ما أسباب صمود تلة كبانة في ريف اللاذقية بوجه روسيا وميليشيا أسد؟

ما أسباب صمود تلة كبانة في ريف اللاذقية بوجه روسيا وميليشيا أسد؟
منذ سيطرة ميليشيات أسد الطائفية على معظم ريف اللاذقية منتصف العام 2016، بقيت تلة كبانة في جبل الأكراد عصية على قواته رغم عشرات المحاولات السابقة لاقتحامها، والتي تجددت بوتيرة عالية خلال الشهر الحالي بمشاركة سلاح الجو ودعم من قوات خاصة روسية. 

وتكتسب كبانة أهمية عسكرية كبيرة كونها واحدة من أعلى قمم ريف اللاذقية (1300 متر عن سطح البحر)، وتشرف على مناطق واسعة من سهل الغاب وجسر الشغور غرباً وصولا إلى الحدود التركية شمالاً. كما تحظى المنطقة برمزية تاريخية كونها من أول المناطق التي خرجت عن سيطرة ميليشيا أسد في ريف اللاذقية، ولجأ إليها عشرات الجنود والضباط المنشقين بداية الثورة.

ورغم تكثيف النظام وروسيا حملتهم العسكرية على كبانة، واستخدامهم سياسة الأرض المحروقة عبر عشرات الغارات الجوية يومياُ والقصف المدفعي والصاروخي، إلا أنّ فصائل المعارضة نجحت حتى الآن بالتصدي لجميع محاولات الاقتحام، والتي وصل بعضها لثلاث محاولات يوميا.

عوامل نجاح

نجاح فصائل ريف اللاذقية على مدار ثلاث سنوات بالدفاع عن هذه النقطة  كانت له أسباب عديدة يذكرها القائد العسكري السابق في "الفرقة الأولى الساحلية" أبو يزن الشامي أهمها التجهيزات العسكرية التي أعدتها القوات المُدافعة من خنادق وحفر فردية وأنفاق لتفادي القصف، وهو عامل غاب سابقا في معارك ريف اللاذقية وفق رأيه .

ويوضح الشامي في حديثه الخاص لموقع الأورينت  أنّ تضاريس جبال اللاذقية ووعورتها تلعب دورا مهما في مساعدة القوات المدافعة، لاسيما في حال وجود تجهيزات هندسية، حيث تعجز ميليشيات النظام حتى في حال استطاعتها السيطرة على أحد التلال المجاورة لكبانة من التمركز، بسبب انكشاف قواتها على المُقاتلين المُدافعين عن التلة الذين يتمركزون في النقطة الأعلى".

ويضيف القائد العسكري :"ساعد تغير الاستراتيجيات الدفاعية بين فترة وأخرى في إدخال عنصر المفاجأة لذلك رأينا الفصائل وفي معظم حالات الاقتحام لم تعمد إلى الدفاع فقط، بل لجأت إلى خطط عديدة مثل الكمائن المتقدمة التي كان لها دور نفسي مهم في إدخال الرعب لقلوب ميليشيات الأسد".

وأشار الشامي في حديثه إلى عامل آخر لا يقل أهمية وهو حالة الانسجام الكبيرة بين الفصائل التي تتولى الدفاع عن كبانة منذ عدة سنوات، وعدد كبير منهم من أبناء المنطقة نفسها، ما ساهم باكتسابهم الخبرة والمعرفة الكافية لصد محاولات الاقتحام المتكررة.

وختاما أكد الشامي أن صمود المدافعين عن كبانة منذ ثلاث سنوات لم يكن ليحدث لولا الإرادة القوية التي تمتع بها المقاتلون، والذين اعتادوا على خنادق القرية وقدموا تضحيات كبيرة حتى أصبحت أجسادهم جزءا منها.

من جانبها حاولت قوات النظام في هجومها الأخير اتباع استراتيجية جديدة من خلال الاعتماد على ادخال جرافات مجنزرة ومصفحة باتجاه الجبهة، بهدف ردم الأنفاق و إتاحة المجال للدبابات والمشاة بالوصول إلى مناطق اشتباك قريبة.  إلا أنّ قوات المعارضة أفسدت الخطة، وتمكنت عبر صواريخ "تاو" من تدمير الجرافتين، وإعطاب الدبابات المرافقة وقتل عدد من مقاتلي ميليشيا أسد.

معركة حاسمة

وحول آخر التطورات العسكرية على الجبهة  ذكر الناشط الإعلامي في ريف اللاذقية أحمد حاج بكري أنّ محاولات الاقتحام الأخيرة شهدت مشاركة قوات روسية خاصة إلى جانب ميليشيات النظام .

وأوضح حاج بكري أنّ النظام استقدم خلال الأيام الأخيرة مزيداً من قوات" الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة" بقيادة العميد غياث دلة إلى المنطقة، بالإضافة إلى مقاتلين من "الفيلق الخامس" الذي أسسته روسيا ومعظمهم  من" المتطوعين" و أبناء المناطق الذين أجروا "مصالحات" مع النظام.

وبيّن الناشط الإعلامي في حديثه لأورينت أنّ اهتمام روسيا والنظام الكبير مؤخراً بالسيطرة على كبانة يعود إلى "كونها البوابة التي تفتح له الطريق إلى مناطق سيطرة المعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور، وتتيح له قطع طرق إمداد المعارضة بين ريفي اللاذقية وإدلب، وبالتالي تضييق الخناق عليها بشكل أكبر".

ولفت حاج بكري في حديثه إلى أنّ روسيا تسعى أيضا من خلال اهتمامها الكبير بالسيطرة على كبانة لإنهاء خطر تقدم المعارضة مستقبلاً في ريف اللاذقية انطلاقا من كبانة، وتأمين مزيد من الحماية لقاعدتها في حميميم.

من جانبها تدرك قوات المعارضة أهمية معركة كبانة لأنّ وجودها في ريف اللاذقية مرتبط بالحفاظ على القمة الجبلية التي تشرف على كل قرى ريف اللاذقية "المحرر" في جبلي الأكراد والتركمان بما فيها مخيمات النازحين على الشريط الحدودي.

عقدة السيطرة على كبانة والفشل المتكرر لقوات النظام وميليشياته في السيطرة عليها وارتفاع أعداد القتلى دفع بعض مقاتلي النظام مؤخراً للتهرب من المشاركة. حيث نقل مركز "نورس للدراسات" الشهر الماضي عبر تدوينة في موقع" تلغرام" عن مصادر وصفها بالخاصة أنّ "عددا من جنود النظام يدفعون رشى كبيرة لنقلهم أو إعطائهم إجازات نقاهة" فيما لجأ البعض الآخر وفق المركز "لافتعال الإصابة وإطلاق الرصاص على أطرافه للتهرب من محاولات اقتحام كبانة".

وتحظى قرية كبانة التي تتبع لناحية كنسبا بالنسبة لسكان ريف اللاذقية بالإضافة لأهميتها الجغرافية برمزية كبيرة كونها من أولى قرى جبل الأكراد التي خرجت بمظاهرات ضد نظام الأسد في العام 2011 ، وتحررت من سلطته قبل أن تمتد الثورة إلى معظم قرى ريف اللاذقية الشمالي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات