ما أسباب سيطرة ميليشيا أسد على مناطق واسعة في ريف حلب؟

ما أسباب سيطرة ميليشيا أسد على مناطق واسعة في ريف حلب؟
سيطرت ميليشيا أسد والقوات الروسية والايرانية المساندة لها على القسم الأكبر من مدن وبلدات ريف حلب الغربي، وتمّت تلك السيطرة بالتزامن مع انهيار غير مسبوق في صفوف الفصائل  التي صمدت بنفس المنطقة لسنوات دون إحراز أي تقدم من قبل ميليشيا أسد سابقاً، مما جعل الجميع يتساءل عن سبب هذا التراجع وسقوط المنطقة.

وذكرت مصادر عسكرية لأورينت نت أن ميليشيا أسد وقوات الاحتلالين الروسي والايراني سيطروا خلال الأسبوعين الأخيرين على أكثر من 55 مدينة وبلدة من بلدات ريف حلب الغربي، وأشار ناشطون أن المنطقة التي تمت السيطرة عليها مؤخراً هي من أكثر المناطق السورية وعورةً وتحصيناً، بالإضافة إلى أن المنطقة من أكثر المناطق ثوريةً وتضحيةً خلال سنوات الثورة، بحسب ناشطين.

ضعف التنسيق الفصائلي

وقبل بدء معركة حلب الأخيرة، حشدت ميليشيا أسد قواتها داخل الأحياء السكنية الغربية للمدينة، وقابل تلك الحشود تعزيزات للفصائل مما جعل البعض يتنبأ بمعارك شرسة وأن تكون معركة حلب هي الشعرة التي تقصم ظهر بعير هذه الميليشيات.

ولكن بحسب أحد قادة المجموعات الشعبية التي تشكلت في ريف حلب الغربي للدفاع عن منطقتهم والذي عرّف عن نفسه بـ "سامي الحلبي" فإن ضعف التنسيق بين الفصائل ضمن غرف عمليات موحدة وكذلك تشتت بعضها وانسحاب أخرى هو السبب الأهم لسقوط بلدات ريف حلب الغربي وحدوث هذا التراجع.

وأضاف الحلبي لأورينت نت، "شكّلنا مجموعات ثورية عسكرية من شباب منطقة ريف حلب الغربي لمساندة فصائل الثورة بمعركة ريف حلب، ولكن تفاجأنا بأن الحمل الاكبر قد رُمي علينا بسبب ضعف التنسيق بين الفصائل، وعدم وجود قيادة مركزية موحدة صاحبة قرار بالدفاع والهجوم وتأمين اللوجيستيات الضرورية، ولذلك شهدنا انسحاب من نقاط دون إخبارنا وتراجع بمناطق قبل دخول الميليشيات عليها بفترة".

وأكّد على ذلك أحد قادة المجموعات التابعة للجبهة الوطنية للتحرير والذي رفض ذكر اسمه، حيث قال لأورينت نت "خلال معركة ريف البحوث العلمية والراشدين انسحب بعض المجموعات التابعة للجيش الوطني وهيئة تحرير الشام دون التنسيق معنا مما أحدث فجوة لميليشيات الأسد والتقدم نحونا، فتصدّينا لمجموعة منهم وقتل 6 عناصر منهم ثم الانسحاب كون الميمنة والميسرة قد تم إخلاؤها دون العلم بذلك، وبالتالي سقطت المنطقة هناك بسبب عدم التنسيق أقل ما يمكن القول عنه".

وأشار المصدر ذاته إلى أن منطقة ريف حلب الغربي هي من أصعب المناطق جغرافياً وفيها فصائل محسوبة على المنطقة والعشائر الخاصة بالمنطقة كحركة نور الدين الزنكي وبعض الفصائل الأخرى، ولكن سوء الادارة العسكرية للمعركة وعدم التنسيق الكافي كان سبباً بسقوط المنطقة التي طالما حلم بها نظام أسد وميليشياته لما أذاقته من ويلات بمعارك حلب خلال السنوات الثماني الأخيرة.

الحالة النفسية وانتظار الاتفاقيات

في حين أرجع أحد المصادر العسكرية القادمة من منطقة غصن الزيتون والتابع للجيش الوطني أن سبب هذه الخسارات المتتالية وفقدان مناطق استراتيجية هامة، يعود ذلك للحالة النفسية عند العنصر والقائد وانتظار الجميع لما ستؤول إليه الاتفاقيات والاجتماعات الدولية.

وتابع المصدر قائلاً لأورينت نت، "باتت غالبية العناصر تنظر لمعركة ريف حلب الغربي على أنها تطبيق لاتفاق سوتشي وحماية الطريق الدولي M5، ولذلك لاحظنا عدم زجّ كامل القوى البشرية للفصائل بهذه المعركة عدا عن انسحاب قسم منهم من منطقة كفرناها والفوج 46 وأورم الكبرى رغم أن قوتهم العسكرية كانت هناك".

وأكمل المصدر العسكري حديثه "نحن أتينا مع الجيش الوطني رغبةً منا بالقتال لحماية أهلنا في هذه المنطقة، ولكن لم يتم زجّنا بمعارك حقيقية حتى اللحظة إلا في بعض الأحيان وبحسب النيّة التامة للقتال من الجميع، وإلا ما تبقى كانت معارك محدودة ويمكن تسميتها معارك مجموعات لا معارك فصائل، كون العنصر أو الفصيل ينتظر تطبيق ما تبقى من الاتفاقيات وحالته النفسية منهارة، والكل لا يريد التضحية بنفسه مقابل هذه الاتفاقيات، بحسب نظر أغلب الفصائل".

ونوّه المصدر إلى أن "هناك مئات العناصر وربما أكثر من ذلك بكثير ينتظرون الدخول بالمعركة منذ أسابيع ولكن دون جدوى، ولذلك أصبح لدى الغالبية قناعة أن الامور متجهة لاعتبارات دولية أكثر منها محلية ودفاع عن مناطق ستسقط بيد ميليشيا أسد الطائفية وبيد الميليشيات الروسية والايرانية الشيعيّة، لهذا أصبحت بعض العناصر ترى نفسها أداة أكثر من كونها يد فاعلة، خاصة بعد كثرة دعوات الاستنفار للبدء بعمل عسكري ضخم بدعم تركي ولكن بعد لحظات يتم التراجع عنه أو يتم إعلان فشله، فكل ذلك سبب حالة نفسية عند العنصر وحتى القائد".

تفاوت نسب المشاركة

ووفق القائد الثوري الحلبي فإن الفصائل قد تفاوتت نسب مشاركتها بمعركة ريف حلب الغربي، فتوزعت بين مشاركة حقيقية بكامل الإمكانيات وبين المشاركة بنسبة ضئيلة وبين عدم المشاركة الفعّالة.

وأوضح الحلبي لأورينت نت قائلاً "الحشود العسكرية وتعزيزات الفصائل قبل انطلاق معركة حلب كانت توحي للجميع أنها معركة مفصلية، ولكن للأسف بعد انهيار الخط الأول على محور الصحفيين لاحظنا تفاوت نسب مشاركة الفصائل بباقي المعركة، فانسحبت مجموعات كبيرة من فيلق الشام التابع للجيش الوطني إلى محاور أخرى بعيدة عن المنطقة، وانسحبت مجموعات من هيئة تحرير الشام عن أماكن أكثر استراتيجية، وبقيت بعض المجموعات الشعبية والاسلامية وأخرى تابعة للجيش الوطني ولكنها لم تكن ذات فاعلية كبرى لضعف الإمكانيات".

واستدرك الحلبي قائلاً، "لم نعرف لماذا تم سحب مجموعات بكامل قوتها من محاور هامة بريف حلب الغربي وزجّها بمحاور ريف ادلب، هل هو لتبعيتها وولائها لتركيا مثلاً أم لخطة عسكرية لم يحن موعدها بعد؟!، ولم نعرف لماذا غابت فعالية بعض الفصائل الأخرى كهيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية عدا عن بعض المجموعات التي لا يمكننا نكران عملها والتي دافعت بكل قوتها واستشهد خيرة شبابها".

الاستراتيجية الروسية

بينما اعتبر أحد المصادر العسكرية الخاصة لأورينت نت أن الاستراتيجية العسكرية الروسية المعهودة مؤخراً هي سبب الانهيار العسكري للفصائل وسقوط مناطق ريف حلب الغربي.

وأوضح المصدر لأورينت نت هذه الاستراتيجية بقوله، "تعتمد الاستراتيجية الروسية على مبدأ الكثافة النارية على نقطة صغيرة جداً ومن ثم فتح ثغرة لتطويق أكبر قدر ممكن من المناطق الجغرافية ذات الأهمية الأكبر، وهذا الاسلوب استخدمته في الغوطة الشرقية ثم بمعارك حماة وادلب وكذلك بمعارك ريف حلب الغربي".

وعلى صعيدٍ متصل، قال المصدر "ببداية معركة ريف حلب الغربي شهدت المنطقة صموداً اسطورياً ولكن مع بداية انهيار محور الصحفيين وخان طومان وكفرحلب بدأت المعركة تأخذ منحى مغاير، فبدأت قوات الاحتلال الروسي وميليشيا أسد بتطويق الفوج 46 والذي يُعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية بالريف الغربي وسبباً بتقهقر الحالة النفسية للمقاتل، ومن ثم تابعت نفس الأسلوب بأغلب الريف الغربي والشمالي الغربي لمدينة حلب".

من جانبه، رأى المصدر أن الفصائل لم تكن بتلك الحنكة العسكرية التي تمكّنها من تلافي هذه الخطة المعروفة فوقعت بنفس الفخّ الذي وقعت به سابقاً بمعارك أخرى، وبهذه الاستراتيجية أسقطت القوات الروسية وميليشيا أسد أحد أهم القلاع الجغرافية والعسكرية المحصّنة في سوريا عبر تطويقها من الخواصر ومن ثم السيطرة عليها دون قتال عنيف كون المنطقة تكون شبه محاصرة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات