الشتاء القارس مأساة مزدوجة لسكان الشمال السوري

الشتاء القارس مأساة مزدوجة لسكان الشمال السوري
وضع الشتاء القارس هذا العام مع الارتفاع غير المسبوق لأسعار الحطب ومواد التدفئة الصحية ,معظم سكان وأهالي الشمال السوري أمام مأسأة مزدوجة متمثلة بخيارين لاثالث لهما إما البرد أو المرض الناتج عن استخدام بدائل تدفئة مؤذية وخطيرة.

وتجاوز سعر الطن من حطب التدفئة العادي 125 ألف ليرة سورية، بينما سجل سعر الطن  من حطب "البيرين" 175 ألف ليرة، (مخلفات الزيتون المضغوط بشكل أسطوانات صغيرة الحجم)، وأما الوقود فقارب سعر الليتر الواحد حاجز الألف ليرة  في ظل انهيارها الأخير أمام الدولار.

2500 ليرة

تحتاج أي عائلة سورية في الشمال لأكثر من 2500 ليرة يوميا ثمنا لمواد التدفئة فقط، عدا عن باقي المصاريف اليومية في ظل انخفاض مستوى الدخل وموجة الغلاء التي اجتاحت المنطقة.

 "أبو عدي" مهجر من مدينة حمص وهو أب لأربعة أطفال، قال لأورينت، "إنه يقضي الشتاء في أخذ أطفاله الأربعة إلى المراكز الصحية بسبب سعالهم المستمر الذي أدى إلى التهاب رئوي حاد لا تؤثر فيه الأدوية الموجودة في المراكز، بسبب استنشاقهم  الغازات والأدخنة المنبعثة من المدفأة كل يوم، عند إشعالها وبالتالي باتت صحة أطفاله بخطر.

وأضاف أبو عدي راويا قصته مع مواد التدفئة، " لم أترك وسيلة إلا وجربتها، ابتداءً بالحطب الذي بات سعره مرتفعاً جداً إلى "البيرين" وأحيانا أضعهم سوياً للحصول على دفء أكبر ولوقتٍ أطول، كما جربت قطع الملابس والخرق البالية وبعض الأحذية القديمة".

وتابع" ولا يمكن أن أستغني عن قطع البلاستيك وأكياس النايلون الضرورية لإشعال المدفأة".

هذه المواد ينجم عنها غازات سامة ودخان كثيف وقد سببت أذى كبيرا لأولاد أبو عدي خاصة طفلته الصغيرة ذات التسعة أشهر، وقد أخبره الطبيب في آخر مرة أنها باتت معرضة لمرض الربو.

ولايجهل أبو عدي سبب المرض المستمر لأولاده، لكنه يقول، "ماذا أفعل؛ لا يمكنني أن أُبقي أطفالي بالبرد وليس باستطاعتي شراء المازوت الأوروبي الجيد غالي الثمن".

وأبو عدي هو واحد من آلاف العائلات التي تستخدم مواد مؤذية وغير صحية كملابس البالة والأحذية وقطع البلاستيك لأنها أرخص بكثير من الحطب والبيرين الذي لايستطيع الكثيرون من العائلات السورية تأمين ثمنه في ظل ظروف الحرب والبرد والنزوح.

مخاطر كبيرة

وقال الطبيب "زهير الفجر" اختصاصي جراحة صدرية لأورينت، "إن للغازات المنبعثة من المدافئ التي تستخدم الأحذية والمواد البلاستيكية في التدفئة مخاطر وأضرارا كثيرة على صحة الإنسان لأنها تطلق غازات و روائح سامة تسبب تخريشا مباشرا في الجهاز التنفسي".

وأضاف "أن غالبية الحالات المرضية التي تأتيه إلى العيادة هي التهابات صدرية ناتجة عن استنشاق دخان المدافئ والغازات المنبعثة منها أثناء تشغيلها".

وأوضح الطبيب "الفجر " أن بعض هذه المواد وأولها الفحم تطلق غاز (أول أكسيد الكربون) السام، الذي يؤدي استنشاقه إلى التسمم وربما الموت لأنه غاز سام ولا يشعر به الناس مباشرة فهو لا لون له ولا رائحة يقلل الأكسجين بالجسم ويؤدي إلى الاختناق.

وسجل شتاء هذا العام حالة وفاة واحدة كانت ضحيتها السيدة "عائشة سعدو" بسبب مواد التدفئة المذكورة سابقا، التي تعرضت للاختناق مع زوجها دون أن يشعرا، حيث تمكن الأطباء من إنقاذ حياة زوجها  وفشلوا في إنقاذها لاستنشاقها كميات كبيرة من دخان تلك المواد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات