الوقائع الغريبة لاحتلال منزل "يوسف بسوت" في حلب: رايات سود.. وبقايا جنود.. ومجاهدون"أتقياء أنقياء"

الوقائع الغريبة لاحتلال منزل "يوسف بسوت" في حلب: رايات سود.. وبقايا جنود.. ومجاهدون"أتقياء أنقياء"
رغم النشاط المعروف لميليشيات إيران الطائفية على الجغرافيا السورية، إلا أن قصص الاستيلاء على منازل السوريين في أحياء حلب الشرقية، وفي كثير من المناطق التي شهدت نشاطا ثوريا، تبقى قصصاً مثيرة للاستغراب والاهتمام.. ففي كل حالة، ثمة تفاصيل تستحق التأمل، وتعبر عن مأساة حقيقية يعيش السوريون.. هنا يروي أحد أبناء حلب الشرقية، قصة منزله الذي سلبته الميليشيات الإيرانية.. وطبيعة الحوارات والوقائع الغريبة التي دارت أثناء رحلة استعادة البيت دون جدوى!   

عائد إلى حلب

تعد محافظة حلب إحدى أبرز المحافظات التي سيطرت ميليشيات إيران الطائفية على مساحات شاسعة منها، إذ بعد تهجير من تبقى من الحلبيين أواخر العام 2016 في القسم الشرقي من المدينة، تقاسمت الميليشيات الإيرانية والميليشيات الأخرى التابعة لمرتزقة الاحتلال الروسي السيطرة على ما يعرف باسم (حلب الشرقية)، قبل أن تنشب حرب بين الطرفين أدت لاجتثاث الميليشيات الإيرانية وانتزاع غالبية المناطق منها.

"يوسف بسّوت" وهو أحد السوريين الذين وصلوا حديثاً إلى تركيا فاراً من مدينة حلب، تلك المدينة التي نشأ وولد وفيها ووالده وجده من قبله، يروي في حديث لـ "أورينت نت" ما جرى معه بعد أن حاول العودة إلى منزله في حي الشيخ سعيد جنوب شرق حلب، والذي يعد ضمن (الأحياء الشرقية) التي سبق أن سيطرت عليها فصائل الجيش الحر. 

يقول "بسوت": "مطلع العام 2020 عدت إلى منزلي في حي الشيخ سعيد، آملاً في الاستقرار نوعاً ما والتخلص من أعباء الإيجار التي امتدت لنحو 3 سنوات، أمضيتها مستأجرا أحد المنازل بمدينة حماة على أمل العودة، وفي كل حال من الأحوال لم يكن لدي ما يعيق عودتي، لا شبان في سن الخدمة العسكرية، ولست مطلوباً لأي فرع أمني، وصلت إلى هناك منتصف شهر يناير/ كانون الثاني، آملاً في أن أجد منزلي قائماً، وبالفعل تحقق لي ما تمنيته، ولكن وجدته ملوناً برايات سوداء وخضراء وصفراء جميعها تحمل عبارات عن (زينب والحسين وعلي)، وأدركت أن منزلي لم يعد منزلاً، بل تحول إلى مقر عسكري".

 

غريب الوجه واليد واللسان

عاش يوسف حالة من الحيرة والغربة عن المكان.. فكأن الأمكنة قد بدلت هويتها كما بدلت أناسها، وكأن الزمان قد جنح به نحو مجهول آخر.. لكنه قرر أن يتابع رحلة البحث عن بيته ومحاولة استعادته.. وفي هذا يقول: 

 "رغم الرايات لم يكن هناك أي شخص يحرس المنزل، صعدت الدرج وطرقت الباب فخرج إلي شخص سحنته غريبة، كان يشبه الصينيين إلى حد ما، حاولت أن أحدثه إلا أنه لم يكن يتحدث العربية، حيث بدأ بدفعي عن باب المنزل وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ولا أدري بأية لغة كان يتحدث، هنا أدركت أن منزلي لم يعد ملكي، توجهت إلى أحد الأشخاص في الحي وهو (بقال) كبير في السن، وسألته عما جرى ومن هذا الذي خرج من منزلي، فاختصر الرواية كلها قائلاً: "هون كلو صار إيرانيين وأفغان"، ثم أخبرني أن هناك أملاً ضعيفاً باسترداد منزلي وهو أن أتوجه إلى (مكتب التنظيم الخدمي) المسؤول عن الحي".

باسم "أخوة الإسلام"

منذ ان استولت ميليشيات إيران الطائفية على تلك الأحياء، أنشأت مجالس محلية خاصة بها، رغم وجود ما يعرف اصطلاحاً باسم (مجلس مدينة حلب) وأطلقت عليها اسم (مكاتب التنظيم الخدمية)، وتتخذ تلك المجالس المشكلة بغالبيتها من إيرانيين ومرتزقة أجانب (شيعة) قرارات منفردة ومنفصلة بخصوص كل شيء يجري ضمن مناطق سيطرتها (تغلق شوارع وتفتحها - تزيل أبنية وتستولي على اخرى - تفتح محلات وتغلقها)، دون أدنى دور لميليشيات أسد في تلك المناطق.

يتابع "بسوت" حديثه الممتلئ بالمرارة قائلاً: "توجهت إلى مبنى التنظيم الخدمي خاصتهم قرب شركة (سادكوب) للغاز، وهناك التقيت بعنصر يتكلم العربية وأخبرته بمشكلتي، فأدخلني إلى مدير المجلس هناك الذي كان يتحدث بنفس اللهجة التي تحدث معي بها من سلب منزلي، وقد أدركت لاحقاً أنها (الفارسية)، إلا أنه كان يجيد قليلاً من العربية، وهنا بدأ الجدال حول المنزل وحول استملاكه، وكانت ذريعتهم الرئيسية أني تركت المنزل وهم لا يدرون أني سأعود، وفي نهاية الحديث أخبرني أنه يجب (الإيثار) في ذلك وأن من يقطن المنزل الآن هو (أحد مجاهدي المهدي) وعلي أن أمنحه منزلي من باب (أخوة الإسلام) ريثما يتدبر منزلا.

 

المنزل برسم المهدي

وفقاً لـ "بسّوت"، فإن رئيس ذاك المجلس طلب منه أن يتحلى بالصبر والإيمان، ولينوي منزله " فداءً للمهدي " الذي سيدافع عن الأمة (وفق معتقداته)، وغيرها من الشعارات والعبارات الدينية التي اعتاد عناصر الميليشيات الإيرانية إطلاقها، لتبرير الهمجية التي اتبعوها بحق السوريين، حيث وبعد حديث ليس بطويل، اقترح عليه (صاحب ذلك المجلس) أنه وفي حال أراد استرداد منزله، عليه استئجار منزل لذلك "المجاهد التقي النقي"، مع تعهد تام بدفع إيجار منزله لمدة عام كامل.

يقول "بسوت": "لم يكن أمامي في تلك اللحظات سوى نسيان منزلي واعتباره أنقاضاً كالكثير من المنازل حوله، عدت وحملت أمتعتي التي تركتها في مدخل ذاك المبنى الذي يضم منزلي، واصطحبت عائلتي إلى حماة مرة أخرى، وهناك أيقنت تماماً أن (هذا البلد لم يعد صالحاً للعيش، لم يعد هذا البلد لنا)، ناقشت زوجتي في الأمر، وتم الاتفاق على الذهاب إلى تركيا، وقد وضبنا أمتعتنا وخرجنا في رحلتنا التي دامت لنحو أسبوعين تقريباً أكثر من نصفها كنا (فرارية) تارة من عناصر ميليشيات أسد على الحد الفاصل بين مناطقهم ومناطق إدلب، وتارة من الجندرما التركية على الحدود، وقد وصلت إلى هنا في شهر نيسان، وما زلت حتى الآن أعيش التفاصيل وكأنها تجري الآن أمامي رغم مضي أشهر عليها".

 

رشاوى وبازارات الهدم 

وكانت ميليشيا أسد سبّاقة في ابتزاز المدنيين وسرقتهم، إذ رصدت أورينت العام الماضي توكيل نظام أسد لجاناً مكونة من مهندسين يشرفون على تقييم وضع المباني، إلا أن هؤلاء حولوا هذه المهمة إلى تجارة رابحة تدر عليهم أموالاً طائلة وذلك عن طريق ابتزاز المدنيين بهدف الحصول على المال، فبمجرد قدوم اللجنة إلى الحي تبدأ البازارات من أجل استثناء المنازل التي سيتم هدمها، حيث تقوم اللجنة بالدخول لبعض الأبنية ثم تقرر هدمها على الفور وهنا تبدأ التوسلات من قبل سكان تلك الأبنية للجان من أجل منع عملية الهدم، وفي وسط الرفض القاطع للجنة ولرئيسها، يتدخل أحد أفراد لجنة الهدم ويخبرالمدنيين بشكل شبه سري بأن يعطوا بعض المال للمهندس حتى يتم التغاضي عن أبنيتهم أو تسجيل تقييم عادي للمبنى بعيداً عن إدراجه على لوائح الهدم.

التعليقات (1)

    منطق

    ·منذ 3 سنوات 3 أشهر
    هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق وهو من جملة حملة الإفتراء على محور الممانعة لكي تبرروا مفهومكم الديني ألذي تمثل بالإرهاب والإسلام براء منكم إلى يوم الدين
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات