هل هاجمت روسيا إدلب لتشتيت انتباه تركيا عن أذربيجان؟

هل هاجمت روسيا إدلب لتشتيت انتباه تركيا عن أذربيجان؟
ما تفتأ وسائل الإعلام وكتاب الرأي الأتراك الربط بين ملفي إدلب السورية وأذربيجان اللذين يشغل كلاً من روسيا وتركيا دوراً محوراً فيهما، لا سيما في أوقات تصاعد ذروة الصراع في كل من المنطقتين، والذي تمثل أخيراً في قصف روسي متعمد لأحد فصائل "الجيش الوطني" الذي ترعاه أنقرة في الشمال السوري، ما تسبب بمقتل وجرح العشرات.

وفي هذا السياق يقول موقع "TRTWORLD" في مقال مطول، إن روسيا وتركيا تواجهان بعضهما البعض على الجانبين المتعارضين على عدة جبهات عبر "أوراسيا"، من ليبيا إلى سوريا، والآن أذربيجان أيضاً, يقول الخبراء إن موسكو تضرب إدلب السورية لكسب نفوذ ضد أنقرة.

وكانت طائرة روسية، التي تعتبر رمزاً لقتل المدنيين في الحرب السورية، حلّقت في سماء إدلب، آخر معقل للمعارضة في البلاد، الإثنين الماضي، وقصفت معسكر تدريب لقوات المعارضة المدعومة من تركيا وقتلت العشرات من عناصرها.

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام أفادت بمقتل 30 شخصاً في الغارات الجوية الروسية، إلا أن مصادر "TRT World" في موسكو تقول، إن ما لا يقل عن 50 من أفراد الجيش الوطني السوري قتلوا في الهجوم.

وأشار الحادث الدموي إلى أن روسيا جددت عداءها لجيب المعارضة، الذي يستضيف قرابة أربعة ملايين شخص من النازحين السوريين، وجميعهم مصممون على عدم العيش في ظل نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا.

يقول المحللون، إن القصف الروسي الأخير ونزاع أرمينيا وأذربيجان في منطقة ناغورني قره باغ مرتبطان ببعضهما البعض، لا سيما وأن تركيا تدعم أذربيجان. هذه الديناميكية تضع أنقرة وموسكو مرة أخرى على مسار تصادم منذ أن كانت أرمينيا حليفة وثيقة مع موسكو لفترة طويلة.

ومما أثار استياء الروس أن عملية قره باغ الأذربيجانية الناجحة مكنت باكو من استعادة أراض تحتلها يريفان، وذلك بفضل الطائرات بدون طيار التركية المتطورة تقنياً.

يقول إسريف يلينكيليكلي، محلل أوراسيا في موسكو، في إشارة إلى القصف الأخير في إدلب: "من المحتمل جداً أن يرغب الروس في توجيه رسالة إلى تركيا" إذ يعتقد يالينكيليكلي أن روسيا تشعر بالاستياء من الدعم التركي لأذربيجان.

على الرغم من حيادها المعلن، دعمت موسكو يريفان ضد باكو، وساعدت القوات الغازية لأرمينيا على السيطرة على منطقة قره باغ المتمتعة بالحكم الذاتي في التسعينيات، على الرغم من كونها جزءاً من سيادة أذربيجان.

ويذهب في هذا الاتجاه الكاتب التركي، سادات أرجان، في مقال عنوانها "من يضرب من ولماذا إدلب" على صحيفة حرييت التركية، مؤكداً أن القصف الذي استهدف فصيل فيلق الشام بإدلب وقتل العشرات يحمل رسالة روسية، وأنه زعزع مسار الاتفاق في إدلب بشكل خطير.

يالينكيليكلي قال لـ "TRT World" إنه "تطور هام أن يحدث هذا الهجوم في الوقت الذي تستمر فيه المحادثات متعددة الأطراف حول الدستور السوري (بدعم من تركيا وإيران وروسيا)، وكانت موسكو تشارك بالأمس معلومات تتعلق بدورية روسية تركية مشتركة في شمال سوريا".

في آذار / مارس، بدأ نظام الأسد بحملة وحشية أخرى ضد محافظة إدلب، مما دفع أنقرة، التي تسيطر على أجزاء من شمال سوريا، لوقف الجماعات الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب عبر حدودها، إلى شفا خطر حرب محتملة.

لكن في النهاية، اتفقت أنقرة وموسكو على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء محافظة إدلب لمنع وقوع كارثة إنسانية وتدفق ضخم محتمل للاجئين إلى الحدود التركية نتيجة الحملة العسكرية لنظام الأسد.

في حين أن تركيا وروسيا لديهما تعاون سياسي واقتصادي في مختلف المجالات، إلا أن البلدين لديهما خلافات خطيرة مع بعضهما البعض حول العديد من النزاعات التي تحدث من ليبيا إلى سوريا والقوقاز، ودعم الأطراف المتصارعة.

"إن الخلاف في الصراع السوري من شأنه أن يسمم العلاقة بأكملها بين تركيا وروسيا. لكن التطور الإيجابي في سوريا يمكن أن يساعد أيضاً في إصلاح الخلافات الأخرى بين البلدين" يقول يالينكيليكلي.

وكانت تركيا انسحبت مؤخراً من عدة نقاط مراقبة في إدلب، كانت تتمركز في المناطق التي سيطرت عليها ميليشيات الأسد بمساعدة روسية في حملة آذار / مارس.

وعلى الرغم من الانسحاب التركي، لا تُظهر أنقرة أي مؤشر على أنها قد تترك المنطقة تحت رحمة كل من الروس ونظام الأسد، وتتمركز في مناطق أخرى.

يشير يالينكيليكلي إلى أنه في حالة التهديد، سترد تركيا بقوة في شمال سوريا على كل من الروس ونظام الأسد.

محور فرنسا وروسيا ضد تركيا

في حين بدا أن باريس وموسكو على خلاف حول العديد من القضايا، كان البلدان على نفس الصفحة مع بعضهما البعض في العديد من النزاعات من الحرب الأهلية الليبية إلى الصراع بين أذربيجان وأرمينيا.

دعم كلا البلدين القوات غير الشرعية في ليبيا، حيث يدعمان أمير الحرب، خليفة حفتر، ضد حكومة طرابلس المعترف بها من الأمم المتحدة، ومنطقة قره باغ، ويبدو أن كلا البلدين متحالفان مع القوات الأرمينية المحتلة.

وفي كلا النزاعين، تدعم تركيا التطلعات المشروعة القائمة على الأمم المتحدة للحكومتين الليبية والأذربيجانية ضد قوات الاحتلال.

في سوريا، وهي مستعمرة فرنسية سابقة، لم يُظهر الرئيس إيمانويل ماكرون إشارة مؤكدة على دعمه لنظام الأسد الوحشي كما فعلت روسيا.

لكن ماكرون أشار في عام 2017 إلى أن فرنسا لم تعد ترى أولوية لرحيل الأسد عن السلطة، قائلاً: "لأنه لم يعرّفني أحد على خليفته الشرعي".

في علامة مقلقة، زاد ماكرون حديثاً من لهجته المعادية للمسلمين في خطوة لإرضاء الحركات اليمينية المتطرفة المتنامية في البلاد بلغة علمانية صارمة. عُرف كل من حفتر والأسد بنسختهما الصارمة من العلمانية الاستبدادية.

يشبه تحرك ماكرون نحو اليمين المتطرف السياسة الروسية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يبدو أنه يطور علاقات قوية مع الحركات الأوروبية اليمينية المتطرفة.

وفي السياق، قال سينر أكتورك، الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية بجامعة كوتش، في مقابلة سابقة مع تي آر تي وورلد: "تمتلك روسيا قوة ناعمة كبيرة داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من خلال علاقاتها مع الجماعات اليمينية المتطرفة والمناهضة للمهاجرين والمعادية للمسلمين".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات