تصدر أخبار العالم ووصفوه بمعارض بوتين الشرس.. من هو نافالني الذي سممته روسيا ثمّ اعتقلته فور عودته من العلاج؟

تصدر أخبار العالم ووصفوه بمعارض بوتين الشرس.. من هو نافالني الذي سممته روسيا ثمّ اعتقلته فور عودته من العلاج؟
تصدّر خبر اعتقال المعارض الروسي أليكسي نافالني، اليوم الإثنين، فور وصوله إلى موسكو من رحلة علاج في ألمانيا استمرت عدة أشهر، وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وبينما ركزت وسائل الإعلام العالمية على إدانة اعتقال المعارض وحرمانه من نشاطه السلمي والمطالبات الفورية بالإفراج عنه، ركز الإعلام الروسي المهيمن عليه من قبل الرئيس  الروسي فلاديمير بوتين على تبرير عملية الاعتقال بقضايا جنائية وليست سياسية.

من هو أليكسي نافالني؟ 

اكتسب المحامي والناشط السياسي الروسي أليكسي نافالني (44عاما) شهرة  واسعة في روسيا منذ عام 2009، كناقد للفساد، وخاصة  للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى أطلق عليه مناصروه و وسائل إعلام غربية بمعارض بوتين الشرس.

 واستثمر نافلني مدونته على موقع لايف جورنال لتنظيم مظاهرات واسعة النطاق لمعالجة هذه القضايا، كما كان يكتب مقالات دورية في العديد من المنشورات الروسية، مثل فوربس روسيا ينتقد فيها فساد الحكومة في روسيا وعلى رأسها بوتين.

وتزعم بعد عام 2011 حزب التحالف الشعبي وهو حزب رفضت السلطات تسجيله رسميا، ولكن نافالني استطاع رغم ذلك أن يترشح رسميا لمنصب عمدة موسكو في أيلول 2013.

 لكن القضاء الروسي وجّه له قبل خوض تجهيز حملته الانتخابية تهم فساد والتخطيط لسرقة 16 مليون روبل من شركة أخشاب مملوكة للدولة أثناء عمله مستشارا لحاكم منطقة كيروف عام 2009، وطالب ممثلو الادعاء توقيع عقوبة السجن لمدة ست سنوات لهذه التهمة.

و في 18 حزيران حكمت إحدى محاكم كيروف بسجنه 5 سنوات مع دفع غرامة قدرها 500 ألف روبل.

أثارت هذه القضية التي اتهم فيها أليكسي ردود فعل داخل روسيا وخارجها، فقد قال ميخائيل غورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفيتي إن "استخدام القضاء في الخلاف ضد خصوم سياسيين – في الإشارة إلى الرئيس بوتين - غير مقبول" وقال إن مجمل القضية "تؤكد مع الأسف أنه ليس لدينا قضاء مستقل". 

بينما قالت كاثرين آشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن الحكم يطرح أسئلة خطيرة حول وضع حكم القانون في روسيا.

قصة تسميمه 

في 20  آب 2020، وبينما كان نافالني يستقل طائرة من سيبيريا إلى موسكو، فقد وعيه واضطرت الطائرة للهبوط حيث نقل نافالني إلى مستشفى الطوارئ بمدينة أومسك الروسية وُوضع بعدها على جهاز تنفس اصطناعي، وتحدثت ناطقة باسمه عن شبهة تسمم تعرّضَ لها.

 وذكر نائب مدير المستشفى بأن الأطباء يفعلون ما بوسعهم "لإنقاذ حياته" وأنه لم يتم تشخيص حالته بالتسمم بعد ولكنها وصفت بالخطيرة.

 وفي 21 آب 2020، سمح أطباء المستشفى بنقل نافالني على متن طائرة إلى ألمانيا لتلقي العلاج، وذلك بناءً على طلب من زوجته يوليا نافالنا تقدمت به إلى الرئيس الروسي، حيث تم نقله على متن سيارة إسعاف من المستشفى ترافقها سيارات الشرطة إلى المطار، وكان في استقبالهم حينذاك أطباء ألمان لنقله إلى عيادة " شاريتيه " بمدينة برلين. 

وبحسب قولهم فإن حالة الناشط الروسي مستقرة ولكنها حرجة.

رحلة العلاج 

وصل المعارض الروسي إلى برلين وهو في غيبوبة استمرت 48 ساعة، ورغم تحسن حالته بعد حوالي 15 يوما، إلا أنه بقي في ألمانيا عدة أشهر – أي حتى عودته أمس واعتقاله-

 وخلال فترة العلاج، خلصت ثلاثة مختبرات أوروبية إلى أنه سمّم بمادة نوفيتشوك التي طورت خلال الحقبة السوفياتية من أجل أغراض عسكرية. وهذا الاستنتاج أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رغم نفي موسكو المتكرر حسبما نقلت وكالة فرانس برس وعدد من وكالات الأنباء العالمية.

ويقول نافالني إن أجهزة الأمن الروسية دبرت عملية لاغتياله بأمر مباشر من بوتين.

وتنفي موسكو عملية التسميم جملة وتفصيلا رغم نتائج المختبرات الأوروبية التي تثبت أنه تعرض للتسمم، منددة بهذه الرواية التي اعتبرت أنها مؤامرة غربية.

وحتى الآن، ترفض روسيا فتح تحقيق جنائي لمعرفة ما حصل لنافالني، بحجة أن ألمانيا ترفض نقل بياناتها إلى روسيا.

لكن ألمانيا أعلنت السبت أنها أرسلت إلى موسكو غالبية عناصر التحقيق القضائي المتعلق بقضية التسميم المفترض لنافالني. وتضم عناصر الملف الذي نقل إلى السلطات القضائية الروسية خصوصا "محاضر جلسات استجواب" نافالني من قبل المحققين الألمان فضلا عن "عينات دم وأنسجة وقطع ملابس". 

وقالت ألمانيا إنها تنتظر الآن من موسكو أن "تُلقي الضوء على هذه الجريمة".

اعتقال نافالني 

وأمس 17 كانون الثاني 2021، اعتقلت مصلحة إنفاذ القانون الروسية المعارض نافالني فور وصوله مطار شيريميتييفو الدولي في العاصمة الروسية موسكو قادما من ألمانيا بموجب مذكرة سابقة صادرة بحقه بتهمة الاحتيال.

 وقال نافالني "أنا لست خائفا. أنا أعرف أني على حق.. وأن القضية الجنائية المرفوعة ضدي ملفقة".

وكان أكثر من ألفي شخص أعلنوا على فيس بوك أنهم يعتزمون الحضور والترحيب بنافالني، لكن القضاء حذر من المشاركة في أي "حدث عام" غير مسموح به في المطار.

لكن السلطات الروسية غيرت مسار طائرة المعارض الروسي إلى المطار المذكور بعد أن كان الهبوط مقررا في مطار فنوكوفو، كما أنها اعتقلت بعض الصحفيين المؤيدين للمعارض الروسي.

وذكرت قناة الحرة أن الجريمة الوحيدة التي اقترفها أولئك الصحفيون والناشطون "هي الرغبة في استقبال أليكسي نافالني أو تغطية نبأ وصوله".

وتقول سلطات السجون الروسية إن نافالني لم يحترم حين كان في ألمانيا شروط الحكم بالسجن مع وقف التنفيذ الصادر ضده عام 2014 والذي يلزمه بالتوجه مرتين في الشهر على الأقل إلى إدارة السجون.

 وفي نهاية كانون الأول/ديسمبر، فتح في حق نافالني تحقيق بتهمة حصول "احتيال واسع النطاق". وأشارت لجنة التحقيق الفدرالية الروسية إلى أن شبهات تحوم حول إنفاق نافالني مبلغ 356 مليون روبل (3,9 مليون يورو حسب سعر الصرف الحالي) لأغراض شخصية، كان مصدرها تبرعات جمعتها منظمات "عدة"، خصوصا جمعيات تكافح الفساد أو معنية بحماية حقوق الإنسان "يديرها نافالني".

إدانات دولية واسعة وروسيا ترد

دانت أمريكا ودول الاتحاد الأوربي ومنظمات دولية حقوقية على رأسها منظمة العفو الدولية، اعتقال المعارض الروسي نافالني ودعت لإطلاق سراحه فورا.

وطالبت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، السلطات الروسية بالإفراج "الفوري وغير المشروط" عن المعارض نافالني، وفق قناة الحرة الأمريكية.

وقالت المنظمة في بيان إن "السلطات الروسية شنت كافة أنواع الحملات الشرسة ضد نافالني بينما كان يتعافى في ألمانيا، وخدمة السجون الروسية طالبته بالمثول فورا أمام مسؤول عن مراقبة المفرج عنهم بناء على اتهامات مدفوعة سياسيا بحقه، والآن تم احتجازه "بسبب عدة خروقات لشروط الإفراج عنه".

وطالبت المنظمة أيضا السلطات بالإفراج عن مؤيدي نافالني والصحفيين الذين تم اعتقالهم خلال محاولتهم استقبال المعارض الروسي في مطار فنوكوفو، مضيفة أن "جريمتهم الوحيدة، هي الرغبة في استقبال أليكسي نافالني أو تغطية نبأ وصوله".

وأشارت المنظمة إلى أن نافالني "حرم من حريته ونشاطه السلمي السياسي وممارسة حرية التعبير.. أمنستي إنترناشونال تعتبره سجينا للضمير، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه".

ودعت أمنستي موسكو مجددا إلى فتح تحقيق في قضية تسميم نافالني ومحاسبة المسؤولين وإنهاء حملة "التهديد والقمع السياسي ضد منتقديها".

وبدوره قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في بيان إن "الولايات المتحدة تدين بشدة قرار روسيا اعتقال أليكسي نافالني"، معتبراً أن "اعتقاله هو الأحدث في سلسلة من المحاولات لإسكات نافالني وشخصيات معارضة أخرى وأصوات مستقلة تنتقد السلطات الروسية".

وأضاف الوزير في بيانه أن "القادة الواثقين لا يخافون الأصوات المعارضة، ولا حتى العنف ضدهم أو يحتجزون المعارضين السياسيين قسرا، فالشعب الروسي، كما الشعوب في كل مكان، يستحق حكومة تدعم سوقا مفتوحة للأفكار وحكما يتّسم بالشفافية والمحاسبة ونظاما قضائيا مستقلا، والقدرة على ممارسة أبسط حقوق الأنسان في التعبير عن الرأي دون الخوف من العقوبة".

وكان جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، قد أكد الأحد على أنه "ينبغي الإفراج فورا" عن نافالني.

وبدوره دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، موسكو لإطلاق سراح المعارض أليكسي نافالني.

واعتبر ميشيل في تغريدة عبر تويتر أنّ اعتقال نافالني "غير مقبول".

من جانبه، طالب مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة عبر تويتر، موسكو بصون حقوق نافالني.

في حين ردت موسكو على بيانات الإدانة ودعوات الإفراج عبر المتحدث باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، معتبرة أن عملية الاعتقال شأن داخلي.

وقالت زاخاروفا كما ترجم موقع روسيا اليومإنها تود نصح السياسيين الأجانب الذين يعلقون على الوضع حول أليكسي نافالني، باحترام القانون الدولي.

وأضافت، أنها تنصحهم كذلك، بعدم التطاول على التشريعات الوطنية للدول ذات السيادة، والتركيز على المشاكل الموجودة في بلدانهم.  

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات