الهروب الكبير: تفاصيل ما جرى بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ديرالزور وصور ذعر الضباط

الهروب الكبير: تفاصيل ما جرى بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ديرالزور وصور ذعر الضباط
تحركات دفاعية سريعة وتبديل في الخطط وتغيير في استراتيجية التمركز، خطوات جاءت على خلفية غارات جوية من المقاتلات الإسرائيلية استهدفت مقرات للميليشيات الإيرانية المتمركزة في محافظة دير الزور شرق سوريا، حيث قام الحرس الثوري الإيراني ممثلاً بقائده في دير الزور الحاج عسكر بعقد اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية رفيعة المستوى في ميليشيا حزب الله اللبناني وأخرى تابعة للحشد الشيعي العراقي كانت قدمت من العراق لحضور الاجتماع المنعقد في قاعدة الإمام علي الواقعة على أطراف مدينة البوكمال شرق دير الزور.

ساعات قليلة بدأت بعدها نتائج الاجتماع تتجلى من خلال قيام الميليشيات الإيرانية بإفراغ 15 مقراً لها في قرى السويعية والهري والصلبي وحميضة في ريف مدينة البوكمال، ليلجأ عناصر الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية للاختباء في منازل المدنيين في المنطقة خوفاً من غارات جوية جديدة على تلك المقرات.

وكانت ميليشيات السيدة زينب وأبو الفضل العباس والحرس الثوري الإيراني استولت على عدد كبير من منازل المدنيين في المنطقة، لتتخذ منها مقرات جديدة بين الأحياء السكنية بعد نزوح نحو 20 عائلة باتجاه مدن وبلدات ريف الرقة الشرقي، الخاضع لسيطرة ميليشيا نظام أسد نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية على المنطقة.

ويروي أحد النازحين قصة نزوحه لأورينت نت بالقول إنها "كانت ليلة سوداء اهتزت بها المنطقة جراء استهداف مقاتلات الجو الإسرائيلية مقرات تتمركز فيها قوى إيرانية فلم تتوقف أصوات القصف طوال ليلة الأربعاء الماضي، منزلنا يبعد قرابة 400 متر عن أحد المقرات المستهدفة وكنا نستمع إلى أصوات العناصر الفارين من المقر وهم يشتمون إسرائيل، ولم يعد بوسعنا البقاء في البيت فمن الممكن استهداف تلك المقرات من جديد وإصابة أحد أفراد أسرتي".

ويضيف النازح، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "لدي طفلان لا أحتمل رؤيتهم يبكون خوفاً من أصوات القصف والطيران، لذلك قررت النزوح إلى منزل عائلة زوجتي في قرية البو حمد في ريف الرقة الشرقي، سننتظر ما سترينا الأيام القادمة لنستطيع اتخاذ قرار بالعودة إلى منزلنا إن لم تستولِ عليه الميليشيات الإيرانية، فسمعنا من أبناء المنطقة أن الميليشيات بدأت بتحويل منازل المدنيين إلى مقرات لها بعد إفراغ مقراتها القديمة، الأمر الذي يزيد من خطر البقاء هناك ولا يسعنا حينها سوى البدء بحياة جديدة هنا".

هروب الضباط وانشقاق العناصر

لم يعد ضباط ومستشارو الميليشيات الإيرانية قادرين على البقاء في المنطقة، خاصة بعد تضرر بعض مقراتها وإخلاء المقرات الأخرى، حيث توجه تسعة ضباط في الحرس الثوري الإيراني إلى فندق العباسية في مدينة تدمر للإقامة هناك، بحسب معلومات حصلت عليها أورينت، حتى أن الحواجز والمقرات التابعة لتلك الميليشيات رفعت راية نظام الأسد عوضاً عن رايتها في المناطق التي توجد فيها في ظل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء المنطقة.

وبحسب المعلومات فإن نحو 25 مقاتلاً في صفوف الحرس الثوري الإيراني امتنعوا عن الالتحاق بمقراتهم التي فروا منها بعد الاستهداف الأخير، ليقوم الحرس بتعميم أسمائهم ومشاركتها مع ميليشيا أسد، ليقوم الأخير بإلقاء القبض على ثمانية عناصر على الطريق الواصل بين مدينتي البوكمال والصالحية شرق دير الزور وتسليمهم إلى قيادة الحرس الثوري الإيراني الذي قام بدوره باقتيادهم إلى جهة مجهولة.

وتمكنت أورينت نت من التواصل مع أحد العناصر الفارين شريطة عدم الإفصاح عن اسمه: "شاهدت هروب ضابطين وعدد من العناصر بعد استهداف مقر ميليشيا فاطميون في بلدة التبني في ريف دير الزور الغربي بغارة جوية قيل إنها من طائرات إسرائيليةـ، كنت موجودة في المنطقة وذهبت بعدها إلى منزلي الواقع في البلدة المجاورة، توالت الأخبار وعرفنا أنه تم استهداف عدة مقرات في المنطقة ونقل المصابين والقتلى على إثرها إلى مستشفى الفرات ومراكز طبية أخرى في مدينة دير الزور، وتم نقل البعض من مصابي الحرس الثوري الإيراني إلى العراق لمعالجتهم هناك."

وأضاف: "بدا الأمر جدياً ويمكن أن تتكرر هذه الغارات خاصة عندما رأينا هروب الضباط إلى خارج المدينة وإفراغ المقرات القديمة ونقل العتاد منها وتحويل منازل المدنيين إلى مقرات جديدة. وجدت من حالة الفوضى هذه فرصة للهروب بعد إجباري على الانضمام لصفوف الحرس الثوري الإيراني مؤخراً من خلال تهديدي بالاعتقال والاعتداء على عائلتي، ولجأت إلى منزل أحد معارفي في مدينة أخرى خاضعة هي الأخرى لسيطرة ميليشيا أسد، ولا أعرف متى سيتم القبض علي كما قبض على من فر من رفاقي الآخرين، أو ربما أحظى بفرصة للخروج من هنا".

نقل الأسلحة وتطويع عناصر جدد

قامت قوات الحرس الثوري الإيراني بنقل الأسلحة الثقيلة والعتاد الموجود في مقراتها إلى منطقة الجمعيات التي تعتبر من أهم المناطق التي تتمركز بها في مدينة البوكمال شرق دير الزور لتقوم بإرسالها إلى الأراضي العراقية عبر شاحنتين حملت بالصواريخ والذخائر تحت إشراف وحراسة الحشد الشيعي العراقي.

سلكت الشاحنتان الطريق الذي تسيطر عليه الميليشيات الإيرانية، حيث توجهت هذه الشاحنات إلى مدينة العبيدي المجاورة لمدينة القائم، لتدخل الأراضي العراقية من معبر السكك الخاضع لسيطرة حزب الله العراقي على الحدود بين سوريا والعراق.

في الوقت نفسه يعمل الحرس الثوري على تطويع عناصر جدد في صفوفه عن طريق ترغيبهم بامتيازات أو من خلال مضايقتهم وتهديدهم بالاعتقال في حال رفضهم، ويخضع المتطوعين لدورات تدريبية يتم بعدها فرزهم وتوزيعهم على المقرات والحواجز التابعة للحرس.

ويقول وائل علوان باحث في مركز جسور للدراسات في تصريح لأورينت نت: "توجد الميليشيات الإيرانية في عدة مناطق سورية وتسعى من خلال وجودها للتوسع لكن الأمر في الشرق مختلف فموقع المنطقة الجغرافي الذي يصل إلى إيران عبر العراق، وأيضاً حدود المنطقة مع الأردن وإسرائيل يعطيها أهمية كبيرة وتتموضع أهم قواعدها في سوريا في تلك المنطقة مثل قاعدة الإمام علي في البوكمال،,ونرى أنها الجهة المسيطرة هناك في غياب كامل لقوات النظام السوري الأمر الذي يثير مخاوف إسرائيل في المنطقة وهذا ما لن ترضى عنه الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً."

ويشير إلى أن الغارات الإسرائيلية كانت واسعة جداً على خلاف الغارات السابقة، فكانت المقاتلات تستهدف مواقع نوعية كالتي تستخدم في تطوير الصواريخ والأسلحة، لكن الغارات الأخيرة استهدفت 17 مركزاً لعل أبرزها مبنى الأمن العسكري ومقرات للحرس الثوري الإيراني وخلّف الاستهداف عددا كبيرا من المقاتلين الإيرانيين. هذا يدل على تغير في السياسة الإسرائيلية حيث أصبحت تستهدف الوجود الإيراني في المنطقة."

ويضيف علوان إن "الغارات الإسرائيلية لن تتوقف عند هذا الحد بل من المتوقع أن تزداد من خلال استهداف القوى الإيرانية والشيعية في جميع مدن سوريا كمدينتي حلب وحمص، إضافة إلى معاقلها في مدينتي دير الزور والرقة في الشرق وستستمر هذه الغارات حتى القضاء على وجود هذه الميليشيات في المنطقة".

وكانت طائرات يرجع أنها إسرائيلية شنت في الثالث عشر من الشهر الجاري أكثر من 30 غارة جوية على مواقع ومقرات إيرانية في محافظة دير الزور شرق سوريا في هجوم قتل فيه ما يزيد عن 17 مقاتلاً في صفوف ميليشيات إيرانية وأصيب فيه ما لا يقل عن 25 جريحاً حسب مواقع محلية.

التعليقات (1)

    ابو كرم

    ·منذ 3 سنوات شهرين
    سبحان الله كم انتم اقوياء كلو طلب عدم ذكر لسمو
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات