"جامعو الكتب".. كتاب يروي قصة "مكتبة داريا السرية" تحت الحصار والنار

"جامعو الكتب".. كتاب يروي قصة "مكتبة داريا السرية" تحت الحصار والنار
تستمر الوحشية في سوريا، لكن أنباء مروعة أخرى تغرقها في نشاز الأحداث الجارية، من المشجع أن نتذكر أن الأبطال يظهرون في أماكن لا يمكن التنبؤ بها، هكذا افتتح موقع "NPN"تقريرا له حول كتاب يروي قصة مدينة داريا جنوب غرب دمشق التي دمرها نظام أسد بكل وحشية. 

ويصور كتاب "جامعو الكتب"، لدلفين مينوي، الذي ترجمته من الفرنسية للإنكليزية لارا فيرغنو، وحشية نظام أسد على النقيض من رمز الحضارة المنقذ للأرواح (مكتبة داريا).

وجدت مينوي، المقيمة في إسطنبول، موضوعها في صورة نُشرت على فيسبوك في عام 2015 - "رجلين في صورة، محاطين بجدران من الكتب ... إنهما شابان، في العشرينات من العمر، أحدهما يرتدي سترة بغطاء للرأس، والآخر مع قبعة بيسبول مثبتة بإحكام على رأسه ... قوس هش في خضم الحرب"، وكُتب على التعليق على الصورة: "مكتبة داريا السرية".

بصفتها مراسلة لو فيغارو في الشرق الأوسط الحائزة على جوائز، اهتمت مينوي بشدة بداريا، إحدى ضواحي دمشق ومهد الثورة السورية السلمية عام 2011. كانت داريا تحت الحصار من قبل ميليشيا أسد منذ عام 2012. ومن خلال المتابعة بخبرة، تعقبت مينوي المصور أحمد معضماني، أحد مؤسسي المكتبة.

في تشرين الأول/أكتوبر 2015. يصف المعضماني مدينة تعج بالنار والغبار. وسط هذه الاضطرابات،" حفظت آلاف الكتب وأعيد تجميعها في ملجأ متاح لجميع سكان داريا". يحتفي معضماني بتراثه الثقافي ضد القصف المتواصل. الكتب هي "أسلحة التعليم الشامل".

على مدى الأشهر التالية، روى معضماني وأصدقاؤه قصتهم لمينوي في جلسات عديدة انقطعت بسبب الإنترنت المتقطع والانفجارات وانقطاع التيار الكهربائي. زركشت مينوي رواية معضماني الجذابة برؤى شعرية مستقاة من سنوات من الخبرة المهنية والشخصية.

كان معضماني يبلغ من العمر 19 عاماً في عام 2011 ورفض الانضمام إلى عائلته التي هربت إلى بلدة مجاورة. في أواخر عام 2013، اكتشف أصدقاؤه كتباً في منزل مدمر. سرعان ما أدركوا أن هناك المزيد من الكتب المدفونة في حطام المدينة. وجدوا قبو مبنى مهجور بالقرب من خط الجبهة لإيواء الكتب. خلال وقت قصير جمعوا 15000 مجلد.

عبر الإنترنت، تعرفت مينوي على سكان داريا. التقت بمدير المكتبة أبو العز في عيادة مؤقتة حيث يعاني من آثار برميل متفجر.

من خلال شاشة الكمبيوتر الغامضة، التقت برواد المكتبة الذين يصفون قصائد الحب لنزار قباني، وشغفهم الجديد لشكسبير وموليير، وروايات من مارسيل بروست إلى جي إم كويتزي. وكان الكتاب الذي حطم الأرقام القياسية في الاستعارة هو العادات السبع للناس الأكثر تأثيراً بقلم ستيفن كوفي الذي يصفه معضماني بقوله: "إنه بوصلتنا". أدركت مينوي أن المكتبة تنقل هؤلاء الشباب السوريين الثائرين إلى عوالم أخرى.

تزدهر صداقتها مع معضماني وأبناء وطنه. معضماني صريح في كل شيء من استيائه من الإرهاب إلى مخاوفه بشأن هجمات نوفمبر 2015 الإرهابية في باريس. يكتب "في داريا، نحن بجانبك ضد الإرهاب". بدت مينوي متأثرة بشدة بهذا التدفق من رجل يعيش تحت "مطر القنابل".

بعد شهر، كتب معضماني أن المكتبة تعرضت للهجوم. اقتلعت المتفجرات اثنين من طوابق المبنى الخمسة. تناثرت الكتب على الأرض "مثنيّة، متجعدة، واختلطت بالجص والزجاج المكسور". لكن لا داعي للقلق، "لم يصب أحد، إنها معجزة!" يؤكد الهجوم لمعضاني كم يكره بشار الأسد داريا ويريد لنا الموت.

بحلول شباط/ فبراير 2016، قسمت مدينة معضماني إلى ثلاثة مستويات: "حيث طاردت المروحيات النجوم؛ وشوهت الأرض بالقنابل؛ وغصت الأقبية السرية في ظل الفوضى".

وفي أبريل/ نيسان، تلقت مينوي مكالمة استغاثة على شكل رسالة موقعة من 47 امرأة في داريا. ليس لديهن ملح طعام ولا طعام. حيث ينتشر سوء التغذية وصرن يطبخن الحساء من البهارات فقط. وحيث لا توجد مواد تنظيف، ولا وسيلة لإبعاد المرض. تم الرد على ندائهم للمساعدة بعد أسابيع، لكن القافلة لا تحتوي على طعام، فقط أدوات صحية، ووسائل منع حمل، وبقع جلوكوز عندما يكون ما يحتاجون إليه هو السكر.

وتعلق مينوي قائلة "وراء شجاعة الرجال يمكن أن نجد معاناة النساء".

يخلص المعضماني إلى أنه لا يمكنهم الاعتماد إلا على أنفسهم. "العالم كله تخلى عنا". ويجد عزاءه في كلمات محمود درويش، الشاعر الفلسطيني الموقر الذي عانى من حصار بيروت عام 1982.

بحلول شهر يونيو، فقدت مينوي الاتصال بمراسليها. وباتت قلقة بشكل محموم. وهي تعلم في تسريبات ومقتطفات أن صديق معضماني شادي أصيب بجروح بالغة وأن صديقه عمر قتل. في النهاية، ليس أمام المعضماني ورفاقه خيار سوى التخلي عن مسقط رأسهم المحبوب.

يدور كتاب جامعي الكتب حول الأمل والتواصل ضد العنف الذي لا يوصف والحرمان والمآسي. إنها إضافة ذات مغزى للنوع الأدبي الفرعي الذي يغطي الكتب والمكتبات. لم أتمكن من إخماد كتاب المكتبة لسوزان أورليان، وهو تاريخ مؤثر لمكتبة لوس أنجلوس المركزية التي تحملها رماد حريق كارثي عام 1986.

تمثل المكتبات جزر من الهدوء والغذاء في عالم مضطرب. كما يقول مازن درويش، الناشط السوري في مجال حقوق الإنسان، لا يوجد سجن "يمكن أن يسجن الكلمة الحرة".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات