أبناء السويداء يكتبون لأورينت نت -3: ذقنا التهجير كما أبناء الأكثرية... وحقد النظام لم يستثنِ أحدا!

أبناء السويداء يكتبون لأورينت نت -3: ذقنا التهجير كما أبناء الأكثرية... وحقد النظام لم يستثنِ أحدا!
لست مغرماً بالحديث وفق إطار طائفي أو مناطقي، لكن النظام أغرق السوريين بهذا الخطاب وجعلنا نتوه في دوامة كاذبة التي قام بصنعها النظام ونشرها والعمل على ترسيخها من خلال استخدام مصطلح الأقليات والأكثرية، وهو خطاب انتشر بين السوريين كالنار في الهشيم، مزقنا وسبب في ترسيخ شرخ لابد من الخروج منه عبر الحديث بصراحة وشفافية.

•حافظ الأسد يبدأ مسلسل التهجير!

الخطاب السائد طوال عشر سنوات بأن الأكثرية تتعرض لتهجير ممنهج ، وهذا أمر واقع وصحيح، فقد عمل عليه النظام بهدف توطين إيرانيين وأفغان وجنسيات أخرى بديلة عن أهل الأرض من السوريين، لدرجة استطاع إقناع  الأغلبية بأن الأكثرية تتعرض للتهجير فقط في حين النظام مارس تهجير على نطاق واسع وللجميع باستثناء من يتبع له.

دعونا نعود للوراء قليلاً، بعد أن قام النظام بإعدام الضباط من أبناء السويداء وتصفيتهم، هل من أحد سأل ماذا حدث للسويداء منذ استلام حافظ الأسد الحكم وحتى اليوم؟

من المؤكد أنك ستتفاجأ بالجواب، وهو أن حافظ الأسد بدأ بتهجير ممنهج لأبناء السويداء وما زال مستمراً حتى يومنا هذا، تهجير بطيء حاقد جعل أهالي السويداء موزعين في دول العالم يبحثون عن لقمة عيشهم، فيما استولى حافظ الأسد على قرار هذه المدينة وجعلها كالخاتم في يده، حيث بدأ مسلسل التهجير عبر حرمان المدينة من أي نشاط اقتصادي، فلا معامل ولا مصانع ولا حتى إنتاج زراعي حقيقي ولا شركات خاصة ولا وظائف، فقط وظائف حكومية ولدى الجيش والأمن، أي وظائف تحت إمرته وسيطرته، وإن أرادوا وظائف أخرى فعليهم السفر إلى الخارج والبحث عن فرص عمل، لتبدأ رحلة النزوح الخفي الصامت نحو دول العالم، فقد كان أولها فنزويلا التي خرج إليها الكثير من أبناء السويداء ولم يعودوا حتى اليوم فقد استقروا فيها وباتوا جزءاً منها، أما عددهم في فنزويلا وحدها تجاوز أكثر من نصف مليون، في حين ابتلعت نيجيريا وجنوب إفريقيا جزءاً آخر، فيما ابتلعت أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا جزءاً آخر وباتوا من سكانها بعد أن حصلوا على جنسيات فيها وذابوا في تلك البلدان، دون نسيان وجودهم في دول الخليج التي كانت مقصدهم للعمل حالهم كحال السوريين.

هذا التهجير لم يكن بالبراميل المتفجرة والصواريخ والطيران، وإنما كان بسلاح أشد شراسة وهو السلاح الاقتصادي وسلاح الفقر والحرمان، وقد وصلت السويداء لدرجة أنك تتجول فيها في فصل الشتاء تجدها شبه خالية من الشباب والرجال، جميعهم في دول الخارج يبحثون عن فرص العمل ومنهم ذهب ولم يعد حتى اليوم.

•بشار الأسد: تهجير داعشي وإغلاق مدارس!

أما في عهد بشار الأسد استمر هذا المسلسل، لكن بشكل أشرس وخصوصاً عندما وقف أهالي الجبل في وجهه عام 2000 ورفضوا الانصياع له ولعصابات تهريب المخدرات التي كانت وما زالت تعمل تحت إمرته التي شكلت حالة كبيرة من العصيان حينها.

وخلال الثورة السورية عندما رفض أبناء المدينة القتال معه، كان الرد بإرسال "داعش" عام 2018 على قرى السويداء الشرقية، وعندما هزم أبناء هذه القرى ومعهم أهل السويداء "داعش"، كان الرد بتهجير أهالي القرى الشرقية عبر قطع (المياه والكهرباء والصحة) عنهم، وإغلاق المدارس مما أدى إلى هجرة عدد كبير منهم إلى داخل مدينة السويداء، فيما قسم آخر استطاع الوصول إلى أوروبا ودول أخرى.. دون أن ننسى جرائم حرق  محاصيل القمح والشعير التي بدأت في صيف عام 2019 ومازالت مستمرة. 

لعل ثورة السويداء التي انطلقت منذ أيام بدأت بتفجير أسرار قديمة وواقع لم يكن باقي السوريين مطلعين عليه، فهو واقع هندسه ورسخّه نظام حاقد على كل السوريين وكأنهم أعداؤه.. النظام حرق خلال حكمه سوريا الجميلة التي كنا نعرفها لكن كل مدينة أو طائفة أو مذهب وفق أسلوب معين، فقد حارب الأكراد وحرمهم من حقوقهم، وهجّر السويداء بسلاح اقتصادي، ودمر حماة بالمدفعية والحقد الطائفي، وزرع الطائفية بين الناس بشكل صامت طوال حكم حافظ الأسد، إلى أن تفجّرت هذه الطائفية وأخذت شكلاً واضحاً خلال الثورة السورية.

•شعارات السوريين نفسها! 

 واليوم السويداء بروحها وحركتها الوطنية تعيد كسر هذا الحقد الطائفي وترفع شعارات موحدة كباقي السوريين الوطنيين، وتعيد البوصلة مرة أخرى نحو المكان الصحيح.

اليوم بات من الواضح للجميع أننا كسوريين نعيش نفس الأوجاع، لكن كل طرف تختلف أساليب تعذيبه عن طرف أخر، جميعنا اليوم في مركب واحد ضد نظام واحد، إما أن نسمح له بإغراقنا بحقد الطائفية والتفريق والنزاع، أو نستطيع كسوريين موحدين إغراقه وتجاوز هذا الكابوس الذي بدأ منذ عام 1970 ويجب أن يتنهي قريباً لنعود نحو سوريا جديدة تمثلنا جميعاً.

التعليقات (1)

    سوري

    ·منذ 3 سنوات 9 أشهر
    بكل الحب سوريا وطن للجميع ولن يكون فيه مكان للطائفية بعد زوال بشارون بإذن الله
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات