مع غياب التجهيزات.. الحرائق تفتك بمخيمات الشمال السوري وإرشادات لتفادي وقوعها

مع غياب التجهيزات.. الحرائق تفتك بمخيمات الشمال السوري وإرشادات لتفادي وقوعها
كادت صفية الدودي في العقد الثالث من العمر تفقد حياتها برفقة طفليها بعد تعرض خيمتها للاحتراق جراء استخدام وسائل تدفئة غير آمنة، كحرق الأقمشة والأخشاب والنفايات في مدفئة مهترئة، لكنها استطاعت الخروج بسرعة قبل أن تتفحم أجسادهم نتيجة تأخر وصول فرق الدفاع المدني.

"مع الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية وقلة المساعدات بتنا غير قادرين على شراء مواد تدفئة كالمازوت ما جعلنا مضطرين للاعتماد على مواد بديلة تسبب أمراضا تنفسية خطيرة وحرائق مدمرة”، بهذه الكلمات عبرت صفية وهي نازحة من بلدة البارة ومقيمة في مخيم كللي عن صعوبات تأمين لمحروقات، وكيفية اعتمادها على الدواليب البلاستيكية والأحذية القديمة للتدفئة في ظل انخفاض درجات الحرارة، وخاصة أنها تقيم في المناطق الجبلية التي تعرف بالطقس الجاف والبارد.

قصة صفية ليست الوحيدة في الشمال السوري، وإنما هناك مئات الآلاف من المواطنين المعرضين لخطر احتراق مخيماتهم نتيجة عدم قدرتهم في أغلب الأحيان على شراء مواد التدفئة الجيدة كالمازوت والحطب، إذ تعرضت عدة مخيمات في شمال غرب سوريا لحرائق عديدة راح ضحيتها عائلات بأكملها معظمهم من النساء والأطفال.

وتعتبر نوعية الخيام عاملاً في اندلاع الحرائق، فضلاً عن كون الخيام الحديثة أكثر خطورة وعرضة للاحتراق لأنها مصنوعة من النايلون القابل للاحتراق بسرعة كبيرة، كما تفتقد المخيمات المنتشرة في ريف إدلب لأي معدات وقائية لمواجهة الحرائق التي تساعدهم على عملية الإطفاء ريثما تصل سيارات الدفاع المدني التي تحتاج عادة لوقت طويل حتى تصل لهذه المخيمات نظراً لظروف عدة، منها بعد مراكز الدفاع المدني عن المخيمات، والطرق الوعرة، وقرب الخيم من بعضها وخاصة في المخيمات العشوائية التي تفتقر للتنظيم.

إحصائيات مذهلة

وبحسب أحمد شيخو مدير المكتب الإعلامي في الدفاع المدني للمديرية الوسطى فإن فرق الإطفاء الخاصة بالدفاع المدني أخمدت في 2020 أكثر من 2600 حريق في الشمال السوري، قائلاً لأورينت نت "نعمل جاهدين في تقديم نصائح مهمة تتعلق بالحرائق لاسيما في فصل الشتاء من خلال جلسات التوعية التي نقدمها سواء للكوادر التعليمية والطلاب في المدارس أو للمسؤولين في المخيمات والنازحين أو حتى جلسات التوعية التي تقدمها الفرق في ظل استخدام مدافئ بدائية خطرة".

إرشادات لمنع وقوع الكارثة

ويعمل الدفاع المدني على تقديم إرشادات ونصائح لمنع وقوع الكارثة في المخيمات، وأشار الشيخو إلى ضرورة عدم النوم والمدافئ مشتعلة ومحاولة إفراغ محيط الخيام قدر المستطاع، إضافة إلى إبعاد أي مواد قابلة للاشتعال على المدافئ أو الغاز المنزلي وعدم وضع الوقود بالقرب من مصادر النيران ومنع الأطفال من العبث بمصادر النيران.

وأوضح أنه من الإرشادات التي تقدمها فرق الدفاع المدني أيضاً إرشادات خاصة بمسألة الاختناق أو ما يعرف بـ"التفحيم" مطالباً بعدم ترك المدفئة مشتعلة خلال النوم، وخاصة عند استخدام الفحم ، وعدم إغلاق منافذ الهواء كون هذا الأمر يعتبر بـ"الخطر جداً"، وسببَ عدداً من الوفيات خلال العام الجاري وفق تعبيره. 

كما أكد الشيخو أيضاً على مسألة البطارية (المذخرة) وهي أيضاً وصفها بالخطرة، إذ إنها قابلة للانفجار بسبب الأسلاك المكشوفة التي تؤدي لحدوث ماس كهربائي وكوارث كما حدث في تشرين الثاني الماضي، في مخيم "زيارة الحنان" في منطقة عفرين عندما توفيت الطفلة مها الحسون ذات العام ونصف جراء احتراق خيمة عائلتها نتيجة ماس كهربائي من بطاريات الإنارة في الخيمة.

كما أرجع الشيخو إلى استهتار وقلة وعي من البعض في المخيمات، قائلاً إن "المشكلة تكمن في أن مستهتراً واحداً في مخيم ممكن أن يضع خمسين ألف نسمة في خطر، ويسبب كارثة لجميع سكان المخيم ولذلك نعمل على تكرار جلسات التوعية بشكل دائم لتحقيق أكبر استفادة ممكنة".

وبلغ عدد القاطنين في المخيمات للذين نزحوا من مناطق حماه وحلب وإدلب بسبب العمليات العسكرية للنظام وروسيا إلى أماكن أكثر أمنا نحو مليون و41 ألف شخص يتوزعون على ألف و277 مخيماً، بينها 366مخيماً عشوائياً يسكن فيها قرابة 148 ألف نسمة، بحسب ما وثقه فريق منسقو استجابة سوريا.

وقال مدير منسقو استجابة سوريا محمد صلاح لأورينت نت أنه لا يمكن أخذ الحيطة من الحرائق طالما أن سكن النازحين من البلاستيك والقماش، وأن تبديل الخيم ببناء إسمنتي أو إنشاء كرفانات يخفض الحرائق بنسبة تصل إلى 80 بالمئة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات