الحياة وسط الألغام: معاناة الشمال السوري مع الموت المتنقل.. كيف ننهي فصولها؟

الحياة وسط الألغام: معاناة الشمال السوري مع الموت المتنقل.. كيف ننهي فصولها؟
لم تكتفِ ميليشيا أسد على مدار السنوات الماضية باستخدام أدوات متعددة لقتل الشعب السوري، من براميل متفجرة وصواريخ وأسلحة كيماوية، بل عمدت إلى أداة جديدة وهي زراعة الألغام في الأراضي الزراعية في المناطق المتاخمة المقابلة لسيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري.

هذه الألغام أدت إلى مقتل عشرات المدنيين الذي ذهبوا لتفقد أرزاقهم وأراضيهم في ريف إدلب الجنوبي ومنطقة سراقب بعد دخولهم إليها بشكل متخفٍ خوفاً من كشفهم من قبل عصابات أسد المسيطرة على المنطقة.

وتعتمد ميليشيا أسد على تلغيم الطرقات والحقول في المناطق والبلدات التي تسيطر عليها، بالإضافة إلى زراعة الألغام بشكل عشوائي، كذلك قامت بزراعة ألغام ببيوت المدنيين وتفجيرها، وذلك بهدف رصد مواقع الفصائل على الجبهات في ريف إدلب الجنوبي.

سياسة ميليشيا أسد لقتل المدنيين

وتعتبر الألغام الأرضية إحدى المظاهر التي تميّزَ بها موت السوريين خلال العام 2020. ويقول محمد علاء، هو أحد المدنيين الذي فقد أخاه نتيجة وقوعه في حقل ألغام زرعته ميليشيا أسد في ريف الجنوبي:" كان أخي يعاني من ضائقة مادية نتيجة البطالة، لذلك قرر المغامرة في حياته والدخول إلى البلدة التي تعد خطاً للقتال مع قوات الأسد، وبعد دخوله وبدء قطف موسم التين فجر فيه أحد الألغام، حيث توفي على الفور".

ويضيف في حديثه لأورينت نت قائلا:" لم نستطع سحب جثته حتى بعد 6 ساعات ومع حلول الظلام، بسبب كشفه من قبل نيران قوات الأسد حيث كانت المليشيات تستهدف أي حركة في المنطقة، لذلك كنا نخشى من تفجير الميليشيات ألغاماً أخرى تعرضنا للخطر".

وحول مقتل عدد من المدنيين بسبب الألغام التي تزرعها الميليشيات يوضح "بعد 15 يوما من وفاة أخي تعرضت مجموعة أخرى من المدنيين للوقوع في حقل ألغام كانوا يريدون رؤية أرزاقهم، حيث توفي ثلاثة أشخاص بينهم طفل، وجرح آخرون نتيجة تعمد قوات الأسد تفجير الألغام فيهم عن بعد، وهي سياسة باتت ممنهجة من قبل الميليشيات".

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” سقوط 109 مدنيين بينهم 23 طفلا بسبب الألغام خلال العام 2020. قتل منهم 5 في كانون الأول الماضي بينهم طفلان، بحسب تقرير الشبكة الصادر في 1كانون الثاني الجاري، الذي أكد أن "الناس سقطوا ضحية هذه المتفجرات على نحوٍ مستمر".

تكتيك عسكري

عبد الكريم الحسن وهو أحد مقاتلي الجبهة الوطنية للتحرير على جبهة جبل الزاوية يقول لأورينت نت:" المنطقة التي نرابط فيها نقوم بوضع ألغام في مناطق محددة لمنع ميليشيا أسد من التقدم من هذه المحاور، حيث يستفقد مسؤول الألغام مكانها بشكل مستمر، وذلك من أجل إزالتها في حال نشبت معركة مع النظام أو تم تغيير مناطق الجبهات، لكيلا يقع المدنيون ضحية لهذه الألغام".

ويضيف في حديثه" في المناطق التي نسيطر نمنع المدنيين من الاقتراب ونحذرهم بأن المناطق يمكن أن يوجد فيها ألغام زرعتها الميليشيات أثناء المعارك، ولكن هناك بعض المدنيين يدخلون إلى مناطقهم دون الاكتراث للمخاطر، ويتعرضون للوقوع في حقول الألغام التي زرعتها الميليشيات في المنطقة".

وتعتبر الألغام الأرضية سلاحا يستخدم في المعارك بين جميع الأطراف بهدف إيقاع خسائر في الأفراد، وعدم تقدم قوات المشاة ولكن ميليشيا أسد تعمدت استهداف المدنيين فيها، من خلال تفجيرها فيهم عن بعد وكذلك زراعتها بشكل عشوائي في الحقول الزراعية.

زراعة آلاف الألغام

وقد تمكنت فرق الدفاع المدني من تشكيل فرقة إزالة الذخائر عام 2016  من إزالة 23,322 لغماً متفجراً، بينها أكثر من عشرين ألف قنبلة عنقودية وأكثر من ستمئة قنبلة تم إزالتها منذ نهاية نيسان 2019 حتى اليوم.

العميد محمد الخالد يقول لأورينت نت: "الألغام الأرضية والقنابل العنقودية الأشد فتكاً بين مجموعة "القتلة المتخفين" الذين يتربصون بسكان سوريا حيث إن النظام السوري لم يكتفِ بعمليات القصف لقتل المدنيين إنما قام بزراعة آلاف الألغام التي ستقتل المدنيين حتى أعوام طويلة".

ويضيف في حديثه" يجب توخي الحذر في المناطق السكنية التي شهدت معارك سابقة، نتيجة ارتفاع مخاطر وجود قنابل غير منفجرة وألغام أرضية، إضافة إلى الأراضي والمناطق الزراعية ومكبّات النفايات والمناطق الصخرية، حيث تُعدّ هذه المناطق من أكثر الأماكن خطورة باعتبارها حاضناً لمخلفات الحرب".

وكانت الأمم المتحدة حذرت خلال الأشهر الماضية، من تعرض حياة أكثر من 10 ملايين سوري للتهديد، بسبب وجودهم في مناطق "ملوثة بالألغام"، معتبرة أن ذلك مصدر كبير للخطر.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات