اللجنة الدستورية غرفة إنعاش دولية لشرعنة نظام أسد!

اللجنة الدستورية غرفة إنعاش دولية لشرعنة نظام أسد!
بعد 22 شهراً، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" 23/ أيلول الجاري، عن ولادة عسيرة للجنة المكلفة بصياغة دستور جديد لسوريا يُمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية، زعم أنها تطبيق للقرار الدولي 2254، الناظم للعملية السياسية في سوريا.

ورغم أن اللجنة منتج روسي ضرب بعرض الحائط صلب القرار الدولي 2254، واختصره بملف الدستور كطريق وحيد للحل في سوريا، واستبعد ملفات أخرى أبرزها هيئة الحكم الانتقالي المرجعية، غير أن الروس لم يكتفوا بذلك وبقوا يمارسون التعطيل إلى أن شكلوا لجنة دستورية تتناسب وإرادتهم بنيويا ووظيفا، مثلما أوضح خبراء سوريون في القانون والسياسية.

مسمار آخر في نعش الثورة

وبحسب العديد من الخبراء والمطلعين على كواليس تشكيل اللجنة الدستورية، فإن طريقة اختيار الأسماء الممثلة لها وآلية عملها، جاءت بمثابة مسمار آخر وخطير في نعش الثورة السورية، المستمرة منذ 9 سنوات ضد حكم بشار الأسد.

واعتبر القاضي والمستشار السابق في هيئة التفاوض المنبثقة عن مؤتمر "الرياض1" خالد شهاب الدين، في مقابلة خاصة مع أورينت نت، أنه وبغض النظر عن أن اختصار الحل السياسي بلجنة دستورية والتجاوز الخطير للقرار الدولي 2254، وبيان جنيف1، فإن طريقة اختيار القائمة الثالثة المشكلة للجنة (قائمة المجتمع المدني)، تثير الكثير من الشكوك.

وقال، "إن القائمة الثالثة التي من المفترض أن تختارها الأمم المتحدة جرى اختيار معظم أعضائها  عبر (لوبيات) معروفة ومقربة من نظام الأسد"، مؤكدا أنهم لا يعبرون عن حقيقة المجتمع المدني السوري وأن كثيرا منهم ليس لديه مشكلة بترشح بشار الأسد للرئاسة، رغم كل ما ارتكبه من جرائم حرب ضد السوريين.

وأشار القاضي إلى أن من ساهم بصياغة دستور 2012، في ظل حكم بشار الأسد لن يُرتجى منه تلبية وتحقيق تطلعات السوريين.

وفي هذه النقطة بالتحديد، أكد عضو الهيئة السياسية السابق في الائتلاف الدكتور محمد خير الوزير، أن نظام الأسد فرض على الأمم المتحدة استبعاد عدد من الأسماء من قائمة المجتمع المدني مع أنهم أقرب للتأييد ، وذلك فقط لتخوفه من مواقفهم، رغم أنهم كانوا من أعمدة النظام ودستور2012، ولم يصدر منهم أي تصريح يعاديه، في إشارة إلى الأسماء الخمسة التي آخرت الإعلان عن ولادة اللجنة الدستورية وتم استبعادها قبل إقرار قائمة المجتمع المدني.

نسبة مئوية خطيرة!

ومن جهة ثانية أكد رئيس وفد الرياض2 الدكتور نصر الحريري، الذي اعتبر تشكيل اللجنة الدستورية "انتصارا للشعب السوري"، أن ألية القرار في اللجنة بقيت كما طرحتها الأمم المتحدة، بحيث يحتاج اتخاذ أي قرار الحصول على موافقة 75% من أصوات أعضاء اللجنة الـ150.

وتكمن خطورة هذه النسبة باعتقاد القاضي والمستشار شهاب الدين بأن جماعة الأسد في اللجنة يستطيعون من خلالها تعطيل أي قرار لمصلحة الشعب السوري.

 كما أنهم في المقابل يستطيعون بعددهم المقارب لنسبة الـ 75 في المئة، تمرير أي قرار وأخطره القبول بترشح بشار الأسد إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن للأسد حصة الثلث صافية وأنه يمتلك أصوات منصة موسكو المحسوبة على المعارضة، فضلا عن امتلاكه جزءا كبيرا من أصوات قائمة المجتمع المدني الحالية، والتي تشكل بدورها الثلث.

وبعيدا عن كل ما ذكر، فإن اللجنة تغطي على حقيقة خطيرة وهي أن مشكلة سوريا ليس دستورية بقدر ماهي مشكلة نظام مستبد قادر على تعطيل أي دستور طالما أنه على كرسي الحكم، كما أكد الوزير والقاضي شهاب الدين وغيرهما.

ولكن في الجهة المقابلة يطرح المدافعون عن هذه اللجنة من معارضة وغيرهم، سؤالا ومفاده، ألا تدّعي المعارضة أنها تؤمن بالخيار الديمقراطي، فلماذا تقف ضد إرادة الشعب الذي سيختار رئيسه وفقا للدستور المزمع إعداده من قبل هذه اللجنة، وبإشراف أممي؟!

ويرد الوزير بأن هذا السؤال ظاهره حق وباطنة تلبيس، فإذا ما سُمح لبشار الأسد بالترشح للرئاسة فإنه سيفوز حتما؛ لأنه وبعد ثماني سنوات من الفتك بالثورة والمعارضة وتفتيتها وتشريدها وهدم رموزها، لم يعد من الممكن أن تجتمع على مرشح واحد وستذهب أصواتها بعثرة لعدة مرشحين، في مقابل القاعدة الصلبة لبشار من موالين ونفعيين أثروا من الحرب، وخائفين وجائعين، حكمهم اليأس بعد كل هذه السنوات.

وأضاف أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح، هو أنه كيف سيسمح لبشار الأسد بالترشح للرئاسة، بعد ارتكابه جرائم حرب ضد شعبه وكيف سيكون جزءا من الحل بعد أن شرّد أكثر من 6 ملايين سوري؟!

بارقة حل!

ورغم أن اللجنة الدستورية تشكل نكسة في مسار الحل السياسي لسوريا لنواحي عديدة ليس آخرها ممثلي قائمة المجتمع المدني وجزء ممن يُحسبون على قائمة المعارضة، فإن الوزير يعتقد أن ثمة حل واحد يمكن من خلاله تجاوز هذا المطب.

وهذا الحل يكمن بالتمسك بألية التوافق التي نص عليها القرار 2254، ولو كلف ذلك المعارضة التخلي عن تقديم أي مرشح لها للرئاسة في مقابل التوافق على عدم ترشيح الأسد، وبهذه الحالة فقط يمكن تحويل نسبة الـ 75 في المئة من مأزق إلى فرصة، وعدا ذلك تبقى قائمة المجتمع المدني ورقة بيد المجتمع الدولي يفاوض عليها الأسد مقابل ترشحه من عدمه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات