العواصف وتقنين المساعدات يزيدان محنة النازحين في الشمال السوري

العواصف وتقنين المساعدات يزيدان محنة النازحين في الشمال السوري
تعيش مخيمات الشمال السوري منذ إنشاء أولها في بلدة قاح على الحدود التركية في ريف إدلب عام ٢٠١٢، تكرارًا للمعاناة الإنسانية ونقص الخدمات. هذه المخيمات أُنشئت على عجلٍ تلبيةً للضرورة الملحّة بإيواء من هجّرتهم آلة قتل نظام أسد، ليقيموا في خيامٍ لا تتماشى مع قسوة الظروف المناخية داخل مخيّمات غير مخدّمة بما يكفي للعيش الطويل، بمنأى عن بيوتهم التي ترزح تحت قصف طائرات ميليشيا أسد الطائفية.

تدفع المخيّمات السورية ضريبة التغيّرات المناخية والعواصف المطرية والهوائية التي تتعرّض لها بمعدّل أربع عواصف سنويًا الأمر الذي يلحق أضرارًا مادية جسيمة تتجلّى بوضوح في تلف الخيام ليجد النازحون أنفسهم بلا مأوى.

وفي التاسع عشر من حزيران الجاري، ضربت عاصفة مطرية منطقة المخيّمات في الشمال السوري المحرّر، مُلحقةً الضرر بأكثر من 3100 عائلة موزّعين على 54 مخيّما، بالإضافة إلى حوالي 1300 عائلة فقدت المأوى بشكلٍ كلّي، بحسب بيان نشره فريق "منسّقو استجابة سوريا" في 20 حزيران.

 

الخروقات تزيد مأساة النازحين

 يجري ذلك في وقتٍ تتصاعد فيه خروقات ميليشيا أسد وروسيا لاتفاق وقف إطلاق النار، المُبرم بين روسيا وتركيا، في الخامس من آذار الماضي. وتسبّبت خروقات الميليشيا عبر الاستهدافات الجوّية والأرضية المتكرّرة بنزوح أكثر من 10 آلاف شخص منذ التاسع من حزيران وحتّى السابع عشر منه.

وبيّن هاني الجعبي مدير تجمّع "مخيّمات منطقة الشيخ بحر" في ناحية معرة مصرين شمال إدلب، عدد الخيام التي تضرّرت جراء العاصفة المطرية. حيث بلغ عددها 1543 خيمة متضرّرة، موزّعة على 14 مخيّما يديرها الجعبي.

وشرح الجعبي لـ "أورينت نت" الظروف المعيشية والإنسانية الصعبة التي يعيشها النازحون قائلًا: "أودت الهطولات المطرية الغزيرة بما تحتويه خيام النازحين من مؤن وأغطية".

كما أن حالة الطرقات الترابية وغياب شبكات صرفٍ صحّي، زادت من فداحة الأضرار، وصعوبة تنقّل الأهالي.

وناشد الجعبي، المنظّمات الإنسانية والجمعيات الإغاثية، للقيام بدورٍ فاعل وحقيقي للحد من مأساة النازحين، إذ تعاني العوائل من نقص الغذاء وانقطاع كل أشكال الدعم الإغاثي، فبعض هذه العوائل لم يتلقَ معونة غذائية منذ سبعة أشهر.

كما خفّض "برنامج الأغذية العالمي" (WFP) من محتويات السلّة الغذائية التي يوزّعها على المخيّمات للمرّة الثانية خلال شهرين، ليجد النازحون أنفسهم وجهًا لوجه أمام الجوع، يعيشون على قليل الطعام، بالإضافة إلى عجز بعض النازحين عن تأمين ربطة الخبز لأطفالهم.

وذكر "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" في الأمم المتحدة الأربعاء الماضي أن 11 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في جميع أنحاء البلاد.

كما أشار "برنامج الأغذية العالمي" على لسان المتحدّثة باسمه إليزابيث بيرس في مؤتمر صحافي عُقد الأربعاء الماضي في جنيف، إلى "وقوع مئات آلاف اللاجئين السوريين في براثن الفقر المدقع". وعلى الصعيد نفسه، فإن أسعار السلع الغذائية في سوريا هي الأعلى على الإطلاق بزيادة 209% عن العام الماضي، و35% عن الشهر الماضي، بحسب (WFP).

 

"المساعدات" ورقة ضغط بيد نظام أسد

 تعمل روسيا على حصر دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، عن طريق نظام أسد وحلفائه، حيث تسعى إلى عرقلة تمرير قرار مجلس الأمن 2504 الذي يقضي بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، وتعمل على إحباط مقترح قرار تقدّمت به كل من ألمانيا وبلجيكا، ينص على إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود التركية، لمدّة عام كامل.

كل ذلك لإخراج نظام أسد من عنق زجاجة العقوبات الأمريكية، التي هوت بالعملة المحلّية وأحرجت نظام أسد اقتصاديًا، في ظل عجزه عن إيقاف طوفان ارتفاع أسعار السلع الغذائية أمام تدنّي دخل المواطن.

ويرى المحلّل الاقتصادي يونس الكريم، أن انخفاض الدعم الإغاثي المقدّم للنازحين يترك آثارًا، بالغة الخطورة تلقي بظلالها على معيشتهم، حيث أن 80% من السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، كما أن 20% منهم يبيعون ممتلكاتهم في سبيل تأمين الغذاء لعوائلهم.

وساهم انخفاض الدعم المقدّم لبرنامج الأغذية العالمي بانخفاض قدرته على تلبية احتياجات المنكوبين عمومًا والنازحين تحديدًا، حيث تحتاج المنظمة لتغطية نفقاتها إلى 197 مليون دولار سنويًا بالإضافة إلى زيادة الطلب على الغذاء الذي ارتفع في 2020 إلى 18% وما رافقه من ارتفاع في أسعار السلع في سوريا نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية وانعدام توفّر الغذاء بسبب جائحة "كورونا"، حسب الكريم.

كل ذلك خفض من إمكانيات برنامج الأغذية العالمي بنسبة 30%، ما اضطر بها لتخفيض محتويات سللها الغذائية التي توزّع على نازحين 80% منهم أطفال ونساء، ما يعزّز شعورهم بانعدام الأمن الغذائي ويفاقم من حجم الضغط النفسي والاقتصادي عليهم.

ورأى الكريم، خلال تصريح لـ أورينت نت، أن تراجع نشاط المؤسّسات الإغاثية ارتبط بظهور جائحة "كورونا" وتغيّر سياسة المانحين للثورة حيال منظّمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى غياب التفاهمات الدولية، وبروز مواجهات عسكرية في المناطق المحرّرة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات