"الرقص مع الروس" من ليبيا إلى سوريا.. ماذا تريد أنقرة وموسكو؟

"الرقص مع الروس" من ليبيا إلى سوريا.. ماذا تريد أنقرة وموسكو؟
تصل العلاقات الروسية-التركية في كثير من الأحيان والقضايا إلى نقطة الانقطاع، أو هكذا يظنّها البعض، إلا أنّها وعلى الرغم من كل شيء، يحرص الطرفان على التعاون المشترك فيما بينهما، ليؤكد كثيرون بأنّه ليس بإمكان أي من الطرفين التخلي عن بعضهما البعض بهذه السهولة.

هل يمكن لروسيا أن تتخلى عن تركيا؟ ما أهمية كل من البلدين بالنسبة إلى بعضهما بعضا؟ لماذا يغض الغرب الطرف عن أخذ موسكو وأنقرة لزمام الأمور في كثير من القضايا في عدد من دول المنطقة؟ ما الذي تسعى إليه روسيا بالضبط في كل من ليبيا وسوريا؟ أسئلة وغيرها أجاب عنها الكاتب والإعلامي التركي "عبد الرحمن ديلباك" في مقالة نشرتها صحيفة "يني عقد" التركية تحت عنوان "الرقص مع الروس"، أكّد فيها على أنّه ليس بإمكان روسيا تجاهل تركيا.

ووفقا للكاتب، فإنّ أكثر ما تحتاجه موسكو في الشرق الأوسط هو أن يكون لها قاعدة عسكرية قوية، مؤكداً على أنّها حاولت استغلال انفجار مرفأ بيروت في سبيل تحقيق وترسيخ هذه الغاية، مضيفا: "تتعاون روسيا في أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط مع الفرنسيين، واليونان تقحم بنفسها ضمن هذا التحالف الثنائي، ومن جهة أخرى تحرص روسيا على أن تكون على تماس مباشر مع أرمينيا، وفي الوقت نفسه لروسيا تأثير كبير على دول البلقان وتركيا، فهل يمكن لموسكو أن تتجاهل تركيا بهذه البساطة؟".

وذكّر ديلباك بأنّ كلّا من فرنسا وتركيا سارعتا عقب انفجار بيروت إلى رفع أعلامهما من قلب العاصمة اللبنانية، في إشارة منهما إلى أنّهما موجودتان هناك، مؤكدا - والحديث للكاتب - على أنّه ليس بإمكان روسيا أن تتخلى عن تركيا، وذلك لكون العالم التركي ليس محصورا بالرقعة الجغرافية التركية فقط، وإنما يبدأ من دول البلقان مرورا بقفقاس وصولا إلى البحر الأسود وبحر قزوين.

ويرى بأنّ أهمية كل من الطرفين بالنسبة إلى بعضهما البعض تكمن في أنّ الغاز الطبيعي الروسي بالإضافة إلى النفط يتم بيعهما إلى وعبر تركيا.

وبحسب الكاتب فإنّ الأمر فيما يخص كل من ليبيا وسوريا وشرق البحر المتوسط مختلف تماما عما هو عليه بالنسبة إلى المناطق الأخرى، لافتا إلى أنّ موسكو مضطرة فيما يخص سوريا لأن تكون من جهة إلى جانب نظام أسد وإيران، ومن جهة أخرى إلى جانب تركيا.

ويتابع ديلباك: "لا يمكن لروسيا أيضا التخلي عن نظام أسد وإيران، لكون الأزمة السورية تسهّل تواجد روسيا على الطاولة فيما يتعلق بالرقعة الجغرافية الخاصة بالشرق الأوسط، حيث للروس قاعدة إمداد عسكرية ساحلية مطلة على البحر الأبيض المتوسط في سوريا، وهذه القاعدة لها أهمية وجودية كبرى بالنسبة إلى موسكو، وضمان استمرارية التواجد الروسي في البحر المتوسط مرهون بهذه القاعدة".

ويضيف ديلباك، بأنّ روسيا لا تسعى إلى أن تكون طرفا في كل من سوريا وليبيا، وأنّ كل ما ترغب به هو أن تضمن تواجدها في هاتين المنطقتين، مردفا: "ما تريده موسكو في هذه المرحلة هو أن تكون على الطاولة، وأن تكون إلى جانب الطرف الرابح، ولذلك تواجد تركيا في المنطقة مهم بالنسبة إلى موسكو".

وتخلي كل من روسيا وتركيا عن بعضهما البعض ليس بالقرار السهل اتخاذه، حيث يذهب الكاتب إلى أنّ روسيا حتى الأمس كانت ترغب بالسيطرة على ممر اللاذقية، وأن النظام حاول أن يستغل ذلك لصحاله واضعا خططا لاستعادة إدلب، وأنّ تركيا في المقابل مصممة على الحفاظ على تواجدها في سوريا، وتحاول تعزيز قواتها في المناطق الحدودية الآمنة.

الأوراق توزّع من جديد

وذهب الكاتب إلى أنّ الأوراق فيما يتعلق بالمنطقة يتم توزيعها من جديد، وخصوصاً بعد أن اتضح أنّ أوروبا لم تعد منزعجة كثيرا من تواجد روسيا في ليبيا والشرق الأوسط، وذلك يكون الوجود الروسي في المنطقة يخلق توازناً ضد الأمر الواقع الذي تفرضه الولايات المتحدة في المنطقة.

وختم ديلباك بأنّ أوروبا لن تمانع من أن تأخذ روسيا وتركيا زمام الأمور في المنطقة لفترة معينة، وأنها -أي أوروبا- ستدير ظهرها لروسيا وتركيا فور انسحاب أمريكا من مناطق وملفات عدة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات