تصريحان لروسيا يفضحان كذبها لسنوات ويشيّعان لجنتها الدستورية

تصريحان لروسيا يفضحان كذبها لسنوات ويشيّعان لجنتها الدستورية
رغم أن "الكذب" الروسي في الملف السوري سابق وليس مفاجئاً، غير أن المستغرب هو أن يخرج قادة المحتل الروسي ليكذّبوا أنفسهم وبشكل رسمي هذه المرة، وأن يصل العجز أو الخضوع بما يسمى قوى المعارضة السورية الرسمية (الائتلاف)، إلى مسايرة الاحتلال والسير مع كذباته في كل مرة بدءاً من أستانا إلى سوتشي وقد لا يكون انتهاءً باللجنة الدستورية.

خلال الأيام الماضية، خرجت روسيا بتصريحين رسميين، نسفت من خلالهما خمس سنوات من العمل في حل سياسي وافقت عليه، عبر قبولها القرار الدولي 2254 في مجلس الأمن منذ عام 2015، الذي حرفت مساره في سوتشي عام 2018، واختصرته بلجنة دستورية، قبل أن تعلن وفاتها قبل أيام كرمى لعيون الأسد.

وأتى التصريحان الروسيان بعد أيام من زيارة وزير خارجية أسد فيصل المقداد إلى موسكو، وطلب الدعم لتمثيلية الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا بمعزل عن نتائج اجتماعات اللجنة الدستورية، التي من المقرر أن تعقد جولتها الخامسة نهاية الشهر الجاري ومناقشة المبادئ الدستورية، بعدما عطل نظام أسد الجولات الأربع السابقة، دون الوصول إلى أي نتائج تذكر.

تصريحان وإعلان وفاة من طرف واحد 

قبل التصريحين كانت موسكو تؤكد على مدى سنوات موقفاً مفاده أن أي استحقاق انتخابي في سوريا يجب أن يجري على أساس اتفاقات بين ما تسميها "الحكومة السورية"، والمعارضة وبعد تبني دستور جديد للبلاد.

هذه العبارات قالتها حرفياً الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أكثر من مرة خلال السنوات الماضية ومنها "إن روسيا تشدد على التمسك الكامل بالاتفاقات الخاصة بمضمون ومراحل عملية التسوية السياسية للأزمة السورية، بمراعاة قرارات مجموعة دعم سوريا والقرار الدولي رقم 2254".

 وفي واحدة أخرى رصدتها أورينت قالت " إننا سنواصل الإصرار على إطلاق مفاوضات كاملة النطاق وشاملة بين السوريين في جنيف وتحت رعاية الأمم المتحدة في أقرب وقت، بغية تشكيل الحكومة السورية والمعارضة هيئة إدارة مشتركة، ووضع دستور جديد في المرحلة اللاحقة، لتجري الانتخابات العامة على أساس هذا الدستور".

لكن روسيا نسفت مطلع العام الجاري كل ما سبق وأعلنت عن وفاة "اللجنة الدستورية"  - رغم أنها العراب الرئيس لها-  من طرف واحد عندما أيدت إجراء حليفها بشار الأسد للانتخابات الرئاسية في 2021 بناء على دستور 2012.

هذا التأييد جاء على لسان  نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، عندما قال "إن دعوات بعض الدول لعدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام في سوريا، تقوض الأداء المستقر للمؤسسات الرسمية في هذه الدولة".

واستنكر نائب الوزير في تصريحات نقلها موقع روسيا اليوم 04/01/2020،  ما يتم تداوله في بعض المحافل الدولية حول التبني العاجل لدستور جديد، وعدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا التي لن تبنى عليه.

وتابع :هذا يعني عملياً حرمان السوريين من حق انتخاب قيادتهم، وفي نفس الوقت إن من يدعون لعدم الاعتراف للانتخابات – في إشارة إلى أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي- يقوضون استقرار عمل مؤسسات الدولة السورية".

هذا التصريح دعمه تصريح رسمي آخر،  ولكنه لم يخرج للإعلام، وجاء من درعا يؤكد الأول لكنه أكثر وضوحاً.

التصريح الثاني جاء على لسان الجنرال الروسي الذي عينته موسكو حديثاً مسؤولاً عن ملف الجنوب، أندري فلاديميروفيتش كولوتوفكين، خلال اجتماعه بأعضاء اللجنة المركزية للمصالحة في درعا، بعد يومين من تصريح نائب وزير الخارجية.

فحوى الاجتماع سربه بعض أعضاء اللجنة المركزية إلى غرف أخبار درعا على وسائل التواصل، وذكروا أن الجنرال الروسي قال لهم إن الحل سيكون في سوريا حسب المعطيات التي يفرضها الواقع على الأرض، وأنهم – أي الروس-  غير ملزمين بالقرارات الدولية، وخصوصاً قرار الأمم المتحدة رقم 2254، وغيره من مقررات "سوتشي" و"أستانا" و"جنيف.

الائتلاف ردود دبلوماسية وقرارات تثير الشكوك 

لم يعلق الائتلاف بشكل مباشر على ما قاله نائب الوزير الروسي، غير أنه في كل مرة يعيد ردوده الدبلوماسية ذاتها بأنه متمسك بتنفيذ القرار 2254 وكل القرارات ذات الصلة بالحل السياسي في سوريا، ويرفض في كل مرة مشاركة بشار الأسد في أي حل سياسي لسوريا، ومع ذلك انخرط بمؤتمر سوتشي الروسي  قبله أستانا وأخيرا اللجنة الدستورية قافزاً فوق هيئة الحكم الانتقالي التي ينص عليها القرار 2254 وبيان جنيف.

هذا الكلام أكده أحد أعضاء الائتلاف لأورينت، طالبا عدم ذكر اسمه، وقال إن موقف الائتلاف من العملية السياسية واضح وهو رفض أي عملية انتخابية يقوم بها نظام أسد ورفض المشاركة بأي عملية سياسية خارج إطار القرار 2254، وأن تشمل العملية السياسية السلال الأربع التي قام عليها القرار الدولي وهي الهيئة الانتقالية والدستور والانتخابات ومحاربة الإرهاب وبالتوازي.

وأضاف أن الائتلاف أرسل مذكرات قانونية إلى الأمم المتحدة والدول المعنية يوضح فيها أن موافقة النظام على الحل السياسي ومشاركته في اللجنة الدستورية، تعني أنه تنازل قانوناً عن ولايته الدستورية ويصبح مجلس شعبه خارج إطار الولاية الدستورية، ما يعني أيضا أن أي انتخابات خارج العملية السياسية لا تبنى على الدستور الجديد من خلال أعمال اللجنة الدستورية لن يكون لها أي صفة قانونية.

لكن في المقابل يتخذ الائتلاف قرارات تثير الشكوك، ذكرنا منها الخضوع لمؤتمري أستانا وسوتشي (المسار الروسي) الذي حرف القرار 2254 عن مساره، وأحدثها كان قرار إنشاء ما أسماه "المفوضية العليا للانتخابات.

ورغم دفاع عضو الائتلاف الذي تحدث لأورينت عن فكرة إنشاء مفوضية الانتخابات  إلا أنه ألمح إلى إمكانية تورط البعض في قرار صياغتها الأخير، عندما قال إن جزءا كبيرا من الائتلاف اعترض على الصياغة  النهائي لقرار إحداث المفوضية وأن القرار اتخذ في إطار الحلقة الضيقة لرئيس الائتلاف.

وأوضح العضو أن قرار مفوضية الانتخابات كان الهدف منه العمل على تهيئة الظروف اللوجستية فيما يتعلق بالتأهيل والتدريب وتأهيل قيادات من أجل التوعية بالانتخابات من أجل الاستعداد لفتح السلال الأخرى بالتوازي مع سلة الدستور، لكن اعترف بأن الصيغة النهائية التي خرج بها القرار كانت تمثل إشكالية في حقيقية الأمر.

وكان الائتلاف أصدر في 19 من تشرين الثاني المنصرم بيانا ينص على إنشاء ما أسماها "المفوضية العليا للانتخابات" قبل إيقاف العمل بالقرار تحت ضغط شعبي وإعلامي واسع بعدما  أثار حالة من الريبة والشك والغضب بين شرائح سورية واسعة، ثورية ومعارضة، حيث اعتبر سياسيون وقانونيون مختصون أن الصيغة التي أتى بها القرار تحمل اعترافاً ببشار أسد كمنافس وليس كمجرم.

وعلقت عليه العضو المنشقة عن الائتلاف سهير الأتاسي حينئذ بالقول "إنه استغباء للسوريين،  فكيف للائتلاف تأسيس مفوضية وطنية للانتخابات، ويقول إنه قرر إنشاءها استعداداً للمرحلة الانتقالية وما بعدها! بينما نظامه الداخلي يقول بأنه يحلّ نفسه مع بداية المرحلة الانتقالية وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات