رجل في الأخبار.. عدنان الأفيوني على خطى البوطي بين المواقف والمصير

رجل في الأخبار.. عدنان الأفيوني على خطى البوطي بين المواقف والمصير
أعاد مقتل مفتي نظام أسد في دمشق وريفها وعضو المجلس العلمي الفقهي في وزارة أوقاف النظام، عدنان الأفيوني، الجدل السوري حول مقتل من يصفهم سوريون معارضون بأنهم "علماء السلطة"، ليكون مقتل الأفيوني مشابهاً لمقتل محمد سعيد رمضان البوطي في 2013 من حيث المواقف والنهاية.

وقتل الأفيوني بانفجار عبوة ناسفة في سيارته في مدينة قدسيا بريف دمشق مسقط رأسه الخميس الماضي، بحسب إعلام أسد الرسمي الذي خصص جزءاً من تغطيته التلفزيونية لمواكبة تشييع الأفيوني بحضور وزير أوقاف النظام عبد الستار السيد كممثل رسمي عن بشار أسد في الجامع الأموي بدمشق.

شيخ المصالحات

سطع نجم الأفيوني مع بدء مهمته في رعاية التسوية بين فصائل المعارضة وميليشيا أسد في مدينة داريا بريف دمشق في 2016، إذ دخل المدينة على رأس وفد من "الحرس الجمهوري"، والذي أدى في النهاية إلى خروج المعارضة من المدينة بعد حملة عسكرية شنها النظام بمختلف الأسلحة العسكرية وحصار استمر لأربعة أعوام، الأمر الذي رفع أسهم المفتي وقربه من أسد.

عقب ذلك ظهر الأفيوني يؤمّ المصلين بحضور رأس النظام بشار أسد خلال صلاة عيد الأضحى بجامع سعد بن معاذ في مدينة داريا، في أيلول 2016، ويعتبر من على المنبر أن "ليس للسوريين سوى المصالحة"، معتبراً أن "سوريا ستنتصر بقيادة أسد وسيعيد بناءها". 

كما أشاد المفتي حينها بنظام أسد وضرورة التخلي عن السلاح والخضوع لنظام المصالحة مع أسد على غرار اتفاق داريا الأول من نوعه في دمشق وريفها، والذي شكل صدمة كبيرة في صفوف المعارضة لأهمية المدينة وموقعها الجغرافي والثوري.

ولعب الأفيوني دوراً في الضغط الديني والشعبي على فصائل المعارضة في مسقط رأسه قدسيا وبلدة الهامة المجاورة، واللتين كانتا تشكلان ركناً للمعارضة السورية في ذلك الوقت لقربهما من العاصمة ومن النقاط العسكرية الكبرى لميليشيا أسد.

وفي النهاية نجح المفتي بمهمة تنفيذ اتفاقات التسوية في بلدات الهامة وقدسيا، وبعدها ساهم في ملفات الزبداني والقلمون ووادي بردى، والتي انتهت جميعها بخروج المعارضة إلى الشمال السوري وعودة تلك المناطق لسيطرة ميليشيا أسد.

من الدروس إلى السلطة

ولد الأفيوني في العاصمة دمشق عام 1954، ودرس في كلية الدعوة الإسلامية بدمشق، كما درس في المعهد الشرعي للدعوة والإرشاد، فيما حصل لاحقا على شهادة الماجستير بدرجة ممتاز خلال دراسته في كلية الدراسات العليا في جامعة أم درمان في السودان.

ويشرف الأفيوني على مركز "الشام الدولي الإسلامي لمواجهة التطرف" الذي استحدثه نظام أسد خلال أعوام الثورة.

واشتهر بإلقاء الدروس الدينية في جامع قدسيا مسقط رأسه قبل عام 2011، وعرف بكثرة مريديه وتلامذته، لكنه لم يشغل منصبا أو تكليفا قبل بداية أحداث الثورة السورية.

تسلم مهام مفتي دمشق وريفها بداية عام 2013، رغم اعتذاره مرات عديدة عن ذلك المنصب، حيث كان يكتفي بإلقاء الدروس الدينية في مدينة قدسيا بريف دمشق.

في الأعوام الأولى للثورة السورية قام الأفيوني بجولات دولية شملت مصر ولبنان، روّج من خلال محاضرات ألقاها في جولاته لرواية نظام أسد ونظرية المؤامرة والإرهابيين والتكفيريين التي تواجه سوريا في حربها وهي رواية النظام التي حاول إعلام أسد تكريسها.

وفي أيار 2019 تسلّم عدنان الأفيوني من بشار أسد إدارة "مركز الشام الإسلامي لمحاربة الإرهاب والتطرف" في دمشق، والمتخصص برصد الأفكار المتطرفة ومحاربتها ومتخصص أيضا بتأهيل الأئمة والخطباء والعلوم الشرعية، حسب توجيهات النظام.

بين البوطي والأفيوني

يشابه مصير الأفيوني وموقفه السياسي مع الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي قتل في تفجير استهدف جامع الإيمان بحي المزرعة وسط دمشق في آذار 2013، ووجهت الاتهامات لنظام أسد بقتله بسبب شعبيته الواسعة على الرغم من موقفه المؤيد لوجهة النظام في نظرية المؤامرة والإرهاب.

واهتم نظام أسد بمقتل البوطي في ذلك الوقت واتهم "إرهابيين" بمقتله، رافق ذاك إدانات محلية وعربية واسعة وأبرزها في صفوف المعارضة التي استنكرت الحادثة كباقي الجهات العربية والدولية والشخصيات الإسلامية التي نعته واستنكرت اغتياله. 

وتجتمع وجوه الشبه بين البوطي والأفيوني في الموقف السياسي الذي خدم نظام أسد من حيث الإفتاء وإعطاء الشرعية لقواته، بل وتحريم الخروج عليه، إذ كان للبوطي قاعدة شعبية ودينية واسعة إلى جانب قربه من الأسد الأب والابن.

كما أن المصير تشابه في نهاية الشيخين، البوطي والأفيوني، والذي كان بتفجير مجهول في مناطق أمنية تُحكم ميليشيا الأسد السيطرة عليها، رغم اختلاف أزمنة التفجيرات المتشابهة بسيناريوهاتها.

إلى جانب ذلك، أثار الأفيوني موجة من الجدل في صفوف السوريين من الطرفين، بين من نعاه شهيدا وبين من اتهمه بمساندة أسد في القضاء على الثورة السورية وتهجير أهلها والتمجيد لـ "القاتل" في إشارة للنظام وميليشياته.

ويأتي الاستدلال من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي عجت بمنشورات تنعى الأفيوني وتحكي عن فضائله ومسيرته، من مريديه وزملائه العلماء في كل مكان، والذين استرجعوا حادثة مقتل البوطي وشبهوها بحادثة الأفيوني.

كما أن تشييع الأفيوني كان شبيها إلى حد ما بتشييع البوطي، من حيث المكان في الجامع الأموي وحضور شخصيات ممثلة لبشار أسد، مع فارق الدرجة العلمية التي كان يتمتع بها البوطي في المجمع الإسلامي العربي والدولي.

إلغاء هيئة المصالحات 

وتزامن مقتل الأفيوني مع إلغاء مجلس الشعب التابع لنظام أسد ما يعرف بـ "الهيئة العامة للمصالحة" في سوريا والمشكلة في عام 2018 وفق مرسوم تشريعي، حيث إن إلغاءها جاء بسبب "استنفاد دورها"، بحسب الرواية الرسمية.

واستفاد نظام أسد من "وزارة المصالحة"، قبل أن تتحول إلى هيئة، منذ عام 2012، بلعب دور الوساطة والحوار مع فصائل المعارضة، حتى الوصول إلى اتفاقيات تسوية أو عودة عناصر المعارضة إلى "حضن النظام" بمسمى "مصالحات".

وأسدل الستار عن صفحة الأفيوني لكن الجدل مازال يتفاقم بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي بين مستنكر لمقتله وبين من يعارض ذلك.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات