"تشبه مكعب روبيك".. مركز أمريكي يكشف عن 4 تحديات كبيرة تهدد نظام أسد في 2021

"تشبه مكعب روبيك".. مركز أمريكي يكشف عن 4 تحديات كبيرة تهدد نظام أسد في 2021
كشف مركز أبحاث أمريكي شهير عن 4 تحديات وصفها بالدقيقة والمعقدة تهدد نظام أسد في سوريا خلال العام الجاري 2021.

وفي تقرير موسع لمركز أبحاث "المجلس الأطلسي" نشره على موقعه في الحادي عشر من الشهر الجاري فإن العقبات أو التحديات الأربعة تتمثل الانهيار الاقتصادي والاستياء الاجتماعي والجمود العسكري وأزمة الصحة العامة بالتزامن مع انتشار كوفيد -19.

وجاء في التقرير الذي أعده الباحثان المختصان في قضايا السياسة والأمن في سوريا والشرق الأوسط نزار محمد وعبد الرحمن المصري، أنه رغم نجاة نظام بشار أسد بعد عقد من الزمان من التهديد الوجودي، فإنه لايزال يواجه تهديدات كبيرة ومعقدة تشبه لعبة مكعب روبيك، وقد ينتهي الأمر بالنظام إلى أن يخطو خطوة أخرى بعيداً عن تحقيق التوازن الدقيق بين هذه التحديات، الأمر الذي يهدد استمراريته بشكل كبير.

واستعرض الباحثان التحديات الأربعة بشكل تفصيلي، كل واحد منها على حده، مشيرين إلى أبعادها ومخاطرها على بقاء النظام.

الانهيار الاقتصادي والاستياء الاجتماعي

افتتح الباحثان التهديدات بالتحديين الاقتصادي والاستياء الاجتماعي وقد جمعاهما مع بعضهما للعلاقة المتينة والتأثير المتبادل بينهما.

وجاء في  هذا الباب أن الاقتصاد السوري في أسوأ مستوياته منذ عام 2011. وقد أدى الصراع، الذي زاد من تفاقمه الفساد وسوء الإدارة، إلى انهيار غير مسبوق للنشاط الاقتصادي لنظام أسد، والذي انخفض بنسبة تزيد عن 60٪. 

وتشير التقديرات إلى أن الليرة السورية فقدت 97 في المئة من قيمتها قبل الحرب، في حين ارتفع معدل الفقر إلى 90 في المئة.

ورجح الباحثان أن يستمر الشعور بصدى مثل هذا الضمور الاقتصادي عام 2021. وسط المزيد من الضعف لمؤسسات الدولة، ومن المتوقع أن يستمر تدافع النظام لتوفير الخدمات والحفاظ على سلاسل التوريد.

 كما أن الوصول المحدود إلى حقول النفط والقمح التي يقع معظمها خارج نطاق سيطرته سيعمق الاختلالات المالية لنظام أسد، وعدم قدرته على توفير الخدمات الرئيسية وسط انعدام الأمن الغذائي والطاقة، والاعتماد على واردات الائتمان من الحلفاء الأجانب مثل إيران وروسيا.

وذكر الباحثان أن تطبيق الولايات المتحدة لجولة جديدة من العقوبات بموجب قانون قيصر أدى إلى تفاقم العجز المالي لنظام أسد، إضافة إلى إعاقة الزخم نحو التطبيع على الصعيدين الإقليمي والدولي. على نحو تتضاءل معه آمال النظام في الحصول على تمويل أجنبي لإعادة الإعمار.

وفي ضوء ذلك، يتزايد استياء السوريين في مناطق سيطرة النظام من عدم قدرة مؤسساته على توفير الخدمات الأساسية، وقد بات  يواجه احتجاجات غير مسبوقه بعد سنوات من الحرب والكساد الاقتصادي والفساد الواضح المتزايد حتى من داخل المجتمعات "الموالية".

ولفت الباحثان إلى أن انتشار الطوابير على الوقود والخبز وارتفاع الأسعار الباهظ وانهيار قيمة العملة، وانعدام حتى وسائل الطهي والتدفئة أمر لا يمكن تحمله في المدى المنظور.

ورغم أن النظام لا يهتم برفاهية شعبه، لكنه يدرك أن الوضع الراهن بات غير محتمل، خاصة مع فشله في قمع شبكات المنتفعين الخاصة به وهو ما يغذي الاستياء في جميع أنحاء المجتمع السوري، كما يرى الباحثان.

الجمود العسكري

رغم المكاسب التي حققتها ميليشيا أسد مؤخرا شمال سوريا وزادت من نسبة سيطرتها على الأرض لتصل بحدود 65 في المئة، فإن هناك مؤشرات قوية تشير إلى أن عام 2021 سيضع قيوداً كبيرة على طموح النظام في استعادة الأراضي.

وتوقع الباحثان أن يواجه نظام أسد المزيد من العقبات في محاولة قضم الأراضي شمال غرب سوريا من قبل تركيا أو أن تقدمه سيكون بتكلفة أعلى بكثير، خاصة أن أنقرة استثمرت بشكل كبير في تلك المناطق ومن غير المرجح أن تتنازل عن المواقع الرئيسية في محافظة إدلب، خاصة وأن لها مصلحة واضحة في منع تحركات أكبر للاجئين نحو حدودها الجنوبية.

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تعطي موسكو الأولوية لعلاقتها المعقدة والهشة مع أنقرة ، والتي تشمل الحفاظ على الدوريات المشتركة في مناطق معينة. هذا يضعف فعليا طموحات النظام العملياتية، لأنه يدرك أنه لا يمكنه ترسيخ مكاسبه العسكرية أو شن هجمات دون غطاء جوي روسي، وأن العمليات التي لا تجيزها روسيا تنطوي على خسائر عسكرية كبيرة.

تحديات أمنية 

وفي الجنوب، من المتوقع أن يواجه نظام الأسد تحديات أمنية، حيث يتم اختبار سلطته الاسمية ضد تزايد الأعمال العدائية والسكان المستائين. 

ويقول الباحثان: رغم أن النظام تمكّن من السيطرة على محافظة درعا من خلال "اتفاق مصالحة" بوساطة روسية في عام 2018، فقد أظهر العامان الماضيان قدرة مسلحي المعارضة السابقين على الحفاظ على مقاومة مسلحة". 

وأضافا أنه منذ ذلك الحين، تزايدت وتيرة الهجمات المتفرقة ضد أفراد موالين للأسد وشدتها رغم إعادة دمج العديد من مسلحي الفصائل السابقين في الهيكل العسكري لميليشيا أسد كجزء من اللواء الثامن من الفيلق الخامس - وهو نموذج هجين روسي التصميم للحكومة الأمنية يعملون بموجبه بشكل شبه مستقل-.

ويعزو الباحثان أسباب زيادة التوترات الأمنية إلى الانتهاكات والاستفزازات من قبل القوات المتحالفة مع ميليشيا أسد – في إشارة إلى ميليشيات إيران- وبحسب الباحثان فهي تعمل بمثابة حاضنة للفصائل كي تستمر في العداء مع ميليشيا أسد ونظامها.

وفي عام 2021، وفقا للباحثين سيواجه النظام على الأغلب صراعاً متجدداً في درعا، للأسباب السابقة، فضلا عن استمرار موسكو توسيع مشاركتها مع قوات الأمن المحلية التابعة لتسلسل قيادي مختلف عن ميليشيا أسد والتي تعتمد على العنصر السني هناك بشكل أكبر وهو ما سيفقد ميليشيا أسد التوازن .

وعلاوة على ذلك، فمن المحتمل أن يواجه النظام تحديات مستمرة في الشمال الشرقي، فبينما كان الأسد يأمل في اختراق المناطق التي تسيطر عليها قسد التي يقودها الأكراد بشكل تدريجي وسط محاولات أمريكية لسحب القوات الأمريكية، فإن من المرجح أن تحافظ إدارة جو بايدن القادمة على وجودها في المنطقة وتعزز الجهود الدبلوماسية بين قسد وتركيا، ما سينعكس سلبا على النظام.

أزمة الصحة العامة بالتزامن مع كوفيد -19

 قادت أجهزة المخابرات التي تم دمجها في البداية في المستشفيات الجهود لتقليص الأعداد المعلنة بشكل مصطنع. فقد رصدت الحالات واستجوبت المرضى وأجبرت الأطباء على الكذب بشأن أسباب الوفاة سعياً لإبراز وهم السيطرة.

وبحسب الباحثين فإنه منذ ذلك الحين، قوضت هذه السياسة الجائرة بشكل منهجي الاستجابة للوباء من خلال إجبار موظفي القطاع العام والمعلمين على العمل وتحويل الموارد التي يتبرع بها المجتمع - مثل أسطوانات الأكسجين - إلى الشبكات المفضلة للنظام. 

وبرغم أن الأثرياء في وضع أفضل للبقاء على قيد الحياة، فإن البنية التحتية الصحية المدمرة للدولة السورية تعني أنه لا يوجد أحد محصن تماماً حيث شهدت دمشق ودير الزور والسويداء وحلب واللاذقية وطرطوس تفشي المرض طوال عام 2020 خاصة في ظل هذا التدهور الاقتصادي المتسارع.

وتوقع الباحثان أن تزداد حالات الإصابة بكورونا -مكذبين وزراة صحة أسد في الأرقام التي توردها- ، وذلك  نظراً للقيود الضئيلة الموضوعة للتخفيف من انتشار الفيروس وعدم كفاية نظام الرعاية الصحية، في خضم النقص في الموظفين والإمدادات، وبغياب تام لأي خطة واضحة لبرنامج التحصين.

وختم بالباحثان تقريرهما الموسع بالقول "بينما يسعى الأسد إلى شن حملة من أجل الانتخابات الهزلية في سوريا - والتي من شأنها أن تنتهك الاتفاقية الدولية للحل السياسي بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 - يبدو أنه غير قادر على معالجة التحديات السابقة الرئيسة منها والفرعية، والتي من شأنها أن تهدد استمراريته بشكل كبير.

مكعب روبيك

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات