تزايد حالات الاختفاء اليومية في إدلب.. ما أسبابها ومن يقف وراءها؟

تزايد حالات الاختفاء اليومية في إدلب.. ما أسبابها ومن يقف وراءها؟
تُسجّل محافظة إدلب يومياً عدة حالات اختفاء لأبناء المحافظة والمهجّرين القاطنين فيها، وكانت نسبة هذه الحالات ارتفعت بشكل ملحوظ، ورغم أن بعض الحالات المختفية تعود إلى منزلها بعد ساعات أو أيام؛ إلا أن حالات الاختفاء غير المعلومة باتت أكثر بكثير عمّا كانت عليه سابقاً.

ووفق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين، فإن حالات الاختفاء المسجّلة لديهم خلال الشهر الأخير، فاقت ضعف الحالات المسجلة في الشهر الماضي، كما تنوّعت أسباب الاختفاء ونوعه، والمُلفت للنظر كثرة حالات اختفاء النساء والأطفال وهي من أكثر الحالات التي قلّما تعود لمنزلها خلال ساعات قليلة أو يُعرف مكان تواجدها لاحقاً.

وأكّد على ذلك مدير مكتب شؤون الجرحى والمفقودين، حذيفة الحمود لأورينت نت بقوله: "تزايدت في الفترة الأخيرة حالات الاختفاء في محافظة إدلب، حتى وصلت ببعض الأيام لما يُقارب 20 حالة اختفاء يومياً، وبمعدل وسطي خلال الأسابيع الأخيرة يتراوح بين 10 و15 حالة يومياً، في حين تمّ تسجيل 15 حالة اختفاء الشهر الماضي، أي بمعدل 3.5 حالة يومياً، وهذا يدلّ على ازدياد عدد حالات الاختفاء والفقدان المسجلة لدينا مؤخراً".

 

ظروف الحرب

وحول أهم أسباب حالات الاختفاء والفقدان اليومية، يقول الحمود: "بسبب ظروف الحرب وارتداداتها الاجتماعية والاقتصادية على الأُسر السورية، باتت تتزايد حالات الاختفاء والفقدان اليومية، فهناك العديد من حالات الاختفاء التي سببها خلافات عائلية خاصة ضمن فئة الشباب أو الأزواج، بالإضافة لتسجيل حالات اختفاء عند سفر المختفين لخارج البلاد، بسبب سوء الوضع الاقتصادي في ادلب".

وأضاف مدير مكتب شؤون الجرحى والمفقودين "من الأسباب التي سجلناها. حالات اختفت ثم كفّ البحث عنهم بسبب عودتهم لمنازلهم، أسباب تعود لكثرة عمليات النزوح والسفر الداخلي ضمن محافظة إدلب، وغالبية المفقودين ضمن هذا السبب لا يعرفون الطرقات جيداً وربما تتعطّل آليات النقل الخاصة بهم، وغالبية هؤلاء يعودون بعد ساعات".

ويُكمل الحمود حديثه بالقول: "هناك حالات اختفاء لأطفال وفتيات صغار في السنّ، وهؤلاء يعود سبب اختفائهم الأساسي إلى ضياع أهلهم أو منزلهم في غالب الأوقات، وبهذا فإن ظروف الحرب وما آلت إليه من النزوح لمناطق جديدة غير الموطن الأساسي وكثرة الخلافات العائلية والمجتمعية، وتعدد ظروف الحياة الصعبة زادت من حالات الاختفاء والفقدان الأخيرة".

 

الوضع الأمني

وحول الوضع الأمني في ادلب ودوره بتسجيل حالات اختفاء يومية في المحافظة، يقول الحمود: "لدينا حالات اختفاء كان سببها الاشتباه الأمني بالمختفين ومن ثم الإفراج عنهم بعد عدة أيام أو أسبوع ولهذا كان من المفروض الإخبار عنهم، كما لدينا في المحافظة حالات اختفاء بسبب سوء الوضع الأمني في بعض مفاصله، مما يجعل حالات الاختفاء والخطف تتزايد أحياناً".

وفيما يخصّ حالات الخطف المسجلة في إدلب، أوضح مدير مكتب شؤون الجرحى والمفقودين لأورينت نت: "لدينا عشرات الحالات المسجلة سابقاً وحالياً كان الهدف منها عمليات الابتزاز المالي لأهل المفقودين والمختطفين، وأغلب الحالات المسجلة مؤخراً هي لفتيات بمقتبل العمر يتمّ خطفهن لابتزاز أهلهن وهذا ما تأكدنا منه عبر الأجهزة الأمنية التي داهمت عدة شبكات خطف وابتزاز في المنطقة".

من جانبه, اعتبر القاضي عبد الله حمادي، أن الوضع الأمني من أخطر أسباب الاختفاء والفقدان بإدلب رغم تنوّع الأسباب، وقال خلال حديثه لأورينت نت: "حالات الاختفاء وطلب الفدية تغيب لفترات في إدلب ثم تعود بشكل ملحوظ، وللأسف هذا ما حصل في الآونة الأخيرة، حيث إن هناك عدة حالات اختفاء وخطف لنساء وأطفال وحتى رجال تمّ خطفهم لابتزاز أهلهم أو أزواج تلك النساء".

وأشار القاضي حمادي إلى أن "بعض شبكات الخطف والإخفاء تعمل متنقلةً بين إدلب ومناطق عفرين، وتعمل على خطف وإخفاء النساء والأطفال ونقلهم من إدلب إلى عفرين لأسباب كثيرة كطلب الفدية أو الانتقام، ولكن الغريب وجود معلومات عن شبكات تجارة أعضاء بشرية لم يتم التأكد منها مئة بالمئة، وهذا يعني أن الوضع الأمني بحاجة لتدقيق وضبط أكثر".

 

الجهات المسؤولة

وفي سياق آخر، يرى الحمادي، أن حالات الاختفاء يقف خلفها عدة جهات، ذكرها بقوله: "حالات الاختفاء العادية والتي يكون سببها الخلافات الشخصية أو ظروف الحياة والوضع المعيشي هي الحالات الأكثر تسجيلاً في إدلب؛ ولكن رغم ذلك فهناك مسؤولية قريبة تعود على المجتمع القريب من المختفي، ومسؤولية بعيدة تعود إلى الجهات المسؤولة عن أمن المنطقة، لأن المُختفي يُعتبر مواطناً عندها ويقع على عاتقها شيئاً من اللوم".

ولكن الأخطر حسب رأي القاضي، هو الاختفاء القسري بسبب شبكات الخطف والابتزاز والاعتقال الأمني، وعنها يقول: "هناك شبكات خطف وابتزاز تابعة لفصائل عسكرية وشهدنا تسجيل عشرات حالات الخطف بغية طلب الفدية وبالأخير كان وراءها مجموعات محسوبة على فصائل بهدف تمويل ذاتها أو للكسب المالي الشخصي".

ويضيف "كما أن هناك شبكات أشبه بالدولية تعمل على الخطف والابتزاز بالتعاون مع شبكات وأشخاص موجودين في مناطق عفرين وقسد ونظام أسد وداعش سابقاً، كما ترتبط بشبكات خارج حدود البلد وهذا أكّدته شبكات الفدية المحوّلة لمكاتب تصريف وحوالات موزّعة ضمن عدة مناطق وبلدان خارج إدلب".

ونوّه الحمادي إلى أن بعض التصرفات الأمنية غير المسؤولة أدّت لاختفاء بعض الأشخاص لأيام عدة دون معرفة مصير المختفين إلا بعد خروجهم من معتقلات الأجهزة الأمنية، وهذا خطأ يجب تفاديه بإخطار أهل المختفين وإخبارهم بأن الشخص المختفي عندهم، وهذا حقّ الأهل والمطلوب معاً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات