مع فوز بايدن.. خطوط أوباما "الحمراء" تحيي المخاوف من التصعيد في إدلب

مع فوز بايدن.. خطوط أوباما "الحمراء" تحيي المخاوف من التصعيد في إدلب
في آب/ أغسطس عام 2012 رسم سيد البيت الأبيض آنذاك، باراك أوباما، "خطوطاً حمراء" لبشار أسد إذا ما استخدم السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري الثائر، لكنه راقب أسد يقفز فوقها بعد نحو عام تماماً من رسمها، عندما قتلت ميليشياته أكثر من 1400 شخص خنقاً حتى الموت بالغازات السامة في غوطة دمشق الشرقية في 21 آب 2013.

اليوم وبينما يحتفل الأمريكيون بفوز رئيسهم الجديد، جو بايدن، الديمقراطي ونائب أوباما سابقاً، تشخص أعين السوريين إلى شاشات التلفزة مترقبة تصريحات رجل البيت الأبيض الجديد حول بلادهم التي أنهكها أسد وميليشياته بالقفز المتواصل على خطوط أمريكا الحمراء "الديمقراطية" على مدى العقد الماضي. خصوصاً أن ترامب شن ضربات عسكرية وإن كانت "إجرائية وقائية" أكثر ما تكون رادعة - وفقاً للسوريين  أنفسهم - وكشف مؤخراً أنه أراد قتل بشار أسد 2017 لولا معارضة وزير دفاعه آنذاك، جيمس ماتيس، ولنفس السبب أيضاً (عندما شن نظام أسد هجوماً كيماوياً آخر عام 2017 في ريف إدلب) الأمر الذي لم يفعله أو يفكر به أوباما!

وما يثير مخاوف السوريين اليوم، توجهات بايدن "التصعيدية" نحو تركيا الراعية الوحيدة للمعارضة السورية والفصائل العسكرية في الشمال السوري (آخر معقل للمعارضة). وما قد يعكسه هذا التوجه في المستقبل القريب على المحافظة التي تضم نحو 4 ملايين نازح سوري.

كما يزيد هذه المخاوف، التصعيد المستمر لميليشيات أسد وروسيا في إدلب، وخرقهما المتواصل للمواثيق والاتفاقيات المعلنة مع تركيا بخصوص إدلب (اتفاقات سوتشي) التي بدأت منذ وقت ليس ببعيد سحب نقاط مراقبتها من داخل المناطق التي استولت عليها الميليشيات الطائفية خلال العام الفائت، والتي (أي تركيا) أكدت مراراً أنها لن تسحب هذه النقاط تحت أي بند من البنود.

تعامل مختلف!

وفي خضم انتظار بروز ملامح السياسة الأمريكية الخارجية للرئيس الجديد، خصوصاً أن التركيز سيكون خلال السنة الأولى وربما الثانية على السياسة الداخلية، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، لموقع أورينت نت أن "التعامل سيكون مختلفاً" عما كان عليه في عهد ترامب الذي تمسك بشعار أمريكا أولاً ورفع اليد عن السياسة الخارجية.

"التعامل المختلف" هذا وفقاً لعضو "الديمقراطي الأمريكي"، سيتمثل بـ"الأمور والحالات الطارئة" التي يجب أن تتعامل معها الإدارة الجديدة ضمن الملفات الساخنة للسياسة الخارجية، ومنها إدلب.

ويرفض عفيفي، أن تكون توجهات بايدن تجاه تركيا ورئيسها "ضوءاً أخضرا" لروسيا ونظام أسد بتجاوز "الخطوط الحمراء" في إدلب؛ بل سيكون هناك ردة فعل على كل تحرك لنظام أسد وروسيا في سوريا عموماً وليس في إدلب فقط، لا سيما في "الحالات الطارئة" على حد وصفه.

"خطوط حمراء" ولكن!

قبل نحو شهر وفي سؤال لأورينت خلال مؤتمر صحفي في إسطنبول، قال، جويل ريبرن، نائب وزير الخارجية الأمريكي ونائب المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، الذي استقال أول أمس من منصبه، إن واشنطن في حال هاجم نظام أسد وحلفاؤه الروس إدلب فإنها ستقدم الدعم اللازم لتركيا.

وقبل نحو أربعة أيام ومع بدء الانتخابات الأمريكية، قصفت ميليشيات أسد نقطة عسكرية تركية في بلدة سرجة جنوب إدلب، بعد ساعات من تمهيد روسي تمثل بتصريحات لنائب قاعدة حميميم، العقيد ألكسندر غرينكيفيتش، قال فيها إن "مسلحين يخططون لتنفيذ قصف في منطقة إدلب كي يتهموا ما أسماه "الجيش السوري" فيما بعد باستهداف القوات التركية" دون أن تعلق تركيا على الأمر، مكتفية بالقول، إن "التطورات في إدلب تتم مراقبتها عن كثب بالتنسيق مع روسيا"، وإنها "تتخذ الاحتياطات اللازمة لأمن قواتها العسكرية في إدلب".

إلا أن التحرش الروسي وتصعيد نظام أسد المستمرين في إدلب قد يجبران تركيا لرد عسكري بغض النظر عن الموقف الأمريكي أو محاولة انتظاره، وهذا ما يؤكده الدكتور سمير صالحة، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، بقوله إن الانسحابات التي تنفذها القوات التركية من نقاط المراقبة مرتبطة بسيناريوهات، أحدها التحضير لعملية عسكرية تركية محتملة في إدلب وليس في اطار التفاهمات التركية – الروسية. 

وعليه، ووفقاً للدكتور سمير صالحة، فسيكون ملف إدلب من منظور السياسة الأمريكية الخارجية الجديدة مرتبطاً بملف "السياسة الروسية" في المنطقة ككل وليس ملفاً منفرداً، ولن تدخل في كل هذه التفاصيل الدقيقة خصوصا في هذه المرحلة، فأولويتها الملف السوري ككل وتحديداً اللاعبين المحليين الذين ينسقون مع واشنطن.

كذلك يذهب في هذا الاتجاه، المحلل السياسي التركي، باكير أتاجان، الذي يؤكد أنه لا يوجد خلاف جذري لدى تركيا بالنسبة لتغير الرؤساء (ترامب الجمهوري أو بايدن الديمقراطي) بالنسبة للملف السوري، مستشهداً أن كثيراً من التدخلات التركية في الشمال السوري وشرق الفرات أُسست في عهد أوباما وبايدن الذي كان نائباً له، ولا يشكل تغير الرئيس الأمريكي عائقاً للسياسة التركية، بل إن الإدارة الجديدة مجبرة للتفاوض مع تركيا الحليف في حلف الناتو، وبالتالي دعمها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات