حصاد 2020 | قرارات أثقلت كاهل اللاجئين السوريين في تركيا وأخرى خففت معاناتهم.. تعرف عليها كاملة!

حصاد 2020 |  قرارات أثقلت كاهل اللاجئين السوريين في تركيا وأخرى خففت معاناتهم.. تعرف عليها كاملة!
 تفتح أورينت في الأيام الأخيرة من عام 2020 سلسلة تقاريرها النوعية عن حصاد 2020  التي ستقدم نظرة استعادية لكل مجريات وأحداث وتحولات العام الذي انقضى من وجهة نظر خاصة. 

في تقرير اليوم سنتوقف عن أهم القرارات التي استهدفت أربعة ملايين لاجئ ومقيم سوري يقيمون في تركيا، وكيف انعكست تلك القرارات على حياتهم سلبا أو إيجابا. 

لم تختلف أشهر 2020 عن أشهر الأعوام السابقة بشكل كبير، سواء ما يتعلق بتوظيف بعض التيارات السياسية والأحزاب المعارضة ورقة اللاجئين للضغط على خصومهم، إلى جانب صدور العديد من القرارات الرسمية عايشها السوريون، بعضها كان إيجابياً إلا أن بعضها انعكس بشكل سلبي.

ويمكن إطلاق وصف "عام العنصرية" على 2020 بسبب زيادة الخطاب العنصري، وحملات التحريض الإعلامي ضد السوريين الموجودين في تركيا وخاصة من قبل شخصيات سياسية وإعلامية.

اقرأ أيضا: حصاد 2020 | 5 اغتيالات كبرى أثّرت على مجرى الأحداث في سوريا

استثمار اللاجئين للضغط على أوروبا

في ظل تزايد هجمات ميليشيا أسد على إدلب في الشمال السوري بدعم روسي ومحاولة الفصائل المدعومة من قبل تركيا التصدي للحملة العسكرية المكثفة والتي أدت إلى مقتل العشرات من الجنود الأتراك، بدأت تركيا بالضغط على الاتحاد الأوروبي بهدف دعمها في إدلب عبر ورقة اللاجئين السوريين.

وفي 29 من شباط/ فبراير أعلن الرئيس التركي أن بلاده ستُبقِي أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الراغبين في التوجه إلى أوروبا لمحدودية مواردها وموظفيها، مع الالتزام بمنح الحماية المؤقتة للسوريين في البلاد، وترك الحرية للاجئ في الاختيار بالبقاء في تركيا أو المغادرة إلى أوروبا.

وأدى قرار فتح الحدود إلى تدفق اللاجئين السوريين نحو الحدود التركية اليونانية بشكل جنوني، إذ ترك بعض الشباب والعائلات أعمالهم ومنازلهم، ظناً منهم أنهم سيصلون إلى أوروبا، وحاولوا العبور مراراً وتكراراً، وفقدوا أشياءهم الثمينة ومقتنياتهم وأوراقهم الرسمية أثناء محاولة العبور بعد التعرض للضرب والإهانة من قبل حرس الحدود اليوناني الذي كان يعيدهم بدوره إلى تركيا.

واستمرت معاناة اللاجئين على الحدود مع اليونان، قبل أن تعلن الحكومة التركية إغلاق الحدود لتبقى عدد من العائلات عالقة فترة على الحدود قبل أن تعود من جديد إلى الولايات التركية وتعاني في تأمين أقل مستلزمات حياتها من أجل العيش في تركيا من جديد، بعد اندثار حلمها بالعبور.

"المياومون" الأكثر تضرراً بقرارات كورونا

وفيما يتعلق بفيروس كورونا فقد اتخذت تركيا كغيرها من دول العالم قرارات بهدف التصدي لانتشار الفيروس وخاصة منتصف عام 2020، منها فرض حظر تجول خلال ساعات محددة، ثم فرض حظر كامل لمدة يومين أو أكثر، إلى جانب إجراءات مشددة تتعلق بإغلاق المطاعم واقتصار العمل عبر إيصال الطلبات إلى المنازل، وإغلاق صالونات الحلاقة وغيرها.

وكان لهذه القرارات أثر كبير على اللاجئين السوريين وخاصة العمال منهم، وخاصة الفئة التي يطلق عليهم "المياومون" وهم الذين يعملون بالأجرة اليومية، إذ فقد بعضهم عمله ومورد رزقه بشكل كامل، ومنهم من بقي يعمل براتب أقل نظراً لقله الفرص المتاحة، مما اضطره لقبول أدنى الأجور، والتي بالكاد تكفي لسد إيجار منزله.

وبحسب الأرقام الرسمية فإن العمالة السورية في تركيا تقدر بنحو 700 ألف عامل، % منهم فقط يعملون بشكل رسمي لديهم أذونات عمل، مما يعني استمرارهم أو تكفل شركاتهم بجزء من الأجر، لكن البقية بالكاد استطاعوا تلبية احتياجاتهم.

وخلال فترة الانتشار وجدت بعض الجهود التطوعية الفردية وجهود من المؤسسات الإغاثية السورية والتركية الهادفة لمساعدة المتضررين، وتنوعت مساعداتها بين مبالغ مادية بسيطة أو مواد غذائية أو مواد وقاية كالمعقمات وغيرها.

كما أثرت قرارات كورونا على إغلاق تركيا معبري جرابلس وباب الهوى الحدوديين مع الشمال السوري، وعلقت عودة الزوار السوريين القادمين من تركيا إلى سوريا، إضافة إلى إيقاف دخول الحالات الطبية للعلاج في تركيا.

إسقاط مراحل الجنسية

في مطلع شهر تموز / أغسطس، فوجئ آلاف السوريين المرشحين للحصول على الجنسية التركية، بظهور رسالة على موقع للحكومة التركي مخصص لمتابعة مراحل الجنسية التركية، تفيد بإزالة ملفات التجنيس من دون سابق إنذار أو طلب مراجع.

وأثار القرار قلقاً وخوفاً لدى العديد من السوريين الذين كانوا ينتظرون الشعور بالاستقرار والأمان عقب حصولهم على الجنسية، لما له من أثر  على حياة اللاجئ السوري، بحيث يهدد مستقبل آلاف العائلات.

وأرجع العديد من المحللين والاستشاريين القرار لوجود نقص في أوراق التجنيس أو عدم تسجيل أحد المواليد الجدد أو اكتشاف وثيقة مزورة من بين الأوراق المقدمة في الملف، أو يكون صاحب الملف مرتكباً لجرم يحاسب عليه القانون مهما صغر، أو أن يكون المرشح خاضعاً لاستجواب أو محاكمة، أو اكتشاف وجود غرامة مالية غير مدفوعة، إضافة أيضاً إلى تغيير مكان السكن أو عدم وجود المرشح في المنزل أثناء مراجعة الشرطة، في حين لم يصدر أي تفسير من الحكومة التركية رسمي حول الموضوع حتى إعداد التقرير.

فصل المدرسين

في مطلع الشهر العاشر من 2020، قامت إدارة عدد من المدارس التركية في عدة ولايات بفصل مدرسين سوريين وإبلاغهم بقرار فصلهم وإنهاء عقودهم الموقعة مع وزارة التربية التركية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، دون وجود أسباب واضحة.

وتجاوزت أعداد المدرسين المفصولين 70 مدرساً في عدد من الولايات تم إبلاغهم بقرار فصلهم من قبل مدراء المدارس التركية العاملين فيها دون إخطارهم بأسباب ذلك القرار.

الإقامة الإنسانية بدلاً من تجديد الجواز

في تشرين الأول/أكتوبر أفصحت دائرة الهجرة التركية عن إمكانية الحصول على الإقامة الإنسانية للسوريين الموجودين على أراضيها والحاملين للإقامة السياحية أو إذن عمل بموجب إقامة سياحية دون الحاجة إلى تجديد جواز السفر في قنصلية نظام أسد في إسطنبول.

وأكدت دائرة الهجرة أنه إذا انتهت مدة جواز سفر الحامل لإقامة سياحية ولا يريد الذهاب لقنصلية النظام من أجل استخراج جواز جديد يسمح له باستصدار إقامة إنسانية، في خطوه من شأنها توفير التعب وأموال على السوريين من أجل تجديد جواز السفر وحرمان نظام أسد من ملايين الدولارات.

والإقامة الإنسانية هي نوع من أنواع الإقامات التي تمنح حق الحماية للأشخاص الفاقدين لإمكانية العيش في بلادهم لأسباب خاصة وردت في اتفاقية الأمم المتحدة التي عقدت في جنيف عام 1951 ووقعت عليها 130 دولة، وكانت تركيا هي إحدى تلك الدول الموقعة على التفاقية.

والأوراق المطلوبة للحصول على الإقامة الإنسانية، هي "جواز السفر المنتهي الصلاحية أو نسخة عنه، والإقامة السابقة، وطلب التقدم للإقامة الإنسانية الذي يتم الحصول عليه من دائرة الهجرة، وعقد الإيجار أو ورقة العنوان المثبت في النفوس، وصور شخصية، ومبلغ يقارب 110 ليرات تركية رسوم الطلب، والذي يختلف من ولاية لأخرى".

ويكون استخراج الإقامة الإنسانية بشكل مباشر من دائرة الهجرة في الولاية التركية، وليس بموجب موعد إلكتروني، مشيراً إلى أنه يتم تحديد موعد وتقديم الأوراق وأخذ البصمات لتأتي الموافقة عقب ذلك من الجهات الأمنية، لافتاً إلى أن الإقامة لاحقاً تجدد إلكترونياً.

رسوم عالية للطلاب السوريين

و نفس الشهر أيضاً في تشرين الأول/أكتوبر أبلغت جامعة إسطنبول الحكومية الطلاب السوريين المسجلين لديها بقرار جديد يقضي بمعاملة الطالب السوري مثل الطالب الأجنبي في مسألة دفع الرسوم السنوية التي رفعتها الجامعة بشكل مفاجئ على السوريين.

وجاء في نص الرسالة التي أرسلتها الجامعة، "عزيزي الطالب: بعد إحالة مجلس التعليم العالي (YÖK) قرار دفع رسوم الجامعة للطلبة السوريين أم عدمه للجامعة (بالإشارة إلى جامعة إسطنبول – بايزيد)، ووفقاً للقرار الذي اتخذته جامعتنا، يتوجب على الطلاب السوريين دفع كامل رسومهم الدراسية (مركز الطلاب الأجانب).

وكان القسط الفصلي في جامعة اسطنبول الحكومية يتراوح بين 150 إلى 300 ليرة تركية على كل فصل، وبعد صدور القرار أصبح الدفع الفصلي لفرع الآداب على سبيل المثال 2000 ليرة تركية أي 4000 ليرة تركية في العام كاملاً، في حين أصبحت رسوم دراسة الطب 30 ألف ليرة تركية والصيدلة 15 ألف ليرة تركية سنوياً.

عام من العنصرية 

عام 2020 يمكن اعتباره عام العنصرية من قبل أتراك تجاه اللاجئين السوريين، إذ بات لا يمر أسبوع إلا وتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بخبر عن تصرف عنصري ضد أحد اللاجئين السوريين في تركيا، قتل فيها وأصيب العشرات من الشبان في عدة مدن تركية، وسط مناشدات لوقف تلك الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها.

وتصاعد خطاب الكراهية من قبل أحزاب وأشخاص ترفض استقبال السوريين، وتجلى ذلك في خطاباتهم المناهضة والداعية للكراهية ضد السوريين بشكل مباشر، بالإضافة لمشاركة بعض الفنانين دون الاكتراث للعواقب في نشر وترويج منشورات عنصرية تحريضية ضد اللاجئين السوريين، عن قصد وسبق إصرار.

ونتيجة لذلك تنامى حجم العنصرية بشكل كبير وواضح، وتحول لشكل عدائي وخطير وصل في بعض الحالات إلى القتل التي راح ضحيتها عشرات الشبان، بالإضافة للعنصرية والتميز في المدراس على الأطفال السوريين، والعنصرية في غرف الولادة ضد النساء السوريات بشكل متكرر، نتيجة الفكر السائد في بعض أروقة المجتمع التركي أن السوريين ينجبون الأطفال بكثرة مما سيغير ديموغرافية بلدهم بعد عدة سنوات.

ويرجع أيضاً السبب الرئيسي لتزايد حوادث العنصرية تراجع الوضع الاقتصادي للفرد في تركيا، وأجج ذلك الانسياق وراء المعلومات الخاطئة من أن السوري يحصل على أجرة منزله من الدولة أو أنه لا يدفع الضرائب ولا الفواتير، والسوري يشكل يداً عاملة رخيصة تهدد مكانهم في سوق العمل، أو أن السوريين يدخلون الجامعات دون أي امتحانات، والسبب الأكبر، قناعة بعض الأتراك أن أبناءهم يذهبون إلى سوريا للدفاع عنها، والشباب السوريون هربوا من واجبهم تجاه وطنهم وأتوا للتسكع في تركيا، واستغل السياسيون المعارضون كل هذه الصورة النمطية والأخبار الكاذبة وروجوا لها، ليرموا بكل الحمل على كاهل السوريين.

من أقوى حوادث العنصرية كانت في أبريل/ نيسان، عندما قُتل الشاب السوري علي حمدان العساني برصاصة في الصدر أطلقها عليه أحد عناصر الشرطة في ولاية أضنة، بسبب هروبه من الشرطة عند تفتيش هويته، بسبب خروجه من المنزل رغم فرض حظر تجول على الشباب دون سن 20 عاماً.

وتصدّر وسم “أين قتلة علي" على تويتر، كما قدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العزاء لوالد علي، عبر اتصال هاتفي.

أما الحادثة الثانية فهي مقتل الطفل السوري أيمن حمامي في سبتمبر/ أيلول الماضي، إثر تلقيه ثلاث طعنات في القلب على يد شبان أتراك هاجموه وأخاه وأحد أقاربه في إحدى بلدات ولاية سامسون شمالي تركيا، أعقب ذلك اتصال من وزير الداخلية سليمان صويلو مع والد الطفل وإعرابه عن حزنه.

(يتبع)

غدا ضمن حصاد 2020|  كتاب وأدباء وفنانون ومخرجون رحلوا -  السيرة الكاملة. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات