 80% غير دقيقة لأن النسبة بحسب منظمات دولية تزيد عن 85 أو 90%.

وأضاف أن الدراسات التي يجريها كل من نظام أسد أو روسيا أو إيران ليس لها جدوى إذا لم يتم توافق دولي، وبرأيي من الصعب حاليا إطلاق إعادة الإعمار بسبب انكماش الاقتصادي والركود بسبب كورونا.

ولفت إلى أن إعلان نظام أسد عن خسائره لا تفيده فيما يتعلق بإعادة الإعمار لأن هذا الأمر يحتاج إلى مؤتمر دولي وتوافق ومؤتمر مانحين، مشيرا إلى أن نظام أسد يحاول بعد كل تغيير في المواقف الدولية أو الأوروبية أو قدوم رئيس جديد لدولة لها وزنها كأمريكا أن يستميل بعض الدول ولكن إذا لم يحدث تغيير دستور وحل انتقالي وتوافق على السلطة لن يتم إطلاق مرحلة إعادة إعمار. 

وكانت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" ذكرت في تقرير لها العام الماضي أن خسائر اقتصادية سوريا تقدر بأكثر من 442 مليار دولار، منذ 2011 وحتى نهاية 2019، موزعة بين أضرار رأس المال المادي البالغة 117.7 مليار دولار، وخسائر الناتج المحلي الإجمالي البالغة 324.5 مليار دولار.

وأشار التقرير لجنة حينها إلى أنّ 82% من الأضرار الناجمة عن الحرب تراكمت في 7 قطاعات تعد الأكثر تطلباً لرأس المال، هي الإسكان والتعدين والأمن والنقل والصناعة التحويلية والكهرباء والصحة.

وأضاف التقرير أن 5.6 مليون شخص من الشعب السوري أصبحوا لاجئين، و6.4 مليون نازحين داخلياً، و6.5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليون بحاجة مساعدة إنسانية، كما كان 3 ملايين طفل خارج المدرسة في العام الدراسي 2017 – 2018.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات