محاولة أمريكية جديدة لإنهاء الحرب في سوريا تبدأ مع قانون "قيصر"

محاولة أمريكية جديدة لإنهاء الحرب في سوريا تبدأ مع قانون "قيصر"
ريل كلير - أعلنت الحكومة الأمريكية، منتصف حزيران/ يونيو، عن دخول "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" حيز التنفيذ، مطلقةً العنان لسلسلة من العقوبات ضد 39 شخصاً وكياناً مرتبطين بنظام بشار أسد الوحشي. 

حيث أعلن البيت الأبيض أن "الأسماء التي جرى إدراجها اليوم تبعث برسالة واضحة مفادها، أنه لا ينبغي لأي فرد أو شركة إبرام أي علاقات تجارية مع هذا النظام الدنيء أو إثرائه". فيما كان  لوزارتي الخارجية والخزانة تصريحات مماثلة، تؤكد على بدئهما فصلاً جديداً يهدف لمنح الحرب الأهلية السورية المدمرة نهاية إنسانية.

إلا أن نظرة فاحصة على 15 عقوبة فرضتها وزارة الخارجية و24 أخرى مررتها وزارة الخزانة، تكشف حقيقة محيرة، فكل الأهداف كان يمكن معاقبتها دون قانون "قيصر". 

أدرجت أسماء الأشخاص والكيانات في قائمة العقوبات بموجب أوامر تنفيذية يرجع أثرها إلى ما قبل قانون "قيصر"، حيث صدر اثنان من هذه الأوامر عام 2011 وواحد عام 2019.  تم فرض عقوبات على تسعة  فقط من أصل 34 شخصاً عملاً بقانون "قيصر"، فيما فرضت عليهم عقوبات نصّت عليها أوامر تنفيذية أيضاً. 

ما هي دلالات هذا الأمر إذاً؟ أولاً، على الرغم من أن التنفيذ بدأ في حزيران/ يونيو، إلا أنه سيكون هناك المزيد في المستقبل، فلم تشعر أي من سوريا وروسيا أو إيران حتى الآن بالقوة الكاملة لقانون "قيصر".

ثانياً، على نحو يميل إلى التكهن، من المرجح أن تركز الولايات المتحدة سلطة قانون "قيصر" على منع حكومة أسد من إعادة بناء سوريا على الأراضي المصادرة بطريقة من شأنها أن تغير إلى الأبد التركيبة الديمغرافية السورية وتمنع عودة اللاجئين والنازحين، بينما تثري الأسد وحلفائه.

تمت الموافقة على قانون قيصر في ديسمبر 2019، ويحمل القانون اسم مصور الشرطة العسكرية السورية الذي انشق عام 2013، حاملاً معه 53000 صورة توثق التعذيب المروع الذي يمارسه نظام أسد. نشرت بعض هذه الصور لأول مرة عام 2014، وتم التأكد من صحتها علناً في العام التالي.

وليس التعذيب سوى جزءاً صغيراً من التهشم الناجم عن الحرب التي اندلعت عام 2011، حيث أسفرت أيضاً عن مقتل 400000 إلى 500000 شخص، فيما حولت أكثر من 11 مليون شخص إما إلى مهجرين داخل سوريا أو لاجئيين خارجها – من إجمالي الكثافة السكانية لسوريا ما قبل الحرب؛ أي 21 مليون نسمة. 

يمثل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم "2254"، الذي تم تمريره بالإجماع عام 2015، مساراً لإنهاء الحرب، لكن الأسد، ومن خلفه روسيا وإيران وقواتهما المسلحة، رفض الالتزام ببنوده. 

في رده على الوحشية واستناداً على العقوبات الأمريكية السابقة، مرر الكونغرس قانون "قيصر" في كانون الأول / ديسمبر2019 — تحت  الباب 74 من قانون تفويض الدفاع الوطني — فيما وقعه الرئيس ترامب في 20 من الشهر ذاته.

ويفرض القانون عقوبات على أي شخص يقدم الدعم لنظام أسد وكبار الشخصيات السياسية، وأي شخص يدعم صناعة النفط والغاز التابعة للنظام، أو يقدم طائرات أو قطع عسكرية، أو خدمات بناء أو هندسة له.

لكن القانون ينص على أكثر من فرض عقوبات على النظام وحده؛ حيث دعت العديد من بنوده الرئيسية إلى فرض عقوبات على أي شخص يدعم روسيا والمقاولين العسكريين أو شبه العسكريين أو المرتزقة الإيرانيين.

والأهم من ذلك، دعا القانون إلى وضع استراتيجية لوقف إعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها نظام أسد أو روسيا أو إيران حيث تم تهجير المدنيين قسراً. فالقوانين السورية التي تم سنها منذ بدء الحرب الأهلية مهدت كلها الطريق للأسد للاستيلاء على أراض الملايين من النازحين دون منحهم الحق بالتماس التعويض مما سيمنعهم من العودة إلى الأبد.

تجدر الإشارة إلى رابط مشترك واحد بين الكيانات التسعة التي فرضت عليها عقوبات بموجب قانون "قيصر" في حزيران / يونيو، وهي أنها جميعها تشارك في مشاريع إعادة الإعمار التي ستفيد حكومة أسد وشركائه. سبعة متورطين في مشروع يسمى "Marota City" (ماروتا سيتي) غرب العاصمة دمشق يجري بناؤه على أرض مصادرة، فيما يشارك اثنان آخران في "Grand Town Tourist City"  (غراند تاون السياحي)، وهو مشروع فخم بالقرب من مطار دمشق.

إلى جانب الإشارة القوية إلى أن الولايات المتحدة تتصدى للأسد وشركائه الذين يستفيدون من تدميرهم لسوريا، فإن عقوبات قيصر التسعة تشير أيضاً إلى تضامنها فيما يتعلق بسياسة سوريا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي سبق لها أن فرضت عقوبات على أشخاص ذوي صلة  بمشروعي ماروتا سيتي وغراند تاون.

يذكر أن قانون "قيصر" يسمي سبعة شروط يمكن بموجبها رفع العقوبات. فيما لا يدعو لتنحية أسد، تجري المطالبة بإنهاء قمع الشعب السوري من قبل نظام أسد وروسيا وإيران، من ضمن متطلبات أخرى كالإفراج عن السجناء السياسيين، العودة الآمنة والطوعية والكريمة للنازحين السوريين.

حتى الآن، من غير المرجح أن يفي أسد بهذه المتطلبات كما هو الحال بالنسبة لبنود قرار مجلس الأمن الدولي ذي الصلة، ومن غير المحتمل أن تجبره روسيا وإيران على القيام بذلك. ومع هذا، فإن الولايات المتحدة وحلفائها في الاتحاد الأوروبي عازمون على الوفاء بشروط الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في سوريا.

وبناءً على ذلك، وبينما ينهار الاقتصاد السوري، من المرجح أن تزيد الولايات المتحدة من الضغوطات على حكومة أسد من خلال ضمان عدم استفادة الأسد هو وشركائه من أي عملية تهدف لإعادة الإعمار.

"نحن نستهدف أولئك الذين يستفيدون من الإعمار" لإنشاء "ملاعب للأوليغارك" فيما تواصل الحرب احتدامها، قال جيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص لسوريا، في مناقشة لعقوبات "قيصر".

كانت عقوبات حزيران/ يونيو افتتاحية صغيرة. علينا توقع المزيد، مع استهداف يتجاوز السوريين، إلى أي شخص يستثمر في مشاريع من شأنها إثراء الأسد وترسيخ الدمار الذي أحدثه. رابط المادة الأصلي

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات