بين أسد ولافروف.. لا للدستور نعم للحرب

بين أسد ولافروف.. لا للدستور نعم للحرب
أراد  بشار أسد إيصال رسائل جديدة إلى حلفائه ومعارضيه خلال لقاءاته الإعلامية على مدى الأيام الماضية مع وسائل إعلام روسية، وتتعلق هذه الرسائل برفضه أي عملية سياسية لا تتوافق مع رؤيته إلى جانب إصراره على الحل العسكري.

حديث أسد جاء في سياق مشهد سياسي تحاول موسكو رسمه على الساحة السورية، من خلال تجميد العمليات العسكرية و"حل المشاكل الإنسانية الحادة واستعادة الاقتصاد الذي دمرته الحرب"، بحسب ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلته مع وكالة "سبوتنيك" منتصف الشهر الماضي.

كما تسعى روسيا إلى الحفاظ على مسارها السياسي في أستانا واللجنة الدستورية الناتجة عنه، التي ينسفها نظام اسد إما من خلال نهج المماطلة في اجتماعاتها أو من خلال عدم الاعتراف بمخرجاتها، في رد واضح على تصريحات لافروف الذي أكد دعمه للعملية السياسية وإيقاف العمليات العسكرية.

لا للعملية الدستورية 

في مقابلة مع وكالة "روسيا سيغودنيا" الإخبارية، الخميس 8 من أكتوبر/ تشرين الأول، وصف أسد المفاوضات السياسية التي تجري في جنيف فيما يتعلق باجتماعات اللجنة الدستورية بـ"اللعبة السياسية"، قائلاً إن "مفاوضات جنيف هي عبارة عن لعبة سياسية، وهي ليست ما يركز عليه عموم السوريين، فالشعب السوري لا يفكر بالدستور، ولا أحد يتحدث عنه".

وجاء الوصف عقب يومين من اتهامه للمعارضة السورية بأنها مختارة من قبل تركيا وأمريكا، وأنها تريد إضعاف الدولة وتفكيكها ووضع دستور يؤدي إلى "الاضطراب والفوضى بدلاً من أن يؤدي للاستقرار، وهذا الشيء نحن لا نقبل به، ولا نفاوض حول أشياء تمس استقرار سوريا"، بحسب زعمه.

وإلى جانب ذلك اعتبر أسد في مقابلة مع قناة "زفيزدا" الروسية، الأحد الماضي، أنه "طالما أنه هناك تدخل خارجي لا يمكن أن تنجح المفاوضات".

تصريحات رأس النظام حول رفض العملية الدستورية في جنيف ليست جديدة وإنما رفض مراراً خلال الأشهر الماضية بظهوره الإعلامي المتكرر أي عملية سياسية لا تحافظ على نظامه،  معتبراً أن التوصل لأي عمليه تخرجه من الحكم وأكد "لن يكون سوى في أحلامكم" كما قال أواخر العام الماضي.

لكن تصريحاته في الوقت الحالي جاءت رداً على وزير الخارجية الروسي الذي تحدث عن أهمية اجتماعات اللجنة والعملية الدستورية كونها من مخرجات محادثات أستانا التي تعتبر الراعية لها إلى جانب تركيا وإيران.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، في 24 من الشهر الماضي، إن بلاده تواصل التعاون مع كل من تركيا وإيران، بشأن أعمال اللجنة الدستورية السورية، مؤكداً أهميتها والدور البارز الذي تلعبه تركيا وإيران في تشكيلها والتعاون بشأن عملها.

وأضاف لافروف أن "متابعتنا باستمرار وعن كثب لعمل اللجنة الدستورية بالتنسيق الوثيق مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد جير بيدرسن، تعود بالنفع على القضية، وهذا ما أكدته اتصالاتنا مع الأمم المتحدة في الأسابيع الأخيرة".

وأثارت تصريحات أسد انتقاداً روسياً بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصدر روسي لم تسمه اليوم الجمعة بأن بشار أسد حاول "التهرب من الأزمة الداخلية في بلاده، وتقديم تطمينات إلى مؤيديه بأنه متمسك بمواقفه".

وأكد المصدر الذي لم تكشف عن هويته أن أسد حاول قلب الحقائق غير المطمأنة لأنها تظهر عدم رغبته جدياً في الإقرار بحجم وجوهر المشكلة الداخلية، فضلاً عن عدم استعداده للسير في مسار الحل السياسي.

وانتقد المصدر موقف أسد واصفاً إياه بـ"غير المهتم بدفع العمل نحول حل سياسي عبر تفعيل اللجنة الدستورية على خلاف موقف موسكو الساعي إلى ذلك"، ودلل المصدر على ذلك بحديث أسد "إن اللجنة الدستورية مشكلة من قبل تركيا".

نعم للحرب

لم يقتصر رد أسد على لافروف بالشأن السياسي وإنما شمل العمليات العسكرية لميليشيا أسد في الشمال السوري وشرق الفرات، رافضاً بشكل ضمني تصريح الوزير الروسي حول انتهاء الحرب في سوريا وتوقف المعارك مع فصائل المعارضة.

وفي رده على سؤال بانتهاء الحرب في سوريا قال أسد في مقابلة مع وكالة "روسيا سيفودنيا"  "لا بالتأكيد لا، فطالما أنه يوجد إرهابيون يحتلون بعض مناطق بلادنا ويرتكبون مختلف أنواع الجرائم والاغتيالات والجرائم الأخرى فإن الحرب لم تنتهِ" بحسب ادعائه.

وأضاف أسد "أعتقد أن مشغليهم حريصون على جعلها تستمر لوقت طويل هذا ما نعتقده".

ويأتي كلامه تعليقاً على إعلان وزير الخارجية الروسي بتوقف العمليات العسكرية بين النظام والمعارضة وانتهاء الحرب في سوريا وضرورة الالتفات إلى دفع مسار الحل السياسي.

وقال لافروف في مقابلة مع صحيفة "ترود" الروسية منتصف أيلول الماضي:  إن "الحرب انتهت فعلاً في سوريا وبقي بؤر صغيرة في إدلب وشرق سوريا".

وأضاف أن "المقام الأول حالياً هو لتقديم مساعدات إنسانية شاملة، ودفع العملية السياسية لحل الأزمة لتحقيق استقرار موثوق وطويل الأجل في هذا البلد عبر العملية الدستورية وبمساعدة الأمم المتحدة".

كما ألمح أسد في تصريحه إلى ما أسماه "المقاومة الشعبية" ضد التواجد التركي والأمريكي في سوريا، قائلاً “إذا لم يغادر الأمريكيون والأتراك فإن الأمر الطبيعي الذي ينبغي أن يحدث هو المقاومة الشعبية. هذه هي الوسيلة الوحيدة. فهم لن يغادروا عن طريق النقاش"، وهو ما بدأه بالفعل عندما حرك مواليه للاحتجاج أمام نقاط المراقبة التركية الواقعة في مناطق سيطرة ميليشيا أسد.

وتخضع إدلب إلى اتفاق روسي- تركي منذ آذار الماضي إضافة إلى اتفاقهما في شرق الفرات عقب عملية "نبع السلام" التركية، وهذه الاتفاقيات تمت بموافقة أسد بعد اطلاعه عليها من قبل  الروس بحسب ما صرح لافروف مراراً في مقابلات صحفية.

وجاءت تصريحات أسد في ظل الذكرى الخامسة للتدخل الروسي في سوريا وبحثها عن مخرج من المستنقع السوري كما وصفه المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، والذي أكد في مقابلة مع "معهد بيروت" بأن واشنطن ستعمل على بقاء الوضع كما هو عليه حتى قبول النظام بالحل السياسي وفق مخرجات جنيف والقرار 2254.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات