انسحاب النقاط التركية في إدلب.. تكتيك عسكري أم ضغط الحليف؟

انسحاب النقاط التركية في إدلب.. تكتيك عسكري أم ضغط الحليف؟
فرض انسحاب النقاط العسكرية التركية من مناطق ميليشيا أسد بريفي حماة وإدلب، تساؤلات عديدة حول انعكاس تلك التغيرات على مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، في ظل الاتفاقيات غير المستقرة بين روسيا وتركيا.

وبدأت الخطوة المفاجئة بسحب الجيش التركي لنقطة المراقبة في مورك بريف حماة، وهي نقطة محاصرة من ميليشيا أسد بعد السيطرة على المنطقة بدعم روسي العام الماضي، حيث بقيت عدة نقاط تركية قيد الحصار بعد تغير خارطة السيطرة الميدانية.

وتمتلك تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية منتشرة في أرياف إدلب وحماة واللاذقية وريف حلب بموجب اتفاق أستانا مع روسيا، إلا أن العديد من النقاط أصبحت محاصرة من قبل ميليشيا أسد بعد تقدمها بدعم روسي أواخر العام الماضي حتى فبراير/ شباط الماضي.

تموضع أم انسحاب؟

وفي ظل التصريحات المتكررة لمسؤولين أتراك خلال الأشهر الماضية حول بقاء النقاط في مكانها، وتأكيدات بعدم سحبها كونها متواجدة جراء الاتفاق مع روسيا وإيران، إلا أن الانسحاب المفاجئ فتح باب التساؤلات حول الأسباب والأهداف الكامنة وراء الخطوة التركية.

ويرى المحلل العسكري العقيد أحمد حمادي أن النقاط التركية المحاصرة في مناطق سيطرة أسد فقدت وظيفتها التي دخلت بموجبها للمنطقة، وهي المراقبة ومنع الاحتكاك بين فصائل المعارضة وميليشيا أسد.

واعتبر حمادي في حديث لأورينت نت، أن "إعادة انتشار النقاط التركية المنسحبة قد يعطي فوائد أكبر بتقوية النقاط الأخرى، أو إحداث نقاط جديدة كنقطة قوقفين وكنصفرة جنوب إدلب".

وبحسب المحلل العسكري فإن محاصرة النقاط التركية من قبل ميليشيا أسد "يشكل ضغطا على الجيش التركي الذي يرفع الضغط عن نفسه بإعادة نشر نقاطه مجددا في أماكن أكثر فاعلية"، متوقعا أن يكون التموضع الجديد للنقاط التركية جاء بتوافق مع الجانب الروسي، بعد فشل اقتناع قوات الاحتلال الروسي بالانسحاب إلى خطوط سوتشي.

من جهته اعتبر الضابط السابق في صفوف "الجيش الحر"، سامر الصالح، أن "نقاط المراقبة التركية في مناطق سيطرة أسد لم يعد لوجودها جدوى في الوقت الحالي"، وخاصة بعدما فشلت المفاوضات حول عودة السكان إلى تلك المناطق التي سيطرت عليها ميليشيا أسد العام الماضي.

ويضيف الصالح، أن الروس وأسد لم يوافقا على مقترح إعادة السكان إلى مناطقهم، وفق الرؤية التركية الروسية السابقة، إضافة لوجود اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة والذي تم تمديده مدة ستة أشهر إضافية بين أنقرة وموسكو، بحسب قوله.

إدلب بين الحليفين 

البدء بسحب النقاط أدخل مستقبل المنطقة في غموض وسط تخوف من تحول إدلب إلى ساحة تصفية حسابات خاصة في ظل توتر العلاقات بين تركيا وروسيا في ملفات أخرى أبرزها ليبيا وحرب أذربيجان وأرمينيا في القوقاز.

وتوقع حمادي تمسك تركيا بموقف الدفاع عن مناطق المعارضة في الشمال السوري، مستدلا بإرسال التعزيزات العسكرية للجيش التركي بشكل مستمر إلى إدلب وخاصة في الأيام الأخيرة، إلى جانب رفض أنقرة مطالب روسيا بتقليص قواتها في المنطقة.

كما استبعد المقدم الصالح قيام الروس بعمل عسكري قد يقلب الطاولة، لأن ذلك سيدفع بالفصائل لعمل معاكس مدعوم من أمريكا وتركيا في آن واحد، مشيراً إلى أن الجيش التركي سيحافظ على الوضع الحالي في إدلب، بحسب تعبيره.

وتشير التصريحات المرتبطة بالواقع الميداني إلى خلافات غير معلنة بين الروس والأتراك في سوريا وجبهات إقليمية على رأسها أذربيجان وليبيا، والذي وصفها المحلل الصالح بأنها "حرب ناعمة" بين الطرفين.

وكانت روسيا طلبت من تركيا خلال اجتماع أمني بينهما في أنقرة الشهر الماضي بسحب نقاط المراقبة والسلاح الثقيل من إدلب، الأمر الذي قابلته أنقرة بالرفض وطلبت في المقابل السيطرة على مدينتي تل رفعت ومنبج بريف حلب.

انسحاب من قيد الحصار

وكان قيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير"، طلب عدم الكشف عن نفسه، قال لأورينت نت إن كل النقاط التركية المحاصرة من شير مغار باتجاه حي الراشدين غرب حلب الواقعة في مناطق أسد سيتم سحبها خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف أنه لا توجد تفاصيل حول آلية الإخلاء حتى الآن، لكن سحب النقاط قد يستغرق شهرين كون كل نقطة تحتاج إلى عشرة أيام وأكثر.

وأوضح القيادي أن الأولوية في الوقت الحالي لنقطة مورك بريف حماة كونها تعتبر أبعد نقطة تركية عن الحدود.

وبدأت تركيا بالتحرك أمس الأحد لسحب نقطة المراقبة في مورك، وأرسلت آليات سلكت طريق مدينة سراقب بريف إدلب متجهة إلى حماة قبل استهدافها من قبل ميليشيا أسد، ما أدى إلى مقتل سائق إحدى الآليات.

وأثار الانسحاب تساؤلات عديدة في ظل غموض التصريحات الرسمية والخلافات التي رسمتها التحركات العسكرية خلال الأسبوع الماضي في محاور إدلب، عبر أرتال عسكرية عديدة للجيش التركي وصلت إلى جنوب المحافظة ورافقها استنفار للفصائل المقاتلة. 

ولم تعلق تركيا حول أسباب إخلاء النقاط حتى ساعة إعداد التقرير، رغم تأكيدات سابقة لمسؤولين أتراك بعدم سحب النقاط كونها توجد وفق اتفاق مع روسيا وإيران بما يعرف بمحادثات أستانا.

وقبل أسابيع شهد محيط النقطة العسكرية التركية في مورك، مظاهرات منظمة ومدفوعة من ميليشيا أسد وبإشراف ضباط وعناصر يرتدون زياً مدنياً، في خطوة لمطالبة النقطةالتركية بالانسحاب.

وسبق أن رفضت تركيا سحب نقاط المراقبة من ريف حماة ومناطق ريف إدلب التي خضعت لسيطرة مليشيا أسد، واعتبرت أن وجود تلك النقاط منوط باتفاق سوتشي الموقع مع روسيا.

وتتمركز النقطة التركية في مروك على بعد أكثر من 80 كلم عن الحدود التركية، ما يجعلها النقطة الأبعد جغرافياً عن نقاط الإمداد التركية في حال حصل اعتداء عسكري عليها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات