رحيل جورج سيدهم: الكوميديان الذي أنهى شقيقه حياته الفنية وتسمم في مشهد مسرحي!

رحيل جورج سيدهم: الكوميديان الذي أنهى شقيقه حياته الفنية وتسمم في مشهد مسرحي!
نعى العديد من الفنانين المصريين يوم أمس نجم الكوميديا الفنان (جورج سيدهم) الذي رحل عن (82) عاما بعد معاناة طويلة مع المرض تجاوزت العقدين، متزامنا رحيله مع الاحتفال بيوم المسرح العالمي في السابع والعشرين من آذار/ مارس كل عام، ومع إغلاق المسارح في يوم عيدها السنوي أبوابها في العالم كله بسبب أزمة فيروس كورونا الذي أعلنته منظمة الصحة وباء عالميا.  

نجوم كلية الزراعة! 

كان جورج أبيس سيدهم، المولود عام 1938 بمدينة جرجا في محافظة سوهاج (جنوب القاهرة) لأبوين قبطيين، واحدا من نجوم الكوميديا الذين تخرجوا من كلية الزراعة أمثال عادل إمام وسمير غانم والضيف أحمد، فقد التحق جورج بكلية الزراعة بجامعة «عين شمس» بالقاهرة عام 1961، والتقى بزميليه سمير غانم والضيف أحمد، ليشكل معهم «فرقة ثلاثي أضواء المسرح» التي كانت واحدة من أنشط الفرق المسرحية الاستعراضية الشبابية في ستينيات القرن العشرين، والتي انفرط عقدها بوفاة أحد أعمدتها الثلاثة وهو الضيف أحمد في نيسان / إبريل من عام 1970، وإن ظل جورج متمسكا بالاسم، يوقع به أعماله المسرحية اللاحقة..  حيث عملت هذه الفرقة في المسرح والتلفزيون والسينما، ولمع نجومها جورج وسمير وأحمد  في أول فوازير لرمضان من إخراج محمد سالم. كما شارك الثلاثي في بطولة عدد كبير من الأفلام التي كان آخرها فيلم (لسنا ملائكة) الذي أخرجه محمود فريد، وشارك فيه المطرب السوري فهد بلان كضيف شرف. 

لقد جسد جورج سيدهم مدرسة في الأداء الكوميدي النابع من الجدية المبالغ بها، فلم يكن يميل إلى التهريج، ولا استخدام أسلوب المبالغات الأدائية الذي لم ينج منه أبناء جيله، وإنما كان يعمل على بناء الشخصية الكوميدية عبر إبراز تناقضاتها والمفارقات التي تقع فيها، بعيدا عن الافتعال الأسلوبي الشكلاني الذي يستجدي الإضحاك في ظل غياب رؤية تنظم عمل جوهر هذا الإضحاك وتضبط ادواته.  

 

حالة تسمم في مشهد مسرحي!

تعد مسرحية (المتزوجون) التي عرضت عام 1979 والتي تناقش مشكلة الفارق الطبقي بين المتزوجين بشكل كوميدي، ومسرحية «أهلاً يا دكتور»، التي عرضت عام 1981، وتدور أحداثها احول الوسط المهني للأطباء في سنوات الانفتاح الاقتصادي في مصر، أشهر أعمال جورج سيدهم المسرحية، بسبب توفر النسخة التلفزيونية لهذين العملين، اللذين جمعا بين جورج سيدهم وسمير غانم، ومثلهما مسرحية (موسيقى في الحي الشرقي) عام 1971 التي كانت أول عمل مسرحي لجورج وسمير بعد رحيل الضيف أحمد، بخلاف مسرحيته الشهيرة (حب في التخشيبة) التي أنتجت عام 1994 والتي لم يشارك فيها سمير غانم الذي كان قد انفرد بالعمل المسرحي لوحده قبل سنوات. 

ويبقى مشهد تناول البيض في مسرحية (المتزوجون) الذي تجبره عليه زوجته ابنة المعلم ذات الأصول الشعبية، من أشهر مشاهد المسرحية التي كثيرا ما سئل عنه جورج سيدهم في مقابلاته التلفزيونية..  وما لا يعرفه الكثيرون أنه أصيب بالتسمم بعد يومين من العرض بسبب تناوله كمية كبيرة من البيض، وهو ما جعله يرفض تناوله خلال باقي العروض وتم استبداله بقطع من التفاح المقشر بشكل بيضوي، إلا أن مخرج العمل حسن عبد السلام أصرعلى أن يتناول جورج سيدهم البيض خلال يوم تصوير المسرحية تليفزيونيا. وقد  أجاب جورج في لقاء تلفزيوني أجري معه، مؤكدا أنه كان يتناول بيضا حقيقياً في أول وثاني أيام العرض، ولكنه في اليوم الثالث أصيب بتسمم لأنه لم يستطيع تحمّله، فتمّ استبدال البيض بالتفاح.

أما آخر أعمال جورج سيدهم المسرحية فكانت مسرحية «نشنت يا ناصح» التي أخرجها الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي، وعرضت عام 1995.

الفوازير الرمضانية والحضور التلفزيوني! 

إلى جانب أعماله المسرحية والسينمائية كان جورج سيدهم حاضرا في مسلسلات التلفزيون، وكان للفوازير الرمضانية حيز خاص في مشاركاته التلفزيونية بدءا من (فوزاير ثلاثي أضواء المسرح) في موسم رمضان عام 1969 وليس انتهاء بمشاركته كضيف شرف مع جيهان نصر في فوازير (الحلو ما يكلمش) عام 1997  وعلى العموم فقد امتدت مشاركات جورج سيدهم التلفزيونية اللاحقة حتى النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين،  وإن بأدوار منتقاة بسبب تفرغه الأساسي للمسرح، كما نرى في مسلسلات "أصيلة" 1980  و"ياسين وبهية" 1982 و"رأفت الهجان" 1992 الذي شارك في الجزء الثالث منه بدور اليهودي (شلومو) ومسلسل (بوابة الحلواني) الذي شارك في الجزأين الثاني والثالث منه بدور (نوبار) باشا، وقد كان الجزء الثالث من (بوابة الحلواني) الذي صور عام 1997 وكان آخر أعماله التلفزيونية قبل أن يدخل محنته المرضية!

سرقة شقيقه تنهي حياته الفنية!

كانت الضربة القاصمة التي أنهت حياة جورج سيدهم الفنية وأدخلته في محنة مرضية امتدت على مدى أكثر من عقدين من الزمن، هي سرقة شقيقة (أمير سيدهم) لكل أمواله في أواخر تسعينيات القرن العشرين، القصة رواها الناقد طارق الشناوي بالقول:

"كان جورج سيدهم متفرغا فقط لأموره الفنية، وشقيقه أمير يدير كافة أموره المالية منذ انطلاق مشواره الفني، وهو أمر معتاد في تلك الفترة. وقع سيدهم، الذي ظل رافضا للزواج ويراه نظاما فاشلا، في غرام الدكتورة ليندا وتزوجها بعد أن تجاوز الخمسين من عمره. إلا أنه استيقظ ذات صباح، ليفاجأ بأن شقيقه أمير سيدهم استولى على كافة أمواله وباع المسرح الخاص به، وهرب بالأموال إلى أمريكا وكان أمير يملك تفويضا من شقيقه لإدارة كل شيء، ليصاب جورج بجلطة قوية في المخ من هول الصدمة، وينقل على إثرها للمستشفى وقد سببت له الجلطة شللا في نصفه الأيمن. وأثرت الجلطة على مركز النطق عند الراحل فلم يتحدث من يومها سوى بكلمات بسيطة للغاية، لم يكن لدى أحد القدرة على فك شفرتها سوى زوجته الدكتورة ليندا".

سمير غانم: أسعدني وأسعد الملايين!

 

وكان رفيق دربه الفنان سمير غانم قد تحدث عن جورج عقب وفاته منوهاً بموهبته الفنية وقدراته الإدارية المتميزة قائلا: "ربنا ابتلى جورج ابتلاء كبير، وأكيد ربنا بحبه، كان أخويا وشريك عمري وكان بيمتعني على المسرح سواء في فرقة ثلاثي أضواء المسرح أو في المسرحيات التي تشاركنا فيها سويا بعد وفاة الضيف أحمد.. جورج أسعدني وأسعد الملايين وكان فنان جميل له أسلوب خاص، وكان هو اللي بيدير فرقة ثلاثي أضواء المسرح، وأنا والضيف مانعرفش حاجة في الإدارة والاتفاقات، وبعد وفاة الضيف عملنا مسرحيات رائعة مثل موسيقى في الحي الشرقي، وأهلا يا دكتور والمتزوجون وغيرها، وكان بيننا كيمياء خاصة لا تتكرر".

وكان جورج سيدهم قد نال تكريم درع المركز الكاثوليكي للسينما عام 2013 تقديرا لمشواره الفني الحافل.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات