تنكيل إسرائيلي بميليشيات إيران في سوريا وحزب الله يغمض عينيه: هل تتواصل مرحلة الاجتثاث بعد قدوم بايدن؟

تنكيل إسرائيلي بميليشيات إيران في سوريا وحزب الله يغمض عينيه: هل تتواصل مرحلة الاجتثاث بعد قدوم بايدن؟
شكّلت الضربات الإسرائيلية الأخيرة والتي تعتبر الأكبر على مواقع ميليشيات إيران داخل الأراضي السورية، تحولاً لافتاً في وتيرة التصعيد الإسرائيلي- الأمريكي تجاه الوجود الإيراني في المنطقة، خاصة أن الضربة استهدفت المعقل الرئيسي للميليشيات في المنطقة الشرقية بشكل غير مسبوق، في سباق مع الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس دونالد ترامب.

واستهدفت الغارات الإسرائيلة مواقع عسكرية لميليشيات إيران (زينبيون وفاطميون وحزب الله والحرس الثوري وفيلق القدس) في المنطقة الشرقية لسوريا، وتحديدا مدينة دير الزور ومنطقة الميادين والبوكمال، بنحو 50 غارة استهدفت ما يزيد عن 15 موقعا في تلك المناطق المحاذية للحدود العراقية.

وشملت الغارات فرع المخابرات العسكرية في دير الزور ونقطة عسكرية قرب مطار المدينة العسكري ومحيط الفرن الآلي ونقطة أخرى قرب كلية التربية في حي العمال وتدمير مستودعات ضخمة في منطقة عياش، إضافة لمواقع الميليشيات في منطقة المزارع والقورية في قطاع الميادين، إلى جانب قاعدة الإمام علي في البوكمال ومواقع أخرى أبرزها منطقة السيبة على الطريق الدولي التابعة للبادية.

ويأتي التطور اللافت في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته التي اتخذت خطوات مشددة في الأشهر والعامين الماضيين تجاه إيران على الصعيد الداخلي بما يتعلق بالملف النووي والنشاط الصاروخي الذي قوبل بعقوبات صارمة، إضافة لاستهداف رأس حربة ميليشياتها وأبرزها اغتيال قاسم سليماني العام الماضي، والعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده قبل أشهر.

ونفت إيران عبر إعلامها الرسمي وقوع قتلى إيرانيين جراء تلك الغارات، لكن الأنباء أشارت إلى أن حصيلة الغارات الأخيرة بلغت 57 قتيلا، منها 9 عناصر من ميليشيا أسد وأكثر من 30 آخرين من الميليشيات الإيرانية وأغلبهم من الجنسية العراقية.

فيما نشرت شبكة "صدى الشرقية"، صوراً خاصة لفرع الأمن العسكري وسط دير الزور، وتظهر دماراً واسعا خلفه القصف الذي يطال ذلك الفرع للمرة الأولى، مشيرة إلى مقتل 16 عنصرا بينهم عقيد وإصابة 20 آخرين بينهم حالات خطرة في الفرع على وجه التحديد.

ضربة مختلفة وموجعة

يعتبر المحلل العسكري العقيد حاتم الراوي في حوار مع أورينت نت، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة "لها لون مختلف عن الضربات السابقة التي كانت تقتصر على تحرك أو معلومات ما"، مضيفا "لكن هذه المرة رُفعت إلى درجة الاجتثاث، وإذا استمرت الضربات بهذه الوتيرة فنحن ذاهبون إلى اجتثاث كامل للميليشيات الإيرانية في المنطقة"، وما يؤكد حجم تلك الضربات أنها طالت معظم المواقع الإيرانية في ثلاث مدن تعتبر المعقل الرئيسي لإيران في سوريا، بحسب الراوي.

ويستند المحلل العسكري على أخبار محلية وصلته من المشفى العسكري في دير الزور وتفيد بوجود أكوام من جثث قتلى ميليشيا أسد وميليشيات إيران داخل المشفى ويقول: "هذا مؤشر أن القصف كان موجعا لتلك الميليشيات".

استغلال الأيام الأخيرة

يرى المحلل السياسي الدكتور رامي الخليفة العلي في حوار مع أورينت نت، أن إسرائيل تحاول استغلال الأيام الأخيرة لإدارة ترامب لأنها تشكل غطاءً أمريكيا لتحركاتها تجاه إيران في المنطقة، مضيفا أن "إسرائيل وإدارة ترامب يتوقعان تغيرا جذريا في سياسة إدارة بايدن المقبلة تجاه إيران، وقد تتشابه مع سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، ما يدفع الحليفين لتكثيف الضربات الإسرائيلية على ميليشيات إيران في سوريا".

غير أن التصعيد الثنائي من تل أبيب وواشنطن تجاه نظام الملالي في طهران، يزيد أسباب التصعيد اللافت على الميليشيات الإيرانية، وخاصة أن "سوريا تعد إحدى الساحات الرئيسية للصراع بين الأطراف في المنطقة"، بحسب الخليفة.

وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أشارت قبل أيام إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المواقع العسكرية في سوريا ستزداد وتتضاعف في الفترة المقبلة، وستركز بشكل أساسي على الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى وحتى الصواريخ التقليدية، وذلك بعد فشل الحلول السياسية لإخراج ميليشيات إيران من سوريا، بحسب تعبيرها.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت عن المحلل العسكري، عاموس هرئيل، قبل يومين أن الأسبوع المقبل سيكون "أسبوعا غير هادئ في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأسبوع المتبقي لولاية ترامب، لكن المحلل نقل عن مصادر أمنية إسرائيلية تفيد بعدم وجود نية حقيقية لدى واشنطن لشن عملية عسكرية متوقعة تجاه إيران قبل ترك ترامب للسلطة، لكن تبقى السيناريوهات مفتوحة بين تل أبيب وطهران وفق التطورات على الأرض، بحسب الصحيفة.

أسباب وراء التصعيد الأعنف

كشفت مصادر استخباراتية أمريكية أسباب الغارات الإسرائيلية المكثفة على مواقع الميليشيات الإيرانية في المنطقة الشرقية لسوريا، ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول أمريكي (رفيع) قوله إن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا "نفذت بمعلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية واستهدفت سلسلة من المستودعات التي تستخدمها إيران كجزء من خط الأنابيب التي تستخدمها لتخزين الأسلحة.

وأوضح المسؤول (المطلع على حيثيات الهجوم) أن تلك المستودعات المستهدفة في مناطق دير الزور والبوكمال بالقرب من الحدود العراقية، "كانت بمثابة خط أنابيب للمكونات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني".

وبحسب المسؤول الأمريكي فإن وزير خارجية بلاده مايك بومبيو، بحث تلك الغارات مع رئيس الموساد بـ (وكالة التجسس الإسرائيلية) يوسي كوهين، أمس الثلاثاء خلال لقاء جمع الطرفين في مقهى ميلانو بالعاصمة واشنطن.

كما أشار محللون عسكريون إلى طائرة أمريكية من طراز " E8c" (نظام رادار مراقبة الهدف) كانت تحلق في أجواء المنطقة الشرقية تزامنا مع توقيت الغارات الإسرائيلية، مشيرين إلى أن تلك الطائرة كانت تنقل معلومات استخباراتية لإسرائيل تخص المواقع والشخصيات المستهدفة.

روسيا شريك غير معلن

في غضون التصعيد الإسرائيلي اللافت على مناطق شرق سوريا، وردت معلومات محلية متقاطعة حول إخلاء الاحتلال الروسي لمعظم مواقعه في دير الزور والبوكمال قبل ساعات على بدء الغارات الأخيرة، بما يشير إلى علم روسي مسبق بتلك الضربات على مواقع ميليشيات إيران "الشريكة المزعومة" لروسيا في سوريا.

يعتقد المحلل العسكري حاتم الراوي أن روسيا تشترك بشكل غير مباشر مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي الرافض للوجود الإيراني في سوريا، مستندا بذلك على الضربات الروسية الأخيرة على مواقع الميليشيات الإيرانية في البادية السورية خلال الأيام الماضية حيث يقول: "روسيا استهدفت البادية بأكثر من 200 غارة جوية بحجة استهداف تنظيم داعش، بينما وردتنا أخبار أن الغارات الروسية استهدفت الميليشيات الإيرانية". مضيفا أن "روسيا مشتركة في الحرب الإسرائيلية الأمريكية ضد الوجود الإيراني على الأراضي السورية ولكن بشكل غير معلن".

فيما يرى المحلل السياسي رامي الخليفة أن الموقف الروسي منسجم مع الشروط الأمريكية والإسرائيلية التي سمحت بتدخله العسكري في سوريا عام 2015 لصالح ميليشيا أسد، و"أبرزها عدم التدخل أو الاعتراض على أي عمل عسكري لواشنطن أو تل أبيب قد يستهدف أطراف من المعارضة أو الجماعات الجهادية أو حتى الميليشيات الإيرانية، الأمر الذي تستند عليه التحركات الإسرائيلية على الأراضي السورية دون وجود معارضة روسية.

ويوضح المحلل بقوله: "روسيا على اطلاع بهذه الهجمات (الإسرائيلية وحتى الأمريكية) ولا ترغب حتى بمعارضتها، ما يعني أنها موافقة في حال حدوثها"، في إشارة للهجمات التي استهدفت الميليشيات الإيرانية.

تصعيد سابق ومتواصل

وتعتبر الضربات الأخيرة على ميليشيات إيران في سوريا، الثانية من قبل إسرائيل منذ بدء العام الجديد 2021، بعد غارات وقعت الأسبوع الماضي واستهدفت الفرقة الأولى التابعة لميليشيا أسد في منطقة الكسوة بريف دمشق الغربي، وكتيبة الردار غرب بلدة الدور بريف السويداء الغربي، وكتيبة "نجران" الواقعة شرق بلدة ناحتة بريف درعا.

سبق ذلك غارات استهدفت مواقع لميليشيات إيران في جبل النبي هابيل بمنطقة الزبداني بريف دمشق نهاية الشهر الماضي، وقبلها غارات أخرى على مركز البحوث العلمية بمنطقة مصياف، وأسفرت عن تدمير أربعة مبان عسكرية يعتقد أنها مواقع لتصنيع الصواريخ وتركيب الرؤوس الحربية للصواريخ ومقتل نحو تسعة عناصر سوريين وإيرانيين.

وكثفت تل أبيب من إجراءاتها العسكرية والسياسية في الأسابيع والأشهر الماضية، لمواجهة خطر إيران وميليشياتها في المنطقة وبالقرب من حدودها، في إطار مواجهة الخطر الإيراني في المنطقة العربية وخاصة سوريا، وبتنسيق وتعاون أمريكي وعربي.

وكان الجيش الإسرائيلي قال إنه نفذ أكثر من 50 ضربة جوية في مناطق مختلفة في سوريا خلال عام 2020، وسط تهديدات متكررة بعدم السماح لإيران بالتموضع في سوريا.

وتشير التصريحات الإسرائيلة والأمريكية المتكررة في الآونة الأخيرة إلى إصرار الحليفين (تل أبيب وواشنطن) على طرد ميليشيات إيران بشكل كامل من الأراضي السورية، في إطار حماية الحدود الإسرائيلية من جهة، وضمن الجهود الرامية للحد من قوة طهران الداخلية والخارجية.

التعليقات (1)

    ابو نايف الغوري

    ·منذ 3 سنوات شهرين
    كيف يمكن تفسير هذه الضربات الموجعة مع تفاسير سابقة ان ايران واسرائيل حلفاء
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات