مطار لبنان يرفض تزويد طيران أسد بالوقود ومصادر تكشف عواقب القرار

مطار لبنان يرفض تزويد طيران أسد بالوقود ومصادر تكشف عواقب القرار
امتنع مطار بيروت الدولي عن تزويد الطيران المدني التابع لنظام أسد من الوقود، بعد استئناف الأخير رحلاته، وذلك خوفا من العقوبات الأمريكية بموجب قيصر، ما يضيق الخيارات أمام نظام أسد لتأمين وقود طائراته في وقت يحاول تعريض لبنان لخطر الانهيار الاقتصادي ونار العقوبات الدولية، عبر الاتكاء عليه واستغلال موارده الاقتصادية بطرق التهريب التي يسهلها حليفه الإيراني، ميليشيا "حزب الله اللبناني.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية رسمية، قبل يومين، أن الشركات المسؤولة عن تزويد الوقود في مطار بيروت الدولي (توتال وكورال والوردية) أبلغت قرارها برفض تزويد طيران نظام أسد الذي استأنف رحلاته الأسبوع الماضي، معللة قرارها بسبب الخشية من عقوبات بنود قانون قيصر الأمريكي.

وكانت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام ذكرت أن طائرة تابعة لشركة "أجنحة الشام" (المعاقبة أمريكيا) حطت رحلتها في مطار بيروت، الجمعة الماضي، آتية من مطار حلب شمال سوريا، لكن نظام أسد أعلن أن تلك الطائرة تتبع لشركة "الخطوط الجوية السورية" (SYRIANAIR) وليس لـ "أجنحة الشام"، في محاولة مكشوفة للالتفاف على العقوبات الأمريكية.

ومن المقرر أن تسيّر الشركة رحلة أسبوعيا بين بيروت وحلب (كل يوم جمعة)، إضافة لثلاث رحلات أسبوعية بين دمشق وبيروت، وستواجه الطائرات عوائق عديدة في رحلاتها بسبب امتناع شركات لبنان عن تزويدها بالوقود، إضافة لعقوبات أوروبية "غير مفعلة" تمنع طيران النظام من الهبوط في مطار بيروت أيضا.

وتأتي الخطوة مع رحيل دونالد ترامب وتسلم جو بايدن، حيث ما زالت السياسية الجديدة لإدارة بايدين غير واضحة المعالم في بداية تسلمه للسلطة، فيما ستكشف الأيام المقبلة مآلات التعامل الأمريكي مع العقوبات المفروضة سابقا وفرص التغاضي عنها، وشركات طيران النظام مثالا على ذلك.

امتثالا للوائح العقوبات الدولية

الخبيرة الاقتصادية اللبنانية فيوليت غزال بلعة اعتبرت أن قرار مطار بيروت الامتناع عن تزويد طائرات نظام أسد بالوقود ليس الأول من نوعه، اذ سبق أن طبق قرارا مماثلا في نوفمبر 2018 فور صدور عقوبات أمريكية على أكثر من 20 شركة طيران تابعة لـ15 دولة، بينها أكثر من شركة طيران سورية، وذلك في إطار امتثاله للوائح العقوبات التي تصدر سواء عن الولايات المتحدة أو عن الأمم المتحدة كما الاتحاد الأوروبي.

ورأت غزال بلعة في حديثها لأورينت نت، أن قرار شركات الوقود في مطار بيروت متصل بتطبيق  "قانون قيصر" الذي يمنع أي أشكال من التعاون مع نظام أسد وكل مؤسساته وشركاته، سواء في سوريا أو في خارجها، علما أن "لبنان يؤمّن وعبر تسهيلات من ميليشيا "حزب الله" مباشرة، مادة الوقود اللازمة للاستهلاك المنزلي والسيارات، من خلال عمليات تهريب منظمة عبر المعابر غير الشرعية، رغم إنهاك الاحتياطي الأجنبي المتبقي لدى مصرف لبنان، كون الدعم الذي يقدمه يشمل مادة النفط ومشتقاته، وتقتصر الإفادة منه داخل لبنان على نسبة 35 في المئة نتيجة عمليات التهريب غير الشرعية نحو الأسواق السورية.

وتؤكد المحللة الاقتصادية أن لبنان "يحاول تجنب ملامسة لائحة ممنوعات (قانون قيصر)، لأنه يدرك جيدا مفاعيل العقوبات الأمريكية وتداعياتها نتيجة ما اختبره في الأعوام الماضية مع العقوبات المالية التي فرضتها واشنطن لتجفيف قنوات تمويل (حزب الله) اللبناني"، الأمر الذي أفضى إلى تفجّر أسوأ أزماته المالية والمصرفية والاقتصادية.

المطار في منأى

بدوره صرح رئيس مطار بيروت الدولي، فادي الحسن، لصحيفة "الشرق الأوسط" قبل أيام، أن أمر تزويد الطيران بالوقود يعود لشركات الوقود في المطار، والتي بدورها تمتنع عن تزويد شركات الطيران الواردة اسمها على لائحة العقوبات الأمريكية، حيث ضرب مثالا على ذلك الطائرات الإيرانية التي تحط بشكل مستمر في المطار اللبناني.

ويشير الحسن إلى أن مطار بيروت "لا يمنع شركات الطيران من التعامل انطلاقا من أي عقوبات أو إجراءات متخذة ضدها إلا إذا كانت ضمن لائحة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمخالفات ترتبط بالسلامة العامة" بحسب قوله، وهذا ما يفسر سبب قبول لبنان لاستقبال الطيران السوري رغم معاقبته دوليا وعربيا.

وتحظر العقوبات الأمريكية التعامل مع نظام أسد وحكومته وجميع مؤسساته المشمولة بالعقوبات، ما يعرض المتعاملين أو حتى المتساهلين في ذلك وخاصة الأمور المالية لمخاطر العقوبات ذاتها، وخاصة إن كان وقوف الطائرات في المطار مقابل بدل مالي غير رسمي، بحسب خبراء قانونيين.

خيارات ضيقة لنظام أسد

تشير المحللة الاقتصادية فيوليت بلعة خلال حديثها لأورينت نت، إلى أن خيارات نظام أسد لجهة توفير الوقود لطائرات شركاته باتت أضيق من السابق، وأنه "يجب ألا تعتمد دمشق على مطار بيروت محطة لتوفيرها تحت غطاء إعادة تسيير خط بيروت-حلب، وخصوصا أن القرار الداخلي للبنان لا يؤيد بالكامل أداء هذا النظام"، في وقت تعجز ميليشيا "حزب الله" عن تأمين ما يحتاجه تجنبا لتوريط لبنان في خرق العقوبات الأمريكية، بحسب قولها.

وتؤكد الخبيرة على أن خيارات البحث لدى نظام أسد يجب أن تشمل حلفاءه أولا، وفي مقدمها إيران وروسيا اللتان تخضعان لعقوبات أمريكية، ولا تأبهان لإضافات جديدة في لوائح العقوبات.

وتحظر العقوبات الأمريكية التعامل المالي أو المادي أو التقني وحتى المعلوماتي مع أي كيان أو أشخاص أو مؤسسات تابعة لنظام أسد ومدرجة على لوائحها، بما يشمل تزويد النفط والتعامل النفطي بكافة أشكاله أو حتى خدمات التكنلوجيا وقطع غيار الطائرات والصيانة، هذا بالطبع ينطبق على شركة "أجنحة الشام" المدرجة على لوائح العقوبات منذ عام 2016.

وكانت مواقع لبنانية أشارت إلى وجود علاقة مالية "من نوع آخر" بين لبنان وبين طيران نظام أسد في التعاملات التي تسهل الالتفاف على العقوبات الدولية، حيث وصف الموقع تلك العلاقة بأنها "غير مثبّتة بأي مستند".

خطوة سابقة

وكان مطار بيروت الدولي اتحذ قرارا في تشرين الثاني عام 2018، بالامتناع عن تزويد شركات الطيران التابعة لنظام أسد وإيران بالوقود، امتثالا للعقوبات الدولية المفروضة على تلك الشركات وكذلك النظامين الحليفين، ويحاول النظامين الالتفاف على العقوبات بشتى الوسائل وهذا برز مع اشتداد الأزمات الاقتصادية في مناطق سيطرة نظام أسد ومحاولته استقدام النفط اللبناني عبر طرق التهريب بالتعاون مع ميليشيا حزب الله اللبناني.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات