السياحة في سوريا.. وهم الأرقام التي يروّجها أسد

السياحة في سوريا.. وهم الأرقام التي يروّجها أسد
في ظل ما يسمّيه إعلام أسد "زيادة السياح العرب والأجانب" منحت وزارة السياحة في حكومته منذ شباط الماضي، الترخيص لإنشاء مكاتب سياحية، وتدريب أدلاء سياحيين، وتبسيط الإجراءات امام الزوار القادمين إلى سوريا.

كل إجراءات أسد لم تتعدَ كونها محاولات لتنشيط المعارض والأسواق وتأهيل الحدائق والمرافق السياحية والأماكن التراثية، وباءت بالفشل أمام عوامل اقتصادية وسياسية وصحية تتجلت مؤخراً بتفشي وباء كورونا، وتدني الوضع المعيشي.

في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2017 أعلن وزير السياحة حينها عن وجود مشاريع لإنشاء تلفريك في الساحل وإعادة استثمار شاطئ جبلة، وترميم أحد فنادق دير الزور بقيمة 500 مليون ليرة، لتبقى تلك الوعود حبراً على ورق.

وبلغت خسائر القطاع السياحي بين عامي 2011 و2019 حوالي 50 مليار دولار، جراء القصف العشوائي الذي تشنه ميليشيا أسد على المدن والبلدات السورية، والذي دمر بأكثر من 1500 منشأة سياحية، بحسب وزير السياحة، محمد مارتيني.

وبات جليّاً للجميع أن كل ما قام به أسد التدمير ثم إطلاق الوعود بالإعمار والإصلاح، لشعب يحلم نصفه باللجوء مع النصف الآخر، هرباً من أسد وعصابته الذين حولوا البلاد إلى غابة مجهولة الملامح.

أرقام متضخمة وسياحة بلا خدمات

الباحث الاقتصادي، الدكتور فراس شعبو، أوضح لأورينت نت، واقع القطاع السياحي في سوريا منذ بداية الثورة وحتى اليوم. وقال إن نظام أسد كثّف في العامين الأخيرين جهوده للتطبيع مع العالم الخارجي عبر رسائل ضمنية توحي بأن سوريا عادت لسابق عهدها ونشاطها، وأحد أبرز أشكال هذا التطبيع الدعاية والترويج الإعلامي للقطاع السياحي كواجهة للعالم.

وفقد أسد بتدهور السياحة مورداً يدرّ عليه ملايين الدولارات سنوياً، ترافق ذلك بخسائر تجارية وأخرى مُني بها على صعيد طريق الترانزيت، رغم أن القطاع السياحي لم يكن يندرج في إطار الاستثمارات الحكومية قبل الثورة، بل ينحصر في الاستثمارات الخاصة، واستثمارات رجال أعمال يخدمون النظام واسمائهم معروفة للجميع.

ويرى شعبو أن الأرقام التي يتناولها نظام أسد حول عائدات السياحة وقيمة الاستثمارات والأرباح، تقع في فخ التضخيم ولا تحمل قيمتها الحقيقية لهذا الإنفاق الذي لا تستطيع حكومة أسد تبنّيه في وقت تفتقر فيه مناطق سيطرتها لأبسط الخدمات من ماء وكهرباء.

ويحاول أسد استقطاب السياحة الدينية في وقت تتعذر فيه السياحة الطبيعية على مستوى العالم، سيما مع تفشي وباء كورونا وخسارة كبرى مدن العالم لموسمها السياحي، كما شكك "شعبو" بقدرة أسد على جذب مستثمرين ورؤوس أموال للاستثمار في سوريا.

وأضاف أن أولويات شعوب العالم تغيرت في الآونة الأخيرة أمام ظروف لا تشجع على سياحة أو استثمار، إذ شكل الواقع الصحي والاقتصادي وغيره، اختبارات محورية فشل أسد في التعامل معها، وألقت بظلالها على مختلف القطاعات بما فيها السياحة، بحسب شعبو.

بمفهوم أسد: النازحون سائحون

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي، أسامة القاضي، حجم الخسائر التي تعرض لها القطاع السياحي في السنوات الأخيرة، حيث فقد القطاع حوالي 258 الف وظيفة وفرصة عمل، وتعرضت ما بين 24 إلى 42 ألف قطعة أثرية للسرقة، بحسب تصريحات وزير سياحة أسد العام الماضي.

وقال القاضي لأورينت نت، إنه رغم طرح 73 مشروعا من قبل وزارة السياحة للاستثمار والبدء ببناء بعض الفنادق، لكن الوضع الحالي لا يمكن أن يستقطب سوى النازحين بين المحافظات.

وبالحديث عن نزلاء الفنادق الذين بلغ عددهم 294 ألف شخص في العام الماضي، فإن 74 ألف شخص منهم فقط، هم زوار أجانب وعرب، فيما يندرج البقية ضمن النازحين الذين يقيمون في فنادق ذات تصنيف سياحي وخدمي منخفض.  

ويرى القاضي أن السياحة الدينية في ظل الظروف الحالية لا تخدم المرحلة التي تعيشها البلاد، إذ يشكك بكون هذه السياحة جزءاً من مخطط تغيير ديموغرافي يعمل عليه أسد منذ سنوات، وبدت آثاره تتوضح خلال السنوات القليلة الماضية في أكثر من منطقة.

ومن الطبيعي ألّا يشكل بلد تقطع أوصاله القواعد العسكرية الأجنبية والميليشيات العسكرية، ويعتبر من أخطر وأفقر بلدان العالم، أي عنصر جذب سياحي وسط بحر من الدمار والانهيار الاقتصادي، وبحسب القاضي فلا سياحة بلا أمان يقود إليه الحل السياسي بطبيعة الحال.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات