وكان القضاء اللبناني تسلم قبل نحو أسبوع مراسلة من السلطات السويسرية تتضمن طلب مساعدة بتحقيق جنائي تجريه بشأن تحويلات مالية تخصّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومقرّبين منه، وفق ما أفاد مصدر قضائي رفيع لوكالة فرانس برس.
"مصرف دولة المهدي"!
الجمعية التي يطلق عليها البعض اسم "مصرف دولة المهدي" التي يقال إنها تأسست قبل نحو 3 عقود، ما زالت تزود زبائنها وجلهم من الشيعة بالنقد الأجنبي (دولار) في وقت يحرّم على بقية اللبنانيين التداول بالدولار أو الوصول إلى مدخراتهم داخل البنوك منذ أشهر عدة.
وكشف تقرير لوكالة أسوشيتد برس، أن "الجمعية" تقدم قروضاً بدون فوائد تصل إلى 5000 دولار (تمنحها بالدولار الأمريكي) هذه الأيام، وتعتبر أكبر مؤسسة مالية غير مصرفية في لبنان تقدم قروضاً صغيرة، إذ يجب على العملاء طرح الذهب كضمان للقرض أو إحضار ضامن، ثم يسددون القرض على أقساط شهرية لمدة تصل إلى 30 شهراً، وبعد ذلك يتم إرجاع الضمان.
وكان قراصنة اخترقوا بيانات الجمعية نهاية العام الفائت 2020 ونشروا بعض الأسماء المتعاملة مع الجمعية وكشفوا بعض المعلومات والبيانات عنها، حيث كشف حساب يُدعى «Bankinstein» أنّ المؤسسة وانطلاقاً من الوثائق المسربة تمتلك ودائع تبلغ نحو 500 مليون دولار؛ بينما أعطت قروضاً بقيمة 450 مليون دولار تقريباً، وأنّ 64% فقط منها مضمونة من خلال ودائع الذهب (غير المقيّمة)، أي أن نسبة السيولة النقدية إلى الودائع التابعة للجمعية تبلغ 10%، ما يساوي نحو 50 مليون دولار، وهي من أسوأ النسب في لبنان، وفقا لصحيفة الشرق الأوسط.
بديل القطاع المصرفي اللبناني
بحسب الصحفي اللبناني، طوني بولس، فإن "القرض الحسن" هو المصرف المركزي لميليشيا "حزب الله" ويشكل بنية اقتصادية مستقلة وموازية للاقتصاد اللبناني، مشيراً إلى أن الميليشيا اللبنانية تعتمد عليه في كل تعاملاتها المالية وتمويل مشاريعها وإيداع أموالها وحتى صرف رواتب موظفيها وعناصرها بالدولار الأمريكي.
ولفت بولس في حديثه لأورينت نت، إلى أن "القرض الحسن" أحد أبرز أعمدة ميليشيا "حزب الله" في سياسة تدمير الدولة اللبنانية، والتي بدأت ملامحها تتبلور مؤخراً، حيث إن الحملة التي تشنها الميليشيا اللبنانية ضد القطاع المصرفي اللبناني هدفها تشكيل قطاع مواز يتمثل في جمعية القرض الحسن"، والآن تتمحور الهجمة ضد قطاعين هما الصحة والتعليم، ومستقبلاً الجيش اللبناني.
ووفقاً لبولس، فإن الجمعية المذكورة تشكل جهازا ماليا يدير شبكة غسل الأموال وتهريب المخدرات والنفط ومنظومات صيرفة مستقلة، تتحكم بمنافذ الاقتصاد اللبناني بشكل كامل، الأمر الذي أكد عليه موقع جنوبية بالكشف عن أن الجمعية أصبحت لها بورصة خاصة لتحديد سعر صرف العملات الأجنبية والمعادن الثمينة، وصار السعر الذي تحدده المؤسسة معمولاً به لدى شريحة كبيرة من الناس والتجار. وأصبح له تأثيره الكبير في تثبيت ورفع أو خفض سعر صرف الدولار الأمريكي بشكل خاص.
ومرد كل ذلك لحجم الكتلة النقدية بالعملات الأجنبية والمعادن التي تمتلكها مؤسسة "القرض الحسن" حتى صار لها هذا التأثير القوي في بيع وشراء وتحديد سقوف سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق، وكانت المؤسسة في الستة أشهر الأولى من عمر الأزمة النقدية الحالية تبيع وتشتري الدولار الأمريكي في عمليات مكشوفة للجمهور، ما لبثت أن أخفت عملياتها تحسباً من الرقابة والعقوبات الجزائية التي قد تطالها كونها مؤسسة خيرية في عنوانها، وممارسات من هذا النوع قد تتعارض مع الرخصة القانونية الممنوحة لها من وزارة الداخلية في الحكومة اللبنانية.
يشار إلى أنه وبعد عملية القرصنة التي تعرضت لها الجمعية، لم يستبعد الباحث السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح، في حديث للشرق الأوسط، أن تتخذ المؤسسة من عملية القرصنة التي تعرضت لها حجة لعدم إعادة هذه الودائع، فعلى الرغم من نشاطها المصرفي فهي لا تخضع لقانون "النقد والتسليف" الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي، وهي مسجلة بصفة "جمعية خيرية".
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أدرجت "القرض الحسن" على قائمة العقوبات لكن نشاطها لم يتوقف، إذ يشبّه رباح عمل الجمعية بـ"مخطط بونزي" الذي يطلق على عمليات نصب أو احتيال خصوصاً عمليات الاستثمار، حيث يتم دفع عوائد للمستثمرين القدامى من خلال استثمارات المستثمرين الجدد.
التعليقات (0)