ضربة متعددة الأهداف.. روسيا تستقطب عناصر ميليشيات إيران بسوريا وترسلهم إلى ليبيا!

ضربة متعددة الأهداف.. روسيا تستقطب عناصر ميليشيات إيران بسوريا وترسلهم إلى ليبيا!
تعمل قوات الاحتلال الروسي في دير الزور على استقطاب عناصر ميليشيات إيران في سوريا، لتجنيدهم وتدريبهم وإرسالهم إلى ليبيا، مقابل رواتب مرتفعة أعلى من تلك التي تدفعها عادة للمقاتلين السوريين الذين جندتهم خلال الأشهر القليلة الماضية.

وسرّعت روسيا مؤخراً عمليات تجنيد المرتزقة في سوريا، لإرسالهم إلى ليبيا، حيث اعتبر مراقبون أن روسيا بهذه الخطوة التي تبدو بسيطة، تعمل على تحقيق عدة مكاسب آنية ومستقبلية، في سوريا وليبيا معاً، على حساب إيران بالدرجة الأولى، وتركيا بالدرجة الثانية. 

القوات الروسية التي تتخذ من مراكز الشرطة العسكرية التابعة لها في دير الزور، كمراكز لتجنيد المرتزقة، جندّت 50 مقاتلاً سوريا من المنضوين تحت راية الميليشيات الإيرانية (حزب الله، ولواء القدس)، بحسب ما أفادت شبكات إخبارية محلية بينها "دير الزور 24".

وقالت الشبكة إن العناصر المجندين مؤخراً، أُرسلوا إلى ليبيا، وهم الآن يخضعون لدورة تدريب عسكري في حقل الهلال النفطي في ليبيا، تحضيراً لفرزهم على جبهات القتال.

يقول الصحافي "ياسر العلاوي" من أبناء دير الزور، إن "التنافس بين إيران وروسيا موجود في سوريا، وانتقال الكثير من المقاتلين من صفوف النظام إلى صفوف المليشيات الإيرانية زاد من حدة المنافسة" مضيفاً "من جهة أُخرى، روسيا وتركيا تدفعان بعضهما دفعاً لدمج الملفين السوري والليبي، لتحديد المساومات بطريقة تنازل في ليبيا مقابل تنازل مقابل في سوريا، وهذا ما رأيناه في شمال سوريا والشراكة العسكرية الوثيقة بين تركيا وروسيا".

من جانبه يقول الكاتب والصحافي "أحمد طلب الناصر" من محافظة دير الزور لـ"أورينت نت"، إن "روسيا تعتبر الساحة الليبية امتداداً للساحة السورية، وإثبات وجودها في ليبيا قد يمنحها المزيد من الأوراق والخيارات في الملف السوري، خصوصاً إذا وضعنا في عين الاعتبار أن الخصم المباشر للروس في ليبيا هي تركيا، الداعمة الأولى لحكومة الوفاق".

تجنيد المقاتلين الأجانب

تجنيد المرتزقة لم يقتصر على السوريين فقط، بل استقطبت روسيا مجموعات من المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف الميليشيات الإيرانية. وجندت روسيا مؤخراً مقاتلين من "الحرس الثوري الإيراني" و"فاطميون" و"زينبيون"، يحمل بعضهم الجنسية الإيرانية وبعضهم الآخر من باكستان وأفغانستان، بحسب "فرات بوست".

ويعتبر "الناصر" أن "روسيا تعمل من خلال عمليات تجنيد المرتزقة على دعم قوات حفتر في ليبيا من خلال زيادة عدد المقاتلين التابعين لها هناك، وأيضاً لتوسيع رقعة نفوذها في دير الزور وريفها الشرقي بالتحديد، فهذه المنطقة أصبحت مركزاً ذو أهمية كبيرة لإيران في سوريا، وتشكل خطراً على كل الأطراف المؤثرة في سوريا".

ويذهب "العلاوي" إلى أن "إيران تعتمد بشكل رئيسي على ولاء وقوة زينبيون وفاطميون، لذلك فذهاب عدد كبير من هذين الفصيلين باتجاه التشكيلات الروسية أمر مستبعد في الوقت الحالي".

رواتب مجزية!

تدفع القوات الروسية للعناصر السوريين الراغبين بالقتال في ليبيا مبلغاً يصل إلى 2000 دولار أمريكي، في حين تدفع مبالغ شهرية أكثر إغراء للمقاتلين الآخرين في صفوف ميليشيات إيران. وتُخصص روسيا راتباً يتجاوز 3000 دولار أمريكي، لكل فرد من المقاتلين والقياديين العسكريين القادمين من الميليشيات المدعومة من إيران، وذلك بسبب خبرتهم الواسعة في القتال.

امتعاض إيراني لم يرق لمرحلة الغضب!

استقطاب المقاتلين المنخرطين في صفوف الميليشيات الإيرانية من قبل القوات الروسية ووسطاء تابعين لها في دير الزور، تسبب بانزعاج وامتعاض في صفوف قادة الميليشيات الإيرانية في المنطقة، خصوصاً بعد انشقاق مجموعات من العناصر من صفوف الميليشيات للانضمام إلى مجموعات المرتزقة المشكّلة حديثاً، ما تسبب بخلافات بين القياديين الإيرانيين والضباط الروس، بحسب ما ذكرت شبكة "فرات بوست" منذ أيام.

وعقد قادة الميليشيات الإيرانية اجتماعات عدة مع الضباط الروس في دير الزور مؤخراً، بهدف تنظيم وتنسيق عمليات التجنيد.  وأفضت الاجتماعات التي جرت بين الطرفين في مدينتي البوكمال والميادين، إلى اختيار المدعو "حاج عسكر" القيادي في الحرس الثوري والمسؤول العام في البوكمال، لمهمة انتقاء العناصر وإرسالهم إلى مجموعات المرتزقة التي تشكّلها روسيا.

كيف ستتعامل إيران مع هذا النوع من الضغوط؟

يقول الكاتب الصحافي "أحمد طلب الناصر" إن "الهدوء الإيراني في التعاطي مع مسألة حساسة جداً بالنسبة لها ألا وهي الميليشيات المتعددة التي تدعمها، قد يعطينا صورة عن طبيعة العلاقة بين الإيرانيين والروس في سوريا". وأضاف أن "الميليشيات هي عصب المشروع الإيراني، وتساهل قياديي الحرس الثوري في انتقال المقاتلين من الميليشيات إلى كتائب المرتزقة التي تشكلها روسيا، يعني حتماً بأن الهيمنة الروسية طالت الوجود الإيراني في سوريا عموماً"، مشيراً إلى أن "الندّية التي كانت بين الطرفين في السنوات الماضية تلاشت، وإيران تريد الحفاظ على مكاسبها قدر المستطاع، دون وضع نفسها في مجابهة مع الروس، لذلك فالتنازلات الإيرانية فيما يخص الميليشيات على الصعيد العسكري، قد تأخذ شكلاً سياسياً في مستقبل سوريا القريب".

واستدرك: "لا يجب أن ننسى حجم روسيا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فحق النقض/ الفيتو التي تتمتع به، لطالما كان يحمي مصالح النظام السوري والإيرانيين، وهذا أمر تضعه إيران في ميزانها وتثّمنه جيداً، وآخر ما تريده هو كسب عدو قوي يمتلك أوراقاً كثيرة في المنطقة وفي سوريا ومستقبلها بالذات". 

الصحافي "ياسر العلاوي" يقول في حديثه لـ"أورينت نت": "النفوذ العسكري بين روسيا وإيران في دير الزور متساوٍ تقريباً، لكن لإيران أفضلية ملحوظة، بسبب الاتصال الجغرافي مع العراق الذي تتواجد فيه إيران بشكل راسخ، وأيضاً لأن الوجود الإيراني في سوريا لا يأخذ طابعاً رسمياً وهو غير مكلف بالنسبة لها، بعكس الوجود الروسي الذي يأخذ شكلاً رسمياً ومؤطراً ويكلفها كثيراً"، مضيفاً "فضلاً عن ذلك، فإيران تنشط بقوة على الصعيد الاجتماعي وتعمل على كسب ود السكان في المنطقة بطرق عدة دينية واقتصادية، ولذلك فرحيل عدد من العناصر باتجاه كتائب المرتزقة التي تشكلها روسيا، لن يسبب ضرراً كبيراً للنفوذ الإيراني، ما دامت الكتل الرئيسية التي يعتمد عليها الحرس الثوري (زينبيون، وفاطميون) متماسكة".

ويرى العلاوي أن "ميليشيات إيران تعاني من الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقعها، ومن هجمات داعش عليها في البادية، فضلاً عن رفض وجودها في سوريا من قبل معظم الأطراف المؤثرة في سوريا، ولذلك فهي ستسعى للحفاظ على آخر حبال الود مع روسيا ولن تغامر بقطعها بهذه البساطة، رغم التنافس غير المعلن بين الطرفين". 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات