مصطفى الكاظمي.. تجاذبات سياسية أوصلت رئيس جهاز المخابرات إلى رئاسة الحكومة العراقية

مصطفى الكاظمي.. تجاذبات سياسية أوصلت رئيس جهاز المخابرات إلى رئاسة الحكومة العراقية
ما إن استقال عادل عبد المهدي، رئيس الحكومة العراقية، من منصبه مطلع كانون الأول 2019، تحت ضغط المظاهرات الشعبية، المطالبة برحيل ومحاسبة كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين، عام 2003، حتى بدأ اسم رئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي، يتردد في الشارع العراقي المنتفض، في بلد ما يزال يعيش حالة التناقضات السياسية، لا سيما بين التيارات الموالية لإيران، وأخرى تعارض مشروع الأخيرة في العراق.

لكن اللحظة التي قرّر فيها المكلف السابق لرئاسة الحكومة عدنان الزرفي، اعتذاره عن تشكيل الحكومة، هي من فتحت الباب أمام الكاظمي، للبدء بتشكيل الحكومة، والذي يُعد أول مرشح توافقي، إذ يحظى بدعم أغلب القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، فضلا عن دعم الحراك الشعبي العراقي الأخير، واقتراحه مسبقا للمنصب، والذي رفع من أسهمه وحظوظه لترؤس الحكومة المقبلة.

وكلف الرئيس العراقي برهم صالح، الخميس، رئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي، بتشكيل الحكومة المقبلة. وأمام رئيس الحكومة المكلف مهلة 30 يوما لتمرير تشكيلته الوزارية في البرلمان، ويبدو أن مهمته ستكون يسيرة، نظرا لمعطيات التوافق حول اسمه.

وفي أول خطاب متلفز له، بعد تسميته رئيساً للحكومة، قال الكاظمي إن الأسلحة يجب أن تكون في أيدي الحكومة فحسب، مشيراً إلى أن الأهداف الأساسية لحكومته تتمثل في محاربة الفساد وإعادة النازحين إلى ديارهم. 

والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلم منصب رئيس المخابرات في يونيو/ حزيران 2016، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة (2014 ـ 2018)، ولا يزال يشغل المنصب حتى الآن لتسيير الأعمال.

ويشترط لحصول الحكومة على ثقة البرلمان تصويت الأغلبية المطلقة (50 بالمئة +1) من الأعضاء الحاضرين (ليس العدد الكلي).

ودفعت كثير من العوامل حظوظ الكاظمي، لتولي الحكومة، لعل أبرزها، رفض رئيس الجمهورية برهم صالح تكليف أي مرشح ينتمي للأحزاب السياسية، ومنهم محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، تزامنا مع طرح التيار الصدري، بقيادة مقتدى الصدر، حليف إيران الأول في العراق، ثلاثة أسماء لرئاسة الحكومة نهاية العام الماضي، منها الكاظمي.

كما تم تداول اسمه كثيرا داخل الأوساط السياسية العراقية خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن رفض قوى وميليشيات موالية لطهران حال دون وصوله لرئاسة الوزراء.

ومن أبرز المواقف المعلنة لرفض ترشيح الكاظمي، ما صدر عن المسؤول الأمني في ميليشيا كتائب حزب الله العراقي أبو علي العسكري في آذار الماضي واتهامه للكاظمي بمساعدة الولايات المتحدة لتنفيذ عملية مقتل قائد ميليشيا فيلق القدس قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب قائد ميليشيا الحشد الشعبي العراقي. 

إضافة إلى أن الكتل السياسية الشيعية، كانت تنظر إلى الكاظمي بعين الاتهام، بسبب العلاقة المتينة بالأميركيين، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه عقب ساعات من تسمية الكاظمي، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، للصحافيين إن الكاظمي "أثبت في وظائفه السابقة أنّه وطني وشخص كفؤ"، معرباً عن أمله في أن يتمكن سريعاً من تشكيل حكومة "قوية ومستقلّة".

ونقلت بدورها وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر سياسي رفيع القول إن تسمية الكاظمي "تأتي مكسباً للعراق، خصوصاً في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، ولضمان تجديد استثناء بغداد من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران".

من مصطفى الكاظمي؟

ولد مصطفى عبد اللطيف المعروف بالكاظمي، في بغداد عام 1967، وينتسب الكاظمي إلى عشيرة الغريب، حيث نزحت أسرته من الشطرة - ذي قار، إلى كرخ بغداد (الكاظمية).

والده عبد اللطيف مشتت الغريباوي، سكن بغداد قادما من الشطرة عام 1963، وآخر عمل له هو مشرف فني في مطار بغداد، كما كان له انتماءات سياسية وحزبية. وعمل مشتت، ممثلا للحزب الوطني الديمقراطي (حزب كامل الجادرجي) في الشطرة.

وحاز الكاظمي، بكالوريوس في القانون، وهو متزوج من ابنة مهدي العلاق، القيادي في حزب "الدعوة" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، كما عرف عنه معارضته لنظام الرئيس الأسبق صدام حسين، لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية.

وغادر العراق عام 1985 إلى إيران، ثم ألمانيا فبريطانيا، ثم عاد إلى بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

وبعد عودته، عمل الكاظمي رئيسا لتحرير مجلة "الأسبوعية"، صاحب امتيازها الرئيس الحالي برهم صالح، واختار لنفسه بها لقب "الكاظمي".

وعمل مديرا تنفيذيا لمؤسسة الذاكرة العراقية، وساهم في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق. وأدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة الحوار الإنساني، وهي منظمة مستقلة تسعى إلى سد الثغرات بين المجتمعات والثقافات، والتأسيس للحوار بديلا عن العنف في حل الأزمات.

كما عمل كاتب عمود ومديرا لتحرير قسم العراق في موقع "مونيتور" الدولي، وركزت مقالاته على تكريس روح السلم الاجتماعي في البلاد.

ونشر خلال مسيرته المهنية العديد من الكتب، من أبرزها (مسألة العراق ـ المصالحة بين الماضي والمستقبل).

وعينه العبادي، في منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني في يونيو 2016، بعد أن حقق نجاحا من خلال عمله وسيطا سياسيا بين الأطراف العراقية المختلفة في الأزمات المتلاحقة.

وتقول مصادر إعلامية، إنه يتبع للكاظمي عدد من الإعلاميين والصحفيين والمؤسسات الإعلامية، التي تروج له بقوة وتطرح اسمه بين فترة وأخرى.

ولا يمتلك الكاظمي أي جنسية أخرى غير العراقية، رغم أنه امتلك جواز لجوء سياسي منحته له بريطانيا، خلال فترة معارضته لنظام صدام حسين.

وفي أول تعليق عقب تكليفه، قال الكاظمي في تغريدة على تويتر: "مع تكليفي بمهمة رئاسة الحكومة، أتعهد أمام شعبي الكريم، بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام".

يشار إلى أن الكاظمي هو ثالث مكلف بتشكيل الحكومة، عقب الزرفي الذي قدم اعتذاره عن المهمة، ومحمد توفيق علاوي، المنسحب مطلع مارس/ آذار الماضي، لفشله في إقناع المكون السني والكردي وبعض القوى الشيعية، بدعم تشكيلته الحكومية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات