"المونيتور": جماعة متطرفة في إدلب تنفصل عن الفكر الجهادي

"المونيتور": جماعة متطرفة في إدلب تنفصل عن الفكر الجهادي
قال موقع المونيتور في تقرير له : إن "هيئة تحرير الشام" التي أدرجتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية أعلنت من خلال مجلسها الشرعي التبرؤ من المفكر الجهادي الأردني البارز عصام البرقاوي الملقب بـ"أبي محمد المقدسي".

وفي بيان صدر في 10 أكتوبر/ تشرين الأول قال المجلس الشرعي التابع لـ"تحرير الشام": "إنه <المقدسي> ليس واحدًا منا ونحن لا نتبع طرقه، نحن نميز بين مفهومه الهرطقي عن (وحدانية الله) وبين الفكرة التي علمنا إياها أسلافنا وخلفاؤنا <العلماء>. نحن نتنصل من أيديولوجية البرقاوي وسلوكه".

وقال المقدسي في بيان عبر قناته على "تلغرام" قبل أيام والتي تم إزالتها لاحقًا: "لقد تبين لنا مظالم وتظلمات أعضاء هيئة تحرير الشام وتعاونهم مع المخابرات التركية في تحقيقهم مع المسلمين، من يحرض المخابرات التركية ضد المسلمين يرتكب مخالفة في الإسلام، ويظهر ارتداده وانحرافه عن الدين  إذا تعاون مع تركيا".

وتوترت العلاقات بين المقدسي و"هيئة تحرير الشام" منذ انشقاقها عندما كانت تعرف سابقًا باسم "جبهة النصرة" عن تنظيم القاعدة في عام 2016 وإعلانها تشكيل "جبهة فتح الشام"، حيث أثار الإنقسام آنذاك غضب التيار الأكثر راديكالية داخل "جبهة النصرة"، والذي أعلن بدوره تشكيل "حراس الدين" المحسوب على القاعدة.

والمقدسي هو سلفي أردني جهادي من أصل فلسطيني، وألف العديد من الكتب حول تعاليم الإسلام، والتي درست عبر معسكرات القاعدة في المنطقة على مر السنين، وكان يعتبر من المقربين من أبو مصعب الزرقاوي مؤسس القاعدة في العراق. وسُجن في الأردن عدة مرات.

ويأتي هجوم المقدسي الأخير على جهاز الأمن التابع لـ"هيئة تحرير الشام" وسط حملة القمع المستمرة ضد فلول "حراس الدين" واعتقال قادتها. إذ يعتقد المقدسي أن هذه الخطوات اتخذت بالتنسيق مع أطراف دولية، بما في ذلك تركيا التي يعتقد أنها تتعاون مع الولايات المتحدة.

وقال الباحث السوري المقيم في تركيا محمد سرميني، وهو مدير مركز جسور للدراسات: إن "هيئة تحرير الشام أرادت بمهاجمة المقدسي إرسال عدة رسائل : أولاً أرادت كسب التأييد الشعبي والسعي لمزيد من القبول في الأوساط السورية لتعزيز شعبية سلطة الأمر الواقع التي فرضتها في شمال غرب سوريا".

 

كما أرادت الهيئة "تشجيع الفصائل العسكرية الأخرى على زيادة التعاون في مشروع مجلسها العسكري الذي كانت تخطط له منذ فترة <في ضوء> مطالب حل هيئة تحرير الشام وإعلان انفصالها عن التنظيمات الجهادية غير السورية <إشارة إلى القاعدة> يؤكد أن هيئة تحرير الشام هي منظمة سورية منفتحة تخلت عن نهج التطرف والراديكالية".

وأضاف سرميني أن "السبب الثاني سياسي بامتياز. وكان للبراءة من المقدسي توقيت محدد رغم الخلاف العميق بين الطرفين في الماضي. إذ تعمل هيئة تحرير الشام حالياً على تشكيل مكتب تمثيل سياسي في إدلب وترغب في قبول نشاطها دولياً من خلال التأكيد على تخليها عن السلطات السلفية الجهادية وتحولها إلى جماعة تؤمن بممارسة السياسة وتستطيع المشاركة في الحل السياسي <السوري>".

وبحسب سرميني فإنه "على الأرجح ستكون الجماعات والتنظيمات الجهادية أكثر عنادًا في موقفها تجاه هيئة تحرير الشام بسبب التوترات مع المقدسي. سترى الجماعات الجهادية <حراس الدين وأنصار التوحيد وغيرهما> في موقف هيئة تحرير الشام ضد المقدسي دليلاً  آخر على انحرافها عن طريق الجهاد وانقلاب على السلطات الجهادية. قد يعرض هذا الموقف هيئة تحرير الشام لخطر المزيد من الهجمات والاستهداف من خلايا الدولة الإسلامية <داعش> أو خلايا حراس الدين التي بقيت في شمال غرب سوريا على الرغم من هجمات هيئة تحرير الشام والحصار على التنظيم".

واعتبر أنه "ربما يتواصل المقدسي مع قادة هذه الخلايا ويتحدث معهم حول انفصال هيئة تحرير الشام <عن الجماعات الجهادية، بما في ذلك القاعدة> والتعاون مع المخابرات الدولية لملاحقة "المهاجرين" <المقاتلين الأجانب> والقضاء على المنظمات الجهادية".

وأشار إلى أن التوترات في العلاقات بين "تحرير الشام" والمقدسي لن تؤثر على "حراس الدين" التي قررت الهيئة القضاء على التنظيم  قبل التوترات المفتوحة مع المقدسي. حيث يعود سبب الخلاف الأخير بين الحزبين بشكل أساسي إلى موقف "هيئة تحرير الشام" من "الجماعات الجهادية"، لا سيما "حراس الدين".

أما الدور التركي فهو موجود في التوترات الحالية. وبحسب سرميني فإن أحد الأسباب الرئيسية وراء تصعيد المقدسي ضد "تحرير الشام" هو أن المقدسي يعتقد أن "هيئة تحرير الشام" انحرفت عن الدين بسبب تنسيقها مع المخابرات التركية في ملاحقة المقاتلين الأجانب.

وأضاف أن بعض الشائعات يتم تداولها بين نشطاء الثورة، وخاصة المعارضين للهيئة حيث سهلت هيئة تحرير الشام تسليم أكثر من 2300 مقاتل أجنبي إلى تركيا. وقال: "معظمهم كانوا أعضاء في داعش".

وأن تنصل المقدسي والخطوات الأخرى التي تتخذها "هيئة تحرير الشام" لإظهار اعتدالها - وفقاً للباحث السوري - ربما شجعت تركيا. وأوضح أن أنقرة قد ترغب في تعزيز مواقفها في مواجهة الجهات الدولية وإظهار أنها تحرز تقدمًا في تغيير هيكل "هيئة تحرير الشام" وتحويلها إلى منظمة لا تهدد الأمن الدولي.

صالح الحموي أحد مؤسسي "جبهة النصرة" وانشق عنها، وهو الآن أحد أشد المعارضين والمنتقدين لـ"تحرير الشام" لم ينضم إلى أي منظمة بعد ذلك ويعيش الآن في تركيا. قال لـلمونيتور: "هجمات المقدسي على هيئة تحرير الشام ليست جديدة. بدأت عندما انسحبت هيئة تحرير الشام من القاعدة واعتقد المقدسي أن ذلك كان كسرًا غير مقبول للعهود. وواصل هجومه المكثف عندما سمحت هيئة تحرير الشام بنشر نقاط <مراقبة> تركية في شمال غرب سوريا، وعندما انسحبت <هيئة تحرير الشام> من شرق السكة مطلع 2018. واعتبر ذلك تنفيذاً لاتفاق أستانا. استمر في مهاجمة هيئة تحرير الشام حتى تم التوصل إلى اتفاق سوتشي".

واعتبر الحموي أن "المقدسي كان يعتقد أن هيئة تحرير الشام أصبحت أداة في يد تركيا وتلمح إلى ارتدادها. ومع ذلك، فإن الردة الصارخة جاءت بعد أن قامت هيئة تحرير الشام بحماية الدوريات الروسية التركية وفقًا لمقدسي الذي اعتبر هذا العمل تكفيريا وليس مفتوحًا للتفسير".

وأضاف حموي أن "هيئة تحرير الشام غسلت يديها من المقدسي لأنه يدعم حراس الدين لكنه دفع عناصرها للانشقاق. لكن المقدسي لا يحظى بشعبية في سوريا أو بين الفصائل الجهادية. لديه فقط أتباع شباب على الإنترنت يشنون هجمات التكفير على هيئة تحرير الشام. علاوة على ذلك، لا علاقة لتركيا بهذا الأمر ولم تطلب من هيئة تحرير الشام أي شيء،  في الواقع تركيا تتجاهل تمامًا كل ما يتعلق بالجماعات الجهادية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات