تزوير العقود والوثائق.. هكذا يتم الاستيلاء على أملاك المهجّرين من سوريا

تزوير العقود والوثائق.. هكذا يتم الاستيلاء على أملاك المهجّرين من سوريا
مع انعدام الأمن وانتشار الفساد وغلبة نفوذ الميليشيات التابعة للنظام انتشرت خلال الفترة الأخيرة عمليات تزوير صكوك ووثائق الملكية العقارية، بهدف الاستيلاء على أموال النازحين والمهجّرين بطرق غير شرعية. وساعد ضعف السلطة القضائية وغياب المحاسبة، وتواطؤ بعض موظفي النظام مع المزورين في استفحال هذا الأمر بشكل لافت مؤخراً.

يروي محمود عربش وهو لاجئ سوري يقيم في تركيا قصته التي بدأت قبل قرابة شهرين حين سافر إلى مدينة اسطنبول التركية لاستخراج وكالة قانونية من قنصلية النظام لأخيه المقيم في اللاذقية بهدف بيع بيته .

وبعد نجاح عربش في الحصول على الوكالة وإرسالها إلى اللاذقية وتصديقها بشكل قانوني من وزارة الخارجية، فوجئ أخوه حين محاولته استصدار موافقة أمنية للبيع بأن البيت ليس باسم أخيه، وأنه مسجّل في دائرة المصالح العقارية باسم شخص آخر.

وعند تحري العائلة عن الموضوع كما يشرح عربش ظهر عقد بيع مزور باسمه سجل في أعوام سابقة لشخص آخر هو عضو في ميليشيا نافذة في اللاذقية.

ولأجل تثبيت العقد المزور قام السارق وفق عربش برفع قضيه عليه في المحكمة تتهمه بعدم إتمام الفراغ، والهروب لخارج البلاد، مبرزا عقد البيع المزور وشهودا مزورين، وحصل على حكم بالحصول على المنزل.

 

كيف يحدث التزوير؟

ليست حادثة عربش بالأولى التي يستغل فيها البعض غياب صاحب الملك، حيث تشهد محاكم النظام كما تؤكد مواقع موالية ارتفاعاً واضحاً في قضايا نهب الأملاك من خلال وثائق مزورة .

وبحسب تقارير صادرة عن مواقع إعلام مقربة من النظام فقد سجل حوالي 2300  دعوى قضائية يطالب المدعون من خلالها باستعادة ممتلكاتهم التي تعرضت للتزوير خلال سنة واحدة فقط، حيث تدخل هذه الدعاوى ضمن شكليات المحاكم، وتعرقلها عدد من الوساطات والمحسوبيات المنتشرة بدور المحاكم السورية.

وفي هذا السياق يؤكد المحامي السوري أحمد حاج خليل أنّ "تزوير وثائق الملكية للسوريين لاسيما الذين هم خارج البلاد إنما تتم بتشجيع النظام ومعرفته، ومن خلال التغاضي عن الفاعلين".

وأضاف خليل في حديثه الخاص لموقع أورينت" ساهمت أفعال النظام بعمليات محو وتزوير واسع النطاق لسجلّات الممتلكات في مختلف أنحاء البلد، خاصة في بعض المناطق التي أراد النظام تغيير ديموغرافيتها مثل حمص وريف دمشق، وكمثال على ذلك قام النظام عمدا بقصف وإحراق مبنى السجل العقاري في مركز مدينة حمص في العام 2013، وقد أدى الحريق الناتج إلى إتلاف العديد من سجلّات الممتلكات في المدينة، والأمر ذاته فعله في الزبداني هذا الأمر لم يكن صدفة أبدا".

وحول الطريقة التي ينتهجها المزورون في مناطق النظام أوضح المحامي المقيم في تركيا أنّ الأمر يتم إما عن طريق تزوير وكالة لمحامٍ، أو زرع اسم مالك العقار بدائرة النفوس وبيع العقار دون علم صاحبه الحقيقي، أو تزوير عقد بيع واحضار شهود مزورين، ورفع دعوى قضائية ضد صاحب العقار دون ايصال الاخطار له أو لأهله وهو أمر يحتاج إلى تقديم رشوى للشرطة والجهات القضائية.

الموافقة الأمنية

من جانب آخر ساهم اشتراط النظام الحصول على الموافقة الأمنية لإتمام عملية بيع وشراء أي عقار لتسلط أجهزة الأمن على البائعين، لاسيما إن كانوا من المعارضين المقيمين خارج البلد.

وبحسب الناشط الإعلامي في مدينة اللاذقية أحمد رجب فقد باتت الموافقة الأمنية سلاحا جديدا للنظام يستخدمه ضد معارضيه لمنعهم من الاستفادة من أملاكهم.

وتحتاج هذه الورقة عادة بين 15 إلى 45 يوما لاستخراجها إلا أنّ صفة "ارهابي" أو" فار من الدولة" قد يكون سببا لتعطيل الحصول عليها، وبالتالي ابتزاز أصحابها لدفع رشى مالية ضخمة لتجاوز الأمر أو التخلي عن التصرف بأملاكهم.

كيف نمنع التزوير؟

وحول الآلية التي يجب على السوريين لاسيما في الخارج اتباعها لحماية أملاكهم نصح المحامي السوري مصطفى عبد العال جميع السوريين في الخارج والغير قادرين على الوصول لممتلكاتهم  بإجراء وكالة قانونية لأي شخص يثقون به، ويكون له صلة قرابة إن أمكن من الدرجة الأولى ليتسنى لهذا الشخص التأكد من وضع العقار، أو الأملاك في الدوائر العامة للدولة ،أو التحرك في حال وجود أي حالة تزوير في المحاكم سريعاً.

ونوّه عبد العال إلى ضرورة أن تأخذ المؤسسات الحقوقية السورية هذا الأمر بمحمل الجد، وكشف عمليات التزوير وتوثيق ممتلكات السوريين الذين فروا من بطش النظام بأي شكل ممكن.

وأكدّ المحامي في حديثه للأورينت أنّ تخلّف طريقة التوثيق الحكومي لممتلكات المواطنين، وأرشفتها بشكل ورقي غير إلكتروني يساهم أيضا في وقوع حالات تزوير.

وكان "تجمع المحامين السوريين" أطلق بداية العام الماضي مشروع  "رد المساكن والممتلكات العقارية"بهدف تجهيز معلومات عن عقارات المدنيين المصادرة من جهة ما، أو العقارات المدمّرة، وتقديم هذه المعلومات للجهة المسؤولة في سوريا ما بعد الصراع.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات