أطباء إيرانيون يكشفون كيف ضحّى النظام بالآلاف ليبقي إحصائيات كورونا منخفضة

أطباء إيرانيون يكشفون كيف ضحّى النظام بالآلاف ليبقي إحصائيات كورونا منخفضة
ينظر إليهم على أنهم "أبطال"، وزملاؤهم الذين سقطوا "شهداء" ولكن بالنسبة للأطباء والممرضات الذين لا يزالون يتعاملون مع العدد المتزايد لإصابات فيروس كورونا  في إيران، فإن كلمات الثناء هذه جوفاء.

في حين أن العقوبات التي فرضتها الحكومة الأمريكية تركت البلاد غير مجهزة للتعامل مع الفيروس سريع الانتشار، يقول بعض الأطباء أن الحكومة والقادة الدينيين يتحملون الجزء الأكبر من اللوم بسبب السماح للفيروس بالانتشار ، وإخفاء حجم هذا الانتشار.

ويقول العاملون في المجال الطبي إنهم كانوا بلا حماية للتعامل مع العدوى. ونتيجة لذلك، تضرر الأطباء والممرضات في إيران بشدة من الفيروس. فخلال ال 90 يومًا الأولى فقط من تفشي الفيروس ، توفي حوالي شخص من الطواقم الطبية  يومياً وأصيب العشرات، وفق تايمز أوف إسرائيل.

قال طبيب شاب في أصفهان كان يعمل على فحص العشرات من مرضى فيروس كورونا المشتبه بهم قبل إحالتهم إلى المستشفيات: "نحن نتجه بسرعة نحو كارثة". ولا يخفى على أحد أن إيران تضررت بشدة من فيروس كورونا. فقد أظهرت الأرقام الحكومية الرسمية أن حوالي 100،000 شخص أصيبوا بالفيروس وأن حوالي 6،500 لقوا حتفهم. لكن تقرير الذراع البحثية للبرلمان الايراني قال إن عدد الحالات يمكن أن يكون أعلى من ثمانية إلى عشرة أضعاف مما يجعلها من بين الدول الأكثر تضرراً في العالم. وورد  فيه أن عدد الوفيات يمكن أن يكون أعلى بنسبة 80 % من العدد الذي صرح به المسؤولون في وزارة الصحة - حوالي 11،700.

وتعلن الحكومة الإيرانية حالياً  انخفاض عدد الإصابات والوفيات من كوفيد-19 في العديد من المناطق على الرغم من أن السلطات المحلية توسع المقابر في أماكن مثل طهران،حيث قال المجلس البلدي إنه اضطر إلى إضافة 10000 مقبرة جديدة إلى أكبر مقبرة  والتي هي بهشت الزهراء.

هذا وقد كشفت المقابلات التي أجريت مع أكثر من 30 عاملاً في المجال الصحي إضافة إلى مراجعة الاتصالات التي أجراها الأطباء عبر تطبيقات المراسلة والمستندات الأخرى التي عمل عليها مراسل أسوشيتد برس في القاهرة عن العديد من التفاصيل التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً. ويرسم التقرير صورة كاملة لجذور ومدى الاستجابة المفككة للبلاد مع انتشار الفيروس القاتل بين السكان.

في  البداية ، واجه الطاقم الطبي تفشي الفيروس بمعدات محدودة للغاية. فقد قام البعض بغسل البدل والأقنعة الخاصة بهم أو تعقيمها في أفران عادية ولف آخرون أجسادهم في أكياس بلاستيكية اشتروها من السوبر ماركت. لم تف المعدات الميدانية بالغرض وما زاد الوضع تعقيداً، هو أن وزارة الصحة أعلنت أن ملايين القطع الواقية التي طلبتها الوكالة سرقت وتم تحويلها إلى السوق السوداء. النتيجة: وفاة العشرات من العاملين في المجال الصحي مع مرضاهم دون حماية.

وقال العديد من الأطباء، إن قادة إيران أرجأوا إعلام الشعب بانتشار الفيروس لأسابيع حتى مع امتلاء المستشفيات بأشخاص يعانون من أعراض مرتبطة بالفيروس. وحتى عندما كان الأطباء والخبراء الآخرون يحذرون الرئيس الإيراني من ضرورة اتخاذ إجراءات جذرية، قاومت الحكومة خوفاً من التأثير على الانتخابات وعلى احتفالات الذكرى السنوية الوطنية وعلى الاقتصاد.

قالت الممرضة والناشطة مازاندران "أرادوا إرسال الناس إلى الشوارع." وقال أحد الأطباء الذين قابلتهم وكالة أسوشيتد برس – والذي مثله مثل جميع العاملين في المجال الطبي الذين تمت مقابلتهم لهذا التقرير، تحدثوا فقط بشرط عدم ذكر أسمائهم خوفاً من الاضطهاد -  إنه طلب منه ومن وزملائه عدم استخدام معدات الحماية. وقال إن المسؤولين الحكوميين زعموا أن ارتداء الأقنعة قد يسبب الذعر.

أعلن المرشد علي خامنئي، في 10 مارس/آذار أن الأطباء والممرضات والعاملين بمجال الصحة الذين ماتوا في الحرب ضد فيروس كورونا في إيران هم "شهداء" وتم وضع صور للأطباء المتوفين إلى جانب صور الجنود الذين قتلوا في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، والتي أودت بحياة مليون إيراني وعراقي.

قال مستشار صحي في طهران: "إنهم يقومون بتطبيع الموت".

ووجدت قائمة جمعتها مجموعة من الأطباء الإيرانيين أن إجمالي 126 من العاملين في مجال الصحة  لقوا حتفهم منذ الإبلاغ عن الفيروس لأول مرة، معظمهم في مقاطعتي جيلان وطهران، بينما أصيب أكثر من 2070 بالفيروس.

هذا وقد اعترف المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جاهانبور بعدد الموتى من الأطباء، قائلاً  إن العدد الإجمالي للوفيات هو 107طبيب. وأضاف أنه يوجد 470 إصابة. لكنه وضع اللوم على الولايات المتحدة. وقال "تذكروا أن هذه الدولة تخضع للعقوبات". إلا أن إيران أكدت طوال الأزمة أن صناعاتها الخاصة صنعت ما يكفي من المواد الواقية لمحاربة الفيروس.

وكانت إبران قد أعلنت عن أول حالتي إصابة في 19 فبراير/ شباط في مدينة قم - على بعد 140 كيلومترًا (88 ميلًا) جنوب طهران موطن الأضرحة الشيعية المبجلة. إلا أنه يبدو أن الإعلان صدر تحت بعض الإكراه. فقد قام طبيب اسمه محمد المولي بتصوير نفسه بجوار شقيقه طريح الفراش، وأصر على إجراء اختبار لشقيقه للكشف عن الفيروس. تزامن ذلك مع زيارة قام بها وفد من وزارة الصحة للمدينة.

لكن الأطباء الذين تمت مقابلتهم يقولون إنه قبل الإعلان الرسمي، بدأوا في رؤية حالات لها نفس أعراض فيروس كورونا  وحذروا وزارة الصحة الوطنية من أنها بحاجة إلى اتخاذ إجراءات.

من خلال قنوات تطبيق التلغرام، تبادل الأطباء البيانات وتواصلوا مع وزارة الصحة واقترحوا مجموعة من التوصيات والإجراءات على رأسها: الحجر الصحي وتقييد السفر والرحلات الجوية مع الصين. 

وقال ناشط وطبيب مقيم في مازاندران: "قدمنا الكثير من المعلومات للحكومة من خلال الرسائل وقنوات الاتصال". إلا أنه تم تجاهلهم من قبل المسؤولين الحكوميين.

بعد يومين من الإعلان عن الحالات الأولى، أجرت إيران انتخاباتها البرلمانية حيث اصطف الآلاف للتصويت. وفي اليوم نفسه، ناشد الأطباء في جيلان المحافظ، وهي واحدة من أكثر المناطق تضرراً في إيران، قائلين إن مستشفياتهم امتلأت بالمرضى وسط نقص في الأقنعة ومعدات الحماية الأخرى.

وجاء في رسالة بعثها الأطباء أن "العاملين الصحيين في المحافظة معرضون لتهديد كبير".

لكن المسؤولين الحكوميين قللوا من خطورة الفيروس، ورددوا نظريات المؤامرة العائمة التي لا أساس لها من أن الولايات المتحدة هي التي أنشأت الفيروس لبث الذعر.

وقالت طواقم طبية إن الحرس الثوري شبه العسكري أبقى المرافق الصحية تحت سيطرة مشددة وتم التعامل مع الإحصائيات الطبية على أنها سرية للغاية.

لم تسجل شهادات الوفاة فيروس كورونا كسبب للوفيات - إما لأنه لم يتم اختبار جميع الحالات الشديدة أو لمجرد الحفاظ على أرقام منخفضة. تُعزى آلاف الوفيات غير المعلنة إلى أسباب ثانوية مثل "النوبة القلبية" أو "ضيق التنفس".

وقالت طبيبة في طهران إن وزارة الصحة أعطت أوامر بعدم إحالة الحالات الحرجة إلى المستشفيات لفحصها وذلك لإبقاء الأعداد منخفضة. وأضاف عامل في مجال التصوير الشعاعي: "عدد المرضى الحقيقيين بـفيروس كورونا  في إيران منذ البداية ... حتى اليوم هو أكثر بكثير مما تم الإبلاغ عنه". وقدر أن الأرقام أعلى بثلاث إلى أربع مرات من الأرقام التي أصدرتها الحكومة.

رابط المادة الأصلي

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات