صُوّر في الزبداني.. لماذا احتجَّ سوريون على عرض فيلم"الحبل السري" في السويد؟

صُوّر في الزبداني.. لماذا احتجَّ سوريون على عرض  فيلم"الحبل السري" في السويد؟
احتج سوريون على عرض فيلم ممول من قبل الاتحاد الأوروبي ويحمل اسم "الحبل السري" للمخرج السوري الليث حجو، في السويد، معتبرين أن لجوء مخرجين محسوبين على نظام أسد إلى استخدام أنقاض المدن السورية من حمص إلى القصير إلى الزبداني وغيرها في تصوير تلك الأفلام، هو استمرار في نهج "إرهاب الدولة" ضد المواطنين السوريين المدنيين.

"منصة للدعاية الأسدية"

وحذرت مجموعة (سوريون مستمرون في مالمو) إدارة مهرجان مالمو أن تجعل من المهرجان "منصة للدعاية الأسدية وتطالبها بسحب الفيلم فوراً من برنامجها".

وعرض مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته التاسعة فيلم "الحبل السري"، أمس السبت 5 تشرين الأول / أكتوبر 2019، عند الساعة 14:30 في سينما بانورا (Panora) في مدينة مالمو جنوب السويد.

وجرى تصوير الفيلم على أنقاض مدينة الزبداني شمال غرب العاصمة دمشق، وتم عرضه في عدة مدن سورية بـ "إشراف مؤسسات رسمية خاضعة تماماً لإرهاب وسلطة أجهزة المخابرات السورية".

وأكدت المجموعة أن النظام يسعى عبر إنتاج الفيلم إلى "العبث بالحقائق ومسارح الجريمة. وهم اليوم يلحقون بالناجين السوريين من إرهاب الأسد إلى المنافي لعرض بضاعتهم القميئة تحت شعارات رثة تحاول أن تسوق الأسد سعياً لإعادة قبوله في الساحة الدولية".

ونوهت المجموعة إلى أنه "منذ العام 2011 تعرضت مدينة الزبداني وقرى وبلدات تابعة لها، مثل مضايا ووادي بردى، إلى أبشع أنواع إرهاب الدولة والإرهاب العابر للحدود. وكانت، كغيرها من مدن وقرى سوريا، مسارح جريمة ارتكبها جيش الأسد بحق سكانها المحليين بدعم من الميليشيات الإرهابية الطائفية -- كمليشيا حزب الله اللبناني -- الحرس الثوري الإيراني والجيش الروسي. ولم يتوقف ذلك على قتل وتهجير الآلاف بمختلف صنوف الأسلحة من البراميل المتفجرة إلى الحصار والتجويع الجماعي إلى الاعتقال الاعتباطي والخارج عن إطار القانون إلى القتل تحت التعذيب".

وبفعل تلك الجرائم، جرى تهجير أهل الزبداني منذ عام 2015. ولا يتجاوز عدد سكان الزبداني اليوم 7000 نسمة يعيشون في ظروف قاسية من شبه انعدام في الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وغيره. بينما كان عدد سكان المدينة يتجاوز في موسم الاصطياف 120000 حتى عام 2011. كما يرزح اليوم عشرات الآلاف من أهل الزبداني في المنافي ومعتقلات الأسد بعد مقتل الآلاف. وتحول سهل الزبداني الشهير إلى صحراء بعد أن خسر أكثر من 500000 شجرة مثمرة قطعتها ميليشيا أسد وعناصر ميليشيا "حزب الله" اللبناني، وباعوها في سوريا ولبنان.

إعادة إنتاج للجريمة

وعلّق محمد فارس، وهو صحفي سوري مقيم في السويد، في تصريح لـ أورينت نت، على أبرز المآخذ على عرض الفيلم بقوله: "الانتقاد الأساسي من قبل الجمهور السوري كان لاختيار مكان تصوير الفيلم رغم أن اسم الزبداني لم يرد في السياق"، مردفاً أن "لاجئين سوريين في السويد أدانوا بشدة تصوير الأفلام على أنقاض المدن السورية كالزبداني والقصير وحمص بينما هم محرومون من زيارتها". 

وأضاف فارس: بغض النظر عن محتوى الفيلم، تخيل لو حاصر أحدهم بيتك وطردك بقوة السلاح وقتل أفراداً من عائلتك وشرد البقية فهربت إلى منزل بعيد. ثم قام محاصرك بهدم بيتك وهددك إن عدت إليه بينما سمح لصناع الأفلام أن يأتوا بكاميراتهم ليصوروا على أنقاضه أفلاماً عن التهجير القسري والمعاناة تحت الحصار. ثم حمل هؤلاء أفلامهم إلى منزلك البعيد ليعرضوها أمامك. هذه تماماً قصة فيلم الحبل السري مع الزبداني".

وختم فارس بقوله: "أمام دمار سوريا، لا أملك ترف مناقشة عمل سينمائي. فلي أقارب وأصدقاء مدفونون في المدينة واختيار مكان التصوير فوق أنقاض منازلهم ليس حياداً أبداً".

من جانبه اعتبر الكاتب والصحفي السوري حافظ قرقوط، في تصريح لـ أورينت نت، أن: "الحبل السري هو فيلم مدته 20 دقيقة لكن بالنتيجة نحن نتكلم عن مخرجين لم يأخذوا موقفاً من المصيبة الكبرى التي وقعت على الشعب السوري، بل أخذوا يستعملوا نتائج الحرب لتكريس انتاجهم الفني بما معنى استغلال مصائب وآلام الناس في مشاريع أخرى علماً أن هؤلاء المخرجين كلهم عملوا في ظل نظام الأسد، وإنتاج أفلام بهذه الطريقة وجرى عرضه في أكثر من منطقة بسوريا، وبرعاية مؤسسات نظام الأسد".

استنزاف للمأساة

وألمح قرقوط إلى أنه "الآن يقوم النظام بتوجيه الفيلم للخارج للقول أنه يتيح مساحة للإعلام ثم أن هذا الدمار في الزبداني الذي جرى تشريد وقتل أهله من قبل قوات الأسد ومات الأطفال خلال البحث عن علبة حليب يوما ما فيها، أصبحت مادة للدراما يتبعها نظام الأسد ومُخرجيه، وبالتالي هنا الاحتجاج الأساس بأنه لا يجوز تجاوز محنة الشعب السوري بأنها أصبحت عبارة عن مادة درامية يمكن أن نستعملها في هذا الفيلم أو ذاك دون العودة لأسباب تلك المصيبة الكبرى التي ألمت بالسوريين، وبالتالي كون الفيلم انتج في ظل مؤسسات الأسد، فإنه استنزاف للمأساة، وإظهار للعالم بأن سوريا أصبحت في مكان آخر وأن ما حصل عبارة عن حادثة بسيطة ويمكن أن تمر وأن يسجلها التاريخ في الماضي، وأن يبقى الأسد في المستقبل، وهذا طبعاً نحتج عليه كمهجرين بأن يلاحقنا هؤلاء المخرجين بمادة ثقافية لتشوية الثقافة السورية، ونحن نحاول أن نوصل رسالة الشعب السوري بأنه مظلوم وان هناك إرهاب منظم شردهم من بيوتهم وقتل الناس عمداً بالجوع والحصار.

يشار إلى أن "نظام الأسد"، بدأ مؤخراً بإنتاج أفلام تعمل على تشويه الحقائق التي جرت خلال السنوات الماضية على مدار الثورة السورية، ومنها فيلم "دم النخل"، الذي عُرض في دار الأوبرا في دمشق يوم 11 سبتمبر الماضي، وحضر عرضه التجريبي بشار الأسد مع عائلته، حيث أظهر الفيلم عنصراً في ميليشيا أسد ينحدر من السويداء بحالة الجبن والخوف مقابل "شجاعة" عنصر آخر من الساحل في مواجهة داعش، في وقت أوقفت المؤسسة عرض الفيلم على الجماهير بعد تعرضه لانتقادات كبيرة بسبب الاتهامات بوجود "دلالات طائفية" فيه بحق أهالي السويداء.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات