الانسحاب المفاجئ يثير مخاوف حلفاء واشنطن في سوريا

الانسحاب المفاجئ يثير مخاوف حلفاء واشنطن في سوريا
في ساعة متأخرة من ليل السبت – الأحد، أنعش وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة كريستوفر ميلر، والذي عينه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتغريدة عبر تويتر قبل نحو أسبوع مضى، "المخاوف" في الشرق الأوسط بتصريحات أكد خلالها عزمه تسريع سحب قوات بلاده من المنطقة.

وفي أول كلمة وجهها للقوات الأمريكية كوزير للدفاع، أبدى ميلر عزمه تسريع سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وأفغانستان، مردداً ما كان يقوله ترامب: "حان وقت العودة إلى الوطن" و"جميع الحروب يجب أن تنتهي"، معمقاً بذلك حالة عدم القدرة على التكهن بما قد يفعله ترامب خلال المدة القليلة المتبقية له في سدة الحكم كرئيس.

كما أن ميلر الذي لم يحدد المناطق التي يعتزم سحب قواته منها على وجه الدقة، ترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام سيل من التساؤلات بحاجة لأجوبة، إذا ما فعلها ترامب وسحب قواتها بشكل مفاجئ، وعلى وجه الخصوص في سوريا: لمن سيترك المنطقة؟ ما مصير الحلفاء؟ وما شكل الخريطة التي ستستقر عليه وسط تعدد رعاة الصراع وتضاد مصالحهم؟

وما زاد المخاوف من ردة فعل ترامب هو حجم الإقالات والاستقالات (خصوصا في وزارة الدفاع) خلال الأسبوع الأول الذي أعقب الإعلان عن فوز خصمه بالانتخابات جو بايدن، والتي بدأها بطرد وزير الدفاع، مارك إسبر، عبر تغريدة يوم الإثنين الفائت، لتتسع "عملية التطهير" بشكل كبير – وفقاً لواشنطن بوست - بعد يوم واحد فقط، حيث طلب البيت الأبيض استقالة ثلاثة مسؤولين كبار في البنتاغون هم: وكيل وزارة الدفاع للسياسة جون أندرسون، ووكيل وزارة الدفاع للاستخبارات جوزيف كيرنان، ورئيس أركان البنتاغون جين ستيوارت. ليستبدل الثلاثة بموظفين أكثر ولاءً لأجندة ترامب السياسية.

هل يفعلها ترامب؟

المحلل السياسي الكردي عبد الباري عثمان استبعد أن يقدم ترامب على مثل هذه الخطوة، مستنداً برأيه على القرارات المشابهة له خلال السنتين الماضيتين، حين أعلن عن الانسحاب من سوريا مرتين (الأولى في 20/12/2018 والثانية في 7/10/2019) ثم ما لبث أن تراجع.

و"قد يلجأ ترامب إلى بعض التحركات" كما يقول عثمان لأروينت نت، كالانسحاب من أفغانستان وربما العراق، أما بالنسبة لشرق الفرات، فإن حصلت فلن تتعدى "إعادة التموضوع"، لكنها لن ترتقي إلى تغيير الوضع بشكل جذري في المنقطة.

ويتماهى مع رأي عبد الباري عثمان مدير التحالف الأمريكي الشرق أوسطي توم حرب، وهو أحد الداعمين لترامب، والذي يرجح أن يتم تخفيض عدد القوات في سوريا وليس انسحاباً كاملاً، لأن الوجود الرمزي للولايات المتحدة في سوريا "يثير خشية الطرف الآخر" في إشارة إلى روسيا وإيران.

كما يذهب في هذه الاتجاه الخبير والمحلل العسكري العقيد أحمد رحال معتبراً أن "الانسحاب كلام صعب"، لأن الحكومة وقراراتها في هذا التوقيت تكون "عرجاء"، ولا يمكنها أخذ "قرارات مصيرية".

ويستند الرحال في رؤيته على التصريحات الأخيرة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، والذي أكد خلالها أنهم كانوا يخفون عن ترامب الحجم الحقيقي للقوات الموجودة في سوريا، وهذا يبرز دور "الدولة العميقة" في إدارة البلاد وليس الرئيس. 

"رئيس تجارة"

"ترامب رئيس تجارة وليس رئيساً للحروب" يقول مدير التحالف الأمريكي الشرق أوسطي (حرب) لأورينت نت، فترامب يرى أن القوات الأمريكية في أفغانستان والشرق الأوسط عبارة عن "شرطي المنطقة" الذي يتولى مهمة حل مشاكل هذه المناطق ومن جيب دافعي الضرائب الأمريكيين، وهذا ليس بجديد، وإنما من صلب سياسة ترامب التي أكد عليها مراراً.

وعدا عن ذلك، يضيف حرب، فإن إنهاء الوجود الأمريكي على الأرض في الشرق الأوسط على وجه التحديد، لا يعني أن أمريكا لن تكون موجودة، بل قادرة على التحرك في أي زمان ومكان عبر سيطرتها وترسانتها الجوية.

ويختتم مدير التحالف الأمريكي الشرق أوسطي حديثه لأورينت بالقول: افتراضاً، في حال الانسحاب المفاجئ، فإن الاتفاقات الرئيسية في سوريا ستكون مع الروس بالدرجة الأولى، لا سيما أن التنسيق بين واشنطن وموسكو وإسرائيل موجود في الأصل بشأن سوريا، رغم بعض الشوائب بين الطرفين. 

كيف ستتصرف تركيا؟

بالرغم من أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الجديد ليست الأولى من نوعها بشأن الانسحاب من سوريا، وقد سبقها خلال العامين الماضيين إعلان ترامب عن انسحاب مفاجئ مرتين قائلاً، إن الأكراد قاتلوا معنا، لكن دفعنا لهم أموالا ضخمة، إلا أن التخوف من ردود الفعل "الانتقامية" للرئيس الأمريكي، قد تجعلها مختلفة عما سبقها.

وعلى مدى الشهر الفائت كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من مرة تهديداته بتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات "إذا لم يتم الإيفاء بالوعود التي قطعتها موسكو وواشنطن لأنقرة"، وأوقفت حينها عملية "نبع السلام" عام 2019، وعليه لا يستبعد، المحلل السياسي التركي جواد أوغلو أن تشن تركيا عملية مفاجئة في المنطقة إذا انسحب ترامب، وهو أمر لا يستعبده المحلل التركي أيضاً، كون الولايات المتحدة تمر "بمخاض صعب" وفترة زمنية مضطربة، على حد وصفه.

وحول الموقف الروسي من عملية تركية شرق الفرات، يقول جواد أوغلو لأورينت نت، إن تركيا كانت تحصل على نتائج ملموسة وخطوات إيجابية بتعاملها مع موسكو بخلاف العلاقة مع الأمريكيين، وإن "التنسيق في شرق الفرات سيكون أسهل من إدلب، لا سيما أن الأخيرة تعتبر ملفاً معقداً نتيجة الخلافات الكثيرة بين الطرفين، أما بالنسبة لقسد وشرق الفرات فسيصلون لنتيجة مرضية للطرفين"، على حد قوله.

ويؤكد جواد أوغلو لأورينت نت أن العملية التركية ستكون "غير شاملة" ومرتبطة بتحركات ميليشيات أسد وقسد (العدو اللدود لتركيا) في المنطقة، وهو ما شدد عليه الرئيس التركي بخطاباته الأخيرة، ويختم: "كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، ومرتبطة بالتطورات على الأرض".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات