مولها شيعة الكويت: حرب التغيير الديموغرافي في القلمون.. اعتداء على التاريخ والجغرافيا!

مولها شيعة الكويت: حرب التغيير الديموغرافي في القلمون.. اعتداء على التاريخ والجغرافيا!
لم يكن التغيير الديموغرافي الذي تكشفت عوراته في أيام الثورة السورية، حالة من فراغ أو عبث أو سوء تقدير، بل هو عملية منظمة ترعاها دول وشبكات كبرى منذ ما قبل بدء الثورة السورية بسنوات كثيرة..

ذلك أن جيوستراتيجية منطقة القلمون جعلت من المنطقة محط أنظار إيران وولاية الفقيه ولكن بوسائل ناعمة وهذا قبل الثورة السورية بزمن، فالقلمون الغربي يشرف على حدود لبنان الشرقية، والطريق الدولية الواصلة بين حلب ودمشق والذي بات يعرف بالـ M5 ، ويتوسط عقدة المواصلات بين طريقي بغداد دمشق  ودمشق حمص، وتمتد المنطقة الجبلية منه لتشمل معبر (جديدة يابوس) مع لبنان وصولا إلى مرتفعات جبل الشيخ؛ أي أنه لا طريق لحزب الله وأسلحته وتمويله إلا عبر القلمون.

من هنا يمكن أن نفهم لماذا غطى النظام مشروعا لبناء ضاحيتين استراتيجيتين في المنطقة وذلك بأموال السياح الشيعة الكويتيين والتي تقدر بعشرات ملايين الدولارات وذلك عبر وسطاء وسماسرة محليين مقيمين في الكويت ويتولون الواجهة الرسمية لهذا المشروع.

الوكلاء المحليون هم سنة بالأصل انقلبوا إلى التشيع تحت إغراء المال والسمسرة... وتحولوا إلى رجال أعمال بين ليلة وضحايا بفضل توكيلهم بالإشراف على بناء تلك الضواحي.

 إحداهما قرية ريما (ضاحية يبرود) والتي تشرف على أهم مدن القلمون (يبرود والنبك) والطريق الدولية، فبنوا أفخم الفلل والمنشآت والحسينيات على تلك التلال، بينما كانت الضاحية الأخرى وهي قرية المحبة (ضاحية رنكوس) والتي تشرف على معظم قرى وبلدات القلمون من سهل رنكوس باتجاه يبرود وكذلك مدخل لبنان سوريا الأبرز من جهة بلدة (طفيل) اللبنانية!

 بدأت الثورة في آذار/ مارس من عام 2011 ولم يعد الكويتيون قادرين على السياحة في هذه المناطق الوعرة، ترافق ذلك مع حملة تغيير ديموغرافي شرسة إبان سيطرة القوات الإيرانية وحزب الله على المنطقة، والتي كان لها التأثير النفسي والمعنوي الأكبر على أهل المنطقة، فشنت حملة تهجير واسعة امتدت من يبرود وحتى الزبداني في محاولة لإفراغ المنطقة من سكانها وتطويع من بقي ليصبحوا أدوات بيد ميليشيات إيران الطائفية، إذ يبلغ عدد المهجرين في أقل تقدير أكثر من 100 ألف مهجر معظمهم في لبنان، مع اتباع سياسات منظمة لمنع سكان بعض البلدات من العودة إلى مناطقهم لأهميتها الاستراتيجية كما حصل في بلدة (الصرخة) المطلة على بلدة (معلولا) والمدمرة بشكل شبه كامل وبلدة (فليطة) المجاورة لبلدة (عرسال) اللبنانية وجرود الطفيل.

 نعم..  بعد ما يقرب من خمس سنوات من عودة هذه المناطق إلى سلطة ميليشيات أسد التي ادعت أنها "حررتها وطردت الإرهابيين منها"، لا يستطيع سكان هذه القرى ووادي بردى ومعظم مناطق الزبداني، العودة إلى مناطقهم.. والفيديو الذي انتشر قبل أشهر عن السماح لبعض أبناء وادي بردى بالعودة لإلقاء نظرة فقط على منازلهم هو خير تجسيد واختزال لهذه السياسة التهجيرية الجائرة.. فالعرب السنة ممنوعون من العودة إلى بيوتهم  باستثناء بعض المتعاونين والمخبرين، بينما تستوطن الميليشيات الإرهابية في معظم هذه المناطق الاستراتيجية لاستكمال مشروعهم القديم في التغيير الديموغرافي.

 عشرات الآلاف من سكان هذه البلدات نجدهم اليوم نازحين في الداخل السوري أو خارجه، في مخيمات (عرسال) وضواحي (بعلبك) اللبنانيتين، وإفراغ معلولا من مسلميها شاهد حي متجدد على بشاعة سياسات إيران في المنطقة، هذه المناطق الاستراتيجية في القلمون باتت اليوم أماكن سكن وعسكرة مغلقة غير مفتوحة لأهلها، وغير متاحة لسكان القلمون.

 لم يكن التغيير الديموغرافي في المنطقة وليد السنوات السابقة، بل هو مشروع سياسي منظم تتبناه إيران بموافقة نظام أسد عبر وكلائها المحليين قبل بدء الثورة، وهي جزء من الهلال الشيعي الذي كانت تسعى إليه إيران منذ ما قبل الربيع العربي...  وقد سقط القناع تدريجيا مع بدء حملة اجتياح المنطقة عسكريا لتأمين طرق إمداد ميليشيا حزب الله من وإلى لبنان والسيطرة على مزيد من المواقع الاستراتيجية لبناء الضواحي وتوطين الميليشيات فيها بما يضمن إحكام السيطرة على المنطقة التي ما زالت ثقافتها وتاريخها وعقائد أهلها الغائبين، لا تتقبل أي وجود لميليشيات إيران. 

كاتب وباحث سياسي من أبناء القلمون 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات