الأوراق الثبوتية معاناة مستمرة تثقل كاهل المدنيين في إدلب

الأوراق الثبوتية معاناة مستمرة تثقل كاهل المدنيين في إدلب
تعتبر أزمة استخراج الأوراق الثبوتية والشخصية في الشمال السوري إحدى أهم المشاكل وأكثرها تعقيداً، وذلك بعد الصعوبات الكبيرة التي فرضها نظام الأسد على المدنيين الذين يعيشون خارج مناطق سيطرته، مما حرم معظم السكان الذين يعيشون في محافظة إدلب وريفها والتي تشهد كثافة سكانية كبيرة نتيجة التهجير القسري من حقهم في استخراج هويات شخصية ودفاتر عائلة وغيرها من الأوراق التي تضمن نسبهم وانتماءهم لبلدهم.

خالد الربيع (28عاماً) نازح من مدينة سراقب بريف إدلب يتحدث لأورينت نت عن أبرز الصعوبات التي واجهته أثناء محاولته استخراح هوية بديلة، بعدما فقد هويته أثناء نزوحه من مدينته فيقول: "فقدت هويتي عندما خرجنا من مدينة سراقب. خرجنا بثيابنا فقط عندما حاصرتنا قذائف وصواريخ النظام وحلفائه".

ويضيف "حاولت جاهداً استخراج هوية بديلة، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل، نتيجة الشروط والعقبات التي فرضها النظام على الأشخاص ممن يعيشون خارج سيطرته، إذ يشترط على الشخص أن يكون داخل مناطق سيطرته لاستخراج هذه الوثائق، ولا يخفى على أحد خطورة العبور من حواجز النظام التي لا يتردد عناصرها باعتقال أي شخص قادم من مناطق الشمال السوري".

ويتابع "حاولت استخراج هوية عن طريق أحد الموظفين الذين يعملون في دوائر السجل المدني في مناطق النظام، إلا أن التكلفة الباهظة التي ستترتب علي حالت دون ذلك" مشيراً إلى أنه يسعى لاستخراج هوية ليتمكن من المرور على الحواجز الكثيرة والتي عادة ما تطلب الهوية من الأشخاص الذين يضطرون للوقوف عليها.

سماسرة وتزوير

ودفعت العديد من الأسباب أشخاصاً لامتهان استخراج الوثائق الثبوتية والعمل"كسماسرة"، حيث تتفاوت الأسعار من شخص إلى آخر، وبلغت تكلفة استخراج هوية شخصية قرابة 300 دولار أمريكي، بينما وصل ثمن دفتر العائلة إلى 500 دولار أمريكي، في حين بلغ ثمن جواز السفر أكثر من 1500دولار، ليتفاجأ معظم الأشخاص الذين استخرجوا هذه الأوراق أنها مزورة وغير رسمية وقانونية، وهو ماحصل مع مصطفى الشريف (31عاماً) إذ يقول: "عملت على استخراج جواز سفر عبر أحد السماسرة، لأكتشف أنه مزور وغير قانوني، بعد أن دفعت ثمنه مسبقاً".

ويؤكد الشاب أن صعوبة استخراج هذه الأوراق، فتحت باب التزوير والاستغلال من قبل معظم السماسرة، في ظل عدم وجود أي مؤسسة رسمية تصدر مثل هذه البيانات والأوراق في المناطق المحررة، لعدم اعتراف الدول المجاورة بأي أوراق خارجة عن مؤسسات النظام.

حرمان من الحقوق

وكانت تقارير صحفية حذرت من تفاقم هذه المشكلة، حيث اعتبرت أزمة الأوراق الثبوتية من بين أكثر الأزمات تعقيداً في الشمال السوري، لعدم حصول المؤسسات المدنية في الشمال السوري على الاعتراف الخارجي، وباتت هذه المسألة معضلة للمدنيين الخارجين عن سيطرة النظام، في ظل الحاجة الملحة لهذه المعاملات، وخاصة بعد الازدياد الكبير في الكثافة السكانية، وحاجتهم إلى عقود زواح وطلاق ونفوس وغيرها من المعاملات الرسمية.

ولا توجد إحصائية دقيقة لنسبة الأهالي الذين لايملكون أوراقا ثبوتية نتيجة الكثافة السكانية الكبيرة، فمعظم الأطفال الذين ولدوا خلال الثورة لا يملكون أي وثيقة تثبت نسبهم وشخصيتهم، مما يحرمهم من حقوقهم مستقبلاً، وهو ما يؤكده المحامي شريف العيدو (44عاماً) بقوله: "الكثير من الأهالي في الشمال السوري يفتقدون للأوراق والوثائق الرسمية والثبوتية، وهو أمر كثير ما نلاحظه في المحاكم والدوائر القضائية، وعدم امتلاك الفرد للهوية أو للأورق الشخصية، يعني فقدان حقه في التعليم والرعاية الصحية والحماية لعدم اعتراف الدولة به وهو مايجعله كالغريب في وطنه".

ولم تقتصر معاناة استخراج الوثائق الثبوتية على الشمال السوري، حيث فرضت قنصليات النظام في الخارج رسوما وضرائب على الأشخاص الراغبين باستخراج هذه الأوراق، بالإضافة لحرمان بعضهم ممن يثبت عليه مناهضته للنظام، أو بلوغه السن الإلزامية للخدمة العسكرية، بحسب العيدو.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات