بماذا تشي نتائج الانتخابات الإقليمية عن روسيا تحت حكم بوتين؟

بماذا تشي نتائج الانتخابات الإقليمية عن روسيا تحت حكم بوتين؟
ليس من المستغرب ادعاء الحزب المهيمن في روسيا تحقيق انتصارات كاسحة في الانتخابات الإقليمية والمحلية، لكن المفاجئ هو انتصار حلفاء الناشط ألكسي نافالني زعيم حملة مكافحة الفساد الذي سمّم، بمقاعد تشريعية في مدينتين في سيبيريا، وفقدان حزب روسيا المتحدة الذي يسيطر عليه الكرملين أغلبيته في ثلاث مدن.

عقدت الانتخابات لاختيار محافظين، ومجالس تشريعية إقليمية، ومجالس المدن في العديد من مقاطعات روسيا في غضون ثلاثة أيام من التصويت الذي انتهى في 13 أيلول. وكما هو الحال مع جميع الانتخابات الروسية تقريباً في السنوات الأخيرة، جرى التصويت في إطار قيود ما أطلق عليه أحد مهندسي النظام السياسي للرئيس فلاديمير بوتين ذات مرة اسم "الديمقراطية الموجهة".

ومع ذلك، على الرغم من الجهود الإدارية التي يبذلها الكرملين وحملات القمع ضد المعارضين - بحسب راديو فري يوروب - كان هناك مجال للمناورة أمام الناخبين الروس، الذين حفزتهم القضايا المحلية – مثل مواقع دفن النفايات – ممّا حدى بالناخبين في بعض المواقع للضغط من أجل نتائج انتخابات لا تتناسب مع خطط موسكو الحاكمة.

علاوة على ذلك، هناك حقيقة مفادها أن الحزب السياسي الحاكم في البلاد لا يحظى بشعبية كبيرة، وأن بريق بوتين قد خبا، مع تراجع شعبيته في فترة ولايته الحالية.

وسيكون لذلك آثار شديدة غير مباشرة على الانتخابات الوطنية في العام المقبل لمجلس النواب، (مجلس الدوما).

تسميم نافالني

جرت الانتخابات بعد ثلاثة أسابيع فقط من مرض نافالني الشديد أثناء سفره إلى موسكو من تومسك، حيث كان يقود حملة انتخابية لحشد مؤيديه المحليين، ودفع مبادرة "التصويت الذكي".

وأدخل نافالني إلى المستشفى في روسيا ودخل في غيبوبة، ثم نُقل لاحقاً إلى مستشفى في برلين، حيث خلص الأطباء الألمان إلى أنه تسمم بغاز أعصاب سام طور لأول مرة في الحقبة السوفيتية.

في تومسك، فاز حزب روسيا الموحدة بأكبر عدد من الأصوات لكنه خسر أغلبيته في مجلس المدينة، في حين فاز اثنان من حلفاء السياسية المعارضة المنكوبة - كسينيا فادييفا وأندريه فاتييف - بمقاعد، وفقاً للنتائج الأولية.

في نوفوسيبيرسك، وهي مدينة أخرى في سيبيريا معروفة بمجتمعها الأكاديمي والعلمي، كان حليف آخر لنافالني، سيرجي بويكو، في طريقه للفوز بمقعد في مجلس المدينة هناك.

بالرغم من صغر حجم الانتصارات إذ لا تعتبر مجالس المدن عادةً المكان الذي يحدث فيه التغيير السياسي الشامل في روسيا، إلا أنها رمزية للغاية، حيث تُظهر قوة بقاء نافالني - الذي بنى آلة سياسية هائلة، مستفيداً من إحباط الروس من الفساد المستشري الذي يقول النقاد إنه يتغلغل في روسيا الموحدة وحلفاء بوتين.

علاوة على ذلك، جاءت المكاسب خارج المدن الكبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ، حيث شملت المكاسب ما يُعرف في روسيا باسم "المعارضة غير النظامية" - وهي تسمية معقدة تصف قوى المعارضة التي تعمل دون موافقة ضمنية من الكرملين.

أكدت المتحدثة باسم نافالني كيرا يارمش، أن الانتصارات أظهرت أن دعم نافالني يتجاوز المراكز الحضرية الكبرى. وكتبت في منشور على تويتر: "هذا هو الرد على كل الأنين الذي يزعم أن ألكسي غير مدعوم في الأقاليم الروسية". "إنهم يدعمونه كثيرًا".

فوز الحزب الحاكم

كانت شعبية حزب روسيا الموحدة أقل من أي وقت مضى. ويعود الفضل في ذلك لنافالني، بعد أن روج لأول مرة لعبارة "حزب المحتالين واللصوص" لوصف روسيا الموحدة في عام 2012، ثم شكل حزبه منذ ذلك الحين. كما أضرت عوامل أخرى منها ركود الأجور، وإصلاحات المعاشات التقاعدية المثيرة للجدل، والزيادات الضريبية بمكانة الحزب الحاكم بين الناخبين الروس.

خدوش في دروع حزب روسيا الموحدة

في المجلس التشريعي لمدينة تومسك المكون من 37 مقعداً، على الرغم من أداء حلفاء نافالني، انتهى الأمر بهيمنة روسيا الموحدة، بأكثر من 24 بالمائة من الأصوات، لكن عدد مقاعدها انخفض من 21 إلى 11 فقط، وفقاً للنتائج الأولية.

وبالمثل في نوفوسيبيرسك، حيث انخفضت حصة روسيا الموحدة من 33 إلى 22 مقعداً، كما خسرت روسيا الموحدة أغلبيتها في المجلس التشريعي لتامبوف.

وقالت منظمة غولوس المستقلة لمراقبة الانتخابات إن 6 من المرشحين الـ 18 الذين ترشحوا لمنصب المحافظ ترشحوا كمستقلين لإخفاء انتماءاتهم تجاه روسيا الموحدة.

يطرح استمرار تراجع شعبية روسيا الموحدة مشكلة للكرملين، حيث يسود قلق من أنه إذا كانت انتخابات مجلس الدوما المتوقعة في سبتمبر 2021 نزيهة وتنافسية، فقد يتكبد الحزب خسائر كبيرة.

وهناك دلائل على أن الكرملين ربما يحاول بالفعل المضي قدماً في حل مشكلة عدم شعبية روسيا الموحدة فقد حصل حزب سياسي جديد تم إنشاؤه بمباركة الكرملين - شعب جديد - على عدد كافٍ من الأصوات في الانتخابات المحلية التي جرت في نهاية الأسبوع للتنافس على انتخابات الدوما.

التصويت الذكي

بعد أن أدرك نافالني وحلفاؤه أنهم لا يستطيعون مواجهة حزب روسيا الموحدة و"الديمقراطية الموجهة" التي يديرها الكرملين بشكل مباشر، اختاروا تكتيكاً مختلفاً أسموه "التصويت الذكي". ذلك بأن تقدم منظمة نافالني السياسية للناخبين الساخطين قائمة بالمرشحين البديلين لمرشحي روسيا الموحدة.

لقد نجحت هذه السياسة في انتخابات مجلس مدينة موسكو لعام 2019، حيث خسرت روسيا المتحدة عدداً كبيراً من المقاعد، ويبدو أنها نجحت في نوفوسيبيرسك وتومسك وأماكن أخرى في هذه الانتخابات الأخيرة. إجمالاً، أيدت مجموعة نافالني أكثر من 1000 مرشح في الانتخابات المحلية في جميع أنحاء البلاد لتحدي مرشحي روسيا الموحدة.

كتب إيليا ياشين، وهو زعيم سياسي معارض، في منشور على فيسبوك: "النتيجة الرئيسية للحملة الأخيرة بسيطة: يحتاج الناخبون إلى التسجيل على موقع التصويت الذكي والإدلاء بأصواتهم وفقاً لتوصياته". "إذا فعلنا كل شيء بطريقة ذكية، فستخسر روسيا الموحدة في العام المقبل أغلبيتها في البرلمان الفيدرالي".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات