ما دلالات تأخر انطلاق معركة شرق الفرات رغم الحشود التركية؟

ما دلالات تأخر انطلاق معركة شرق الفرات رغم الحشود التركية؟
للمرة الثانية خلال عام، تحشد تركيا قواتها العسكرية بالقرب من الحدود السورية المُتاخمة لمنطقة شرق الفرات، ولكن هذه القوات لم تُعلن حتى اللحظة البدء بالعمل العسكري على المنطقة عكس عملياتها غرب الفرات، وذلك لحساسية شرق الفرات وتشابك ملفات إدارته والسيطرة عليه، خاصةً الوجود الأمريكي وإشرافه على المنطقة.

كما شهدت الأيام الأخيرة عدّة اجتماعات بين الجانبين الأمريكي والتركي في أنقرة، للتشاور حول المنطقة الآمنة المُزمع إنشاؤها شرق الفرات على الحدود السورية التركية، بالإضافة لزيارة قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي الجنرال "كينيث ماكنزي" إلى منطقة شرق الفرات واللقاء بالقائد العام لميليشيا قسد "مظلوم عبدي"، وكل تلك التحركات مرتبطة بمعركة شرق الفرات التي هددت تركيا بإطلاقها في حال فشلت المفاوضات الأمريكية التركية.

معركة إعلامية وسياسية فقط

وعن تأخر معركة شرق الفرات، يقول المعارض السوري الدكتور وليد تامر لأورينت نت، "معركة شرق الفرات هي معركة إعلامية وسياسية بالدرجة الأولى، ولا ترتكز على الجانب العسكري من أجل تحقيق المطالب التركية، التي تهدف لتحقيق منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي شمال سوريا في منطقة شرق الفرات".

ويُتابع الدكتور تامر، "رغم وصول التهديدات التركية لذروتها إلا أن لهذه التهديدات دلالات وأبعاد سياسية واعلامية، بعضها داخلية وأخرى خارجية تؤدي بالنهاية لحوار تركي مع الادارة الذاتية التابعة لميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، وكل ذلك برعاية أمريكية تُفضي لتفاهمات حول إدارة مدنية وأمنية جديدة للمنطقة الآمنة بالقرب من الحدود التركية الجنوبية".

وبنفس الإطار، وصف العقيد المنشقّ بشار سعد الدين معركة شرق الفرات بالمعركة الإعلامية، حيث قال لأورينت نت "معركة شرق الفرات رغم كل الحشودات العسكرية للجيش التركي، هي معركة إعلامية وسياسية، خاصة أن الأمن القومي التركي فوق أي اعتبار وربما هذه المعركة ستؤثر على هذا الأمن، بحال لم يكن هناك توافق داخلي وخارجي عليها كيّ تؤتي ثمارها بأخف الأضرار".

وأما الباحث والكاتب السوري أحمد الرمح  اعتبر التصريحات التركية الأخيرة والتهديد بمعركة شرق الفرات بأنها تصريحات للاستهلاك الإعلامي حالياً، وأشار الرمح خلال حديثه مع الأورينت نت إلى أن "الحشود العسكرية والتصريحات السياسية هي للضغط على الميليشيات الكردية والإدارة الذاتية، وبنفس الوقت للضغط على الجانب الأمريكي للإسراع بنجاح المفاوضات حول المنطقة الآمنة دون اللجوء للعمل العسكري".

تأخّر التوافق الأمريكي التركي

اجتمع خلال اليومين الماضيين كل من المبعوث الأمريكي إلى سوريا "جيمس جيفري" والوفد العسكري المرافق له، مع وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار" ومتحدث الرئاسة التركية "إبراهيم قالن"، للتباحث حول المنطقة الآمنة شرق الفرات ولكن دون التوصل لتوافق مشترك بين الجانبين حتى اللحظة.

وبهذا السياق، يقول الكاتب والباحث أحمد الرمح لأورينت نت، "فشلت المفاوضات التي أجراها المبعوث الأمريكي جيمس جيفري مع المسؤولين الأتراك، ودعا الطرفان لزيادة التواصل من أجل تحقيق التوافق المشترك بين البلدين حول المنطقة الآمنة شرق الفرات أو المعركة فيها".

وأشار الرمح إلى أن "التدخل الأمريكي في سوريا سيُكمل عامه الخامس بعد أسابيع قليلة، لذلك إن لم يحصل اتفاق بين تركيا والإدارة الذاتية برعاية أمريكية لن يكون هناك منطقة آمنة نهائياً، لأنه ربما يتم انهاء التدخل الأمريكي في سوريا مع انتهاء مدته المحددة بخمس سنوات، ولذلك تسعى تركيا للضغط أكثر من خلال حشوداتها والتهديد بالعمل العسكري لتحقيق التوافق التركي الأمريكي حول منطقة شرق الفرات".

وكذلك ربط الدكتور وليد تامر تأخر انطلاق معركة شرق الفرات بتأخر التفاهم التركي الأمريكي، وقال "ما زال هناك عدم توافق تركي أمريكي حول شرق الفرات وهو ما يؤخر العمل العسكري بالمنطقة، والأتراك متيقنون أن أمريكا هي مهندسة العملية الحوارية مع قوات سوريا الديمقراطية، وتحقيق التفاهم على المنطقة الآمنة لن يكون بدون توافق تركي أمريكي، وحوار تركي مع قسد برعاية أمريكية".

فيما رأى الخبير العسكري العميد أحمد رحال أن معركة شرق الفرات لا يمكن أن تتم بدون توافق تركي أمريكي لتشابك خطوط المصالح في المنطقة، وعبّر عن ذلك رحال بقوله لأورينت نت "معركة شرق الفرات هي معركة توافق بين الجانبين التركي والأمريكي، ولن تتم بدون خلق نقاط التوافق بينهما رغم كل التصريحات التركية واعلاء سقف التهديدات، ولكن من حق تركيا حماية حدودها الجنوبية وهذا ما تراه واشنطن مطلبا شرعيا ولكن الخلاف قائم على نقاط التوافق المشتركة".

الخلاف على ملامح المنطقة الآمنة

قال المتحدث الرسمي للرئاسة التركية "ابراهيم قالن" خلال لقائه مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا "جيمس جيفري"، إن "المنطقة الآمنة في شرق الفرات لن تتم إلا من خلال اتفاق يُلبّي تطلعات أنقرة".

وبهذا الجانب، أرجع الكاتب والباحث السوري أحمد الرمح تأخّر انطلاق معركة شرق الفرات لوجود بعض نقاط الخلاف حول المنطقة الآمنة التي توافق عليها الجانبان التركي والأمريكي دون تحديد طبيعتها، وقال الرمح لأورينت نت "هناك خلاف تركي أمريكي حول ماهيّة الحكم والإدارة للمنطقة الآمنة المزمع انشاؤها على الحدود الشمالية السورية في شرق الفرات".

وأكمل الرمح قائلاً، "الادارة الذاتية التابعة لميليشيا سوريا الديمقراطية تُريد السيطرة على مناطق بدلاً من تخليها عن المنطقة الآمنة، وكذلك تمتنع من تسليم سلاحها الثقيل والتخلّي عن قياداتها المرتبطة بالوحدات الكردية الموجودة بجبل قنديل، وما يزال هناك خلاف تركي أمريكي حول نوع الإدارة المدنية والأمنية للمنطقة العازلة مما أخّر انشاؤها بحرب أو بدون حرب".

وأكّد على ذلك، الدكتور وليد تامر بقوله "من أسباب تأخر معركة شرق الفرات هو تحديد شكل المنطقة الآمنة وهل هي آمنة أم عازلة، بالإضافة لتحقيق التواجد العسكري والاقتصادي والإداري التركي في المنطقة، وتسليم المنطقة لأبنائها الأصليين من عرب وكورد لإدارتها، وتحقيق إدارة مدنية شبيهة بالإدارة المدنية في مناطق شمال حلب والارتباط بها، وهذا ما لم يتم التوافق عليه حتى اللحظة بسبب بعض التحفظات الأمريكية والإدارة الذاتية لميليشيا قسد".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات