قصة المسلسل السوري الممنوع من العرض في عهد حافظ الأسد!

كشف برنامج (نجوم رمضان) الذي يقدمه تلفزيون أورينت يوميا في فترة الإفطار، عن قصة المسلسل السوري الذي منع من العرض في ثمانينات القرن العشرين، لأن إسقاطاته الراهنة في ذلك الوقت كانت تحاكي الأحداث الجارية في سورية، إبان تفجر المواجهات المسلحة بين نظام حافظ الأسد وجماعة الإخوان المسلمين.

جاء ذلك في سياق الحلقة التي خصصت لاستعراض مسيرة الفنان السوري الراحل عدنان بركات، الذي كان المسلسل الممنوع المشار إليه، هو أول بطولة مطلقة يحصل عليها بركات في مشواره الفني، لكن رقابة التلفزيون السوري منعت عرضه حينذاك، ولم يتسنًّ للمشاهد السوري مشاهدته، لأن المسلسل كان من إنتاج تلفزيون دبي، ولم يكن هناك قنوات فضائية يمكن متابعته من خلالها، غير قناة التلفزيون السوري الوحيدة ذات البث الأرضي.

المسلسل الممنوع من العرض

والمسلسل الممنوع هو (الزناتي خليفة) الذي كتبه الكاتب السوري عبد العزيز هلال، وأخرجه المخرج علاء الدين كوكش، ولعب بطولته إلى جانب الفنان عدنان بركات نخبة من الممثلين السوريين أمثال: (منى واصف، ملك سكر، سليم كلاس، رضوان عقيلي، صالح الحايك، عبد الهادي الصباغ، توفيق العشا، محمد الشيخ نجيب، عدنان حبال، عبد الفتاح مزين، أدهم الملا). وكان هذا المسلسل الذي أنتج عام 1980 هو الجزء الرابع من سلسلة (تغريبة بني هلال) التي كان يكتبها عبد العزيز هلال، ويخرجها علاء الدين كوكش، وبلغت حلقات أجزائها الأربعة أكثر من خمسين حلقة.

وقصة ( الزيناتي خليفة) في السيرة الشعبية العربية (تغريبة بني هلال) تبدأ عندما يرحل بنو هلال ومعهم أبو زيد الهلالي غربا بحثا عن المرعى بعد ثمان سنوات من الجفاف فيصلون إلى تونس  ومعه أبناء الأمير حسن مرعى ويحيى ويونس  ليبدأ الصدام الكبير بين أبوزيد وحاكم تونس الزناتي خليفة، وتقوم الحرب بين بني هلال وحلفائهم قبائل الزغابة من جهة وبين بني قابس بزعامة خليفة الزناتي وأشجع فرسانه المسمى بالعلام، بعد أن يرفض الزناتي أن يحصل بنو هلال على المرعى في أراضيه، لينال جزاءه مقتولا على يد دياب بن غانم كما تنبأت ابنته سعدى الزناتي.

قدم المسلسل الزناتي خليفة في شخصية حاكم قوي وحازم، لكنه ديكتاتور دموي لا يرحم، ويعرفه المسلسل في البداية بأنه لم يبق في الجيش إلا الموالين له ولاءً مطلقاً، كما أن كل قادة الجيش من أقاربه، وفي إحدى المشاهد التي عرضها برنامج (نجوم رمضان) من المسلسل، يعلن الزناتي خليفة عن رغبته بقتل كل سكان المدينة إذا خرجوا عن طاعته، وخصوصا أن أحد رجاله يخبره بأنهم متعاطفون مع الهلاليين والمتمردين ضده.. وهو ما رأته رقابة التلفزيون السوري حينها، أنه إسقاط على تعاطف بعض السوريين مع العمليات التي كان ينفذها بعض الإسلاميين ضد نظام حافظ الأسد في الثمانينات، ناهيك عن أوامر الإعدام التي كان ينفذها الزناتي خليفة بلا أي محاكمة، وهو ما  يحاكي حملات الإعدام التي كانت تنفذها محاكم حافظ الأسد العسكرية والاستثنائية  بشكل انتقامي وترهيبي لقمع الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في نهاية السبيعينات وخلال فترة الثمانينات.

وبعد مقتل الزناتي خليفة في الحلقة الأخيرة، يدعو المسلسل – على لسان أبطاله – إلى أن لا يكون هناك زيناتي جديد، أو ديكتاتور جديد يحكم المدينة، وإلى أن يتدبروا أمرهم بينهم بالشورى، وفي ذلك دعوة تحريضية صريحة ضد النظام الشمولي، وإشارة إلى ضرورة أن يكون البديل هو نظام ديمقراطي لا مكان فيه للأستئثار بالرأي من قبل حاكم فرد.

استعراض سير الفنانين المخضرمين

ويقول معد وكاتب البرنامج محمد منصور إن برنامج (نجوم رمضان) الذي تقدمه أورينت، يحاول من خلال استعراض سير الفنانين الرواد والمخضرمين، أن يقرأ مضامين أعمالهم برؤية تحليلية جديدة بعيدا عن أية محاذير رقابية، كما أنه يسعى لأن يسلط الضوء على ثقافة كاملة كان لها أثر عميق في عقود سابقة، فيما الجيل السوري الشاب يجهلها اليوم، وتكاد تحضر في ذاكرة الجيل السابق على شكل ذكريات، إنما من دون شرح لظروف إنتاجها، ولرسائلها وإشاراتها الواضحة أو غير الواضحة، التي تختلف كليا عن ظروف إنتاج الدراما التي ترسخت في العقدين الأخيرين، والتي صار جلها يسعى لاسترضاء  السلطات الحاكمة التي صارت أكثر جهلا وأكثر رغبة في تدمير الذاكرة الجماعية للسوريين.

يذكر أن برنامج (نجوم رمضان) من تقديم الزميلة ديانا رياض وإخرج قصي الماجد، وقد افتتح حلقاته بالتعريف برائد الدراما الإذاعية السورية في خمسينيات القرن العشرين القصاص الشعبي حكمت محسن، ثم أتبعها بحلقات عن: (تيسير السعدي – نهاد قلعي- رفيق السبيعي – فهد كعيكياتي) وآخرين... وهو يبث يوميا على شاشة تلفزيون أورينت  في فترة الإفطار بتوقيت دمشق.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات