كيف نفذت "المخابرات الجوية" عمليات اغتيال موالين ومعارضين سوريين؟

كيف نفذت "المخابرات الجوية" عمليات اغتيال موالين ومعارضين سوريين؟
لم يكن عمل المخابرات الجوية التابعة لنظام الأسد مقتصراً على الشؤون الاستخباراتية، أو عمليات الاعتقال والتحقيق بحقّ كل من لا يُعجبهم تصرفاته، وإنما خططت ونفّذت عشرات عمليات الاغتيال التي طالت موالين ومعارضين لنظام الأسد بالإضافة لشخصيات عربية، جميعهم كانوا على مستوى عالٍ من الأهمية.

وأفادت مصادر خاصة لأورينت نت أن جهاز المخابرات الجوية اغتال قبل عام 2011 عشرات الضباط والمسؤولين التابعين لنظام الأسد، بالإضافة لشخصيات قيادية محسوبة عليه أو قام هو بصنعها واغتيالها عند انتهاء مهمتها، واكّدت نفس المصادر أن هذا الجهاز استخدم عمليات الاغتيال والتفجير بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، وكذلك استهدفت هذه العمليات شخصيات موالية ومعارضة كتصفية حساب أو لخلط الأوراق في سوريا.

معسكر التدريب بقيادة "سهيل الحسن"

وفيما يخصّ مكان ومُخطط أغلب عمليات الاغتيال المُنفّذة من قبل المخابرات الجوية، يقول المساعد أول المنشقّ عن جهاز المخابرات الجوية "عامر أبو العبد" لأورينت نت، "يوجد داخل مطار المزّة العسكري والذي تُشرف عليه إدارة المخابرات الجوية معسكراً خاصاً للتدريب، كان اسمه "معسكر الإنزال" ويُشرف عليه العميد قصي ميهوب حتى عام 2006، وبعدها استلم هذا المعسكر العميد سهيل الحسن الذي غيّر اسمه إلى "قسم العمليات الخاصة"، والهدف من هذا المعسكر هو تدريب ضباط وعناصر المخابرات الجوية على عمليات الاغتيال الخاصة".

ويُضيف أبو العبد، "يمتدّ معسكر العمليات الخاصة على مساحة قدرها 40 كم مربع، وفيه مدرِّبون على مستوى عالٍ من الحرفيّة في تخطيط وتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجير، ويُشرف على هذا المعسكر العميد سهيل الحسن الذي أسّس معسكراً مجهزاً بالمجسّمات المخصصة للتدريب على عمليات الاغتيال، والتي تُحاكي الواقع لأماكن سيتم استهدافها لاحقاً، كعمليات الطائرات السفرية أو عمليات الاغتيال داخل الأبنية أو بالشوارع والمولات".

ويُكمل المصدر ذاته، "ويوجد بمعسكر العمليات الخاصة مدربون من دول حليفة لنظام الأسد استعان بهم للتدريب على بعض عمليات التفخيخ والاغتيال، بالإضافة للتدريب على القنص وانتحال الصفات مع تقمّص شخصيات محددة داخلية أو خارجية".

اغتيال مسؤولي النظام

أما عن أهم عمليات الاغتيال التي طالت مسؤولي نظام الأسد مستهدفاً إياها جهاز المخابرات الجوية، يُفيد المساعد المنشقّ عن المخابرات الجوية لأورينت نت بقوله، "نظام الأسد مبني على مبدأ التضحية بأي شخصية مقابل استمرارية النظام، وكان أكثر جهاز يعتمد عليه بشار الأسد وقبله حافظ الأسد هو جهاز المخابرات الجوية، المخصص لعمليات القمع واغتيال الشخصيات التي تتعارض مع استمرارية هذا النظام، أو التخلّص منها بعد انتهاء مهمتها والخوف من استخدامها ضده".

ويبيّن المساعد أبو العبد بعض هذه العمليات قائلاً، "المجال لا يسمح بسرد تفاصيل كل العمليات التي قامت بها المخابرات الجوية ضد مسؤولي نظام الأسد، ولكن يمكنني توضيح بعض العمليات المهمة، كعملية اغتيال العميد "محمد سليمان" والذي كان المستشار الأمني لبشار الأسد ومسؤول أهم ملفات تسليح حزب الله وقسم البحوث العلمية، وجاء أمر اغتياله من اللواء جميل حسن والعميد سهيل الحسن، وتمّ تكليف الرقيب يوسف إبراهيم والرقيب علي ادرع باغتياله عبر مسدس كاتم صوت في شاليهه الخاص بطرطوس، وجاء ذلك إثر كشف أمره بقضية اغتيال مسؤول حزب الله عماد مغنية في دمشق".

وتابع المصدر حديثه، "ومن العمليات التي تورّط بها جهاز المخابرات الجوية، كانت عملية اغتيال رئيس مجلس الوزراء الأسبق "محمود الزعبي" والذي تكلّف بعملية اغتياله مجموعات العميد قصي ميهوب وبتنفيذ عدد من المساعدين المتطوعين بجهاز المخابرات الجوية من بينهم المساعد أحمد خطاب، وكذلك عملية اغتيال اللواء غازي كنعان وذلك بتدبير وتخطيط اللواء علي مملوك عبر سائق غازي كنعان".

وأما عملية اغتيال ما تسمى "خلية الأزمة" بداية الثورة السورية، يؤكّد أبو العبد ضلوع جهاز المخابرات الجوية بعملية التفجير والاغتيال لأهم ضباط نظام الأسد، فيقول أبو العبد "زاد الشقاق بين بعض الضباط القادة في نظام الأسد وماهر الأسد الذي كان يُشرف على قمع الثورة السورية، وذلك بعض اقتراح هؤلاء الضباط والمسؤولين احتواء المتظاهرين لإعادة هيبة الحكم لبشار الأسد، فتمّ تكليف جميل الحسن وسهيل الحسن من قبل ماهر الأسد لتنفيذ عملية اغتيال خلية الأزمة، وفعلاً تم ذلك بعد تنكّر عناصر من المخابرات الجوية بزيّ الحرس الجمهوري وزرع العبوات داخل الطعام، وتغيّب عن الحضور كل من اللواء جميل الحسن والعميد ماهر الأسد".

ومن بين العمليات التي نفذتها المخابرات الجوية، كانت عمليات اغتيال بعض الضباط المتورطين بملف اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، كاللواء جامع جامع واللواء عصام زهر الدين ورستم غزالة، وكذلك عمليات اغتيال بعض الضباط المتورطين بملف الكيماوي كمدير مركز البحوث العلمية في مصياف عزيز اسبر وبعض المختصين والضباط المسؤولين عن هذا الملف، حسب كلام المساعد المنشقّ.

تفجيرات واغتيال معارضين

وبسياق مختلف، أشار المساعد المنشقّ إلى تورّط جهاز المخابرات الجوية بعمليات تفجير مصطنعة ببعض المناطق السورية وإلصاق التهمة بالمعارضة السورية، كما أوضح المصدر سبب هذه التفجيرات بكلامه قائلاً، "افتعلت المخابرات الجوية عدة تفجيرات قبل الثورة السورية وخلالها، وإلصاق التهمة كما هو المعتاد بجهات معادية او معارضة، ولكن الهدف منها هو الخلاص من شخصيات معينة تابعة للنظام أو للمعارضة، أو لزعزعة الوضع من أجل البقاء على القبضة الأمنية لهذه الأجهزة".

وطرح المصدر بعض الأمثلة على هذه العمليات مبيّنا أن "تفجيرات القزّاز قبل الثورة السورية كانت من تخطيط المخابرات الجوية، وكذلك تفجيرات المحلّق الجنوبي بداية الثورة، بالإضافة لتفجيرات الأمن العسكري وتفجيرات باب توما، والغاية منها قتل أكبر قدر من المعتقلين داخل تلك الأماكن المستهدفة وإلصاق التهمة بمجموعات ارهابية".

وأما عن عمليات اغتيال المخابرات الجوية لمعارضي نظام الأسد، قال أحد المصادر الأمنية السابقة التي رفضت ذكر اسمها لأورينت نت، "منذ بداية الثورة السورية وحتى اللحظة، تفنّنت اجهزة المخابرات الجوية بعمليات الاغتيال التي طالت معارضين لنظام الأسد، فبعضها عبر حقن كيماوية أثناء اعتقال بعض المعارضين مما يؤدي لمقتلهم بعد خروجهم من السجن، والبعض الآخر عبر عمليات التفجير وتفخيخ سياراتهم كما جرى سابقاُ في مناطق درعا وحاليا بادلب، وما تزال هذه العمليات مستمرة وتمّ الكشف عن عدة خلايا تابعة للمخابرات الجوية خلال السنوات الثماني الأخيرة".

اغتيال محسوبين على النظام

وبالعودة لعمليات اغتيال بعض المحسوبين على نظام الأسد، يقول المساعد المنشق عن جهاز المخابرات الجوية لأورينت نت، " جرت عدة عمليات اغتيال لمحسوبين على نظام الأسد بعد انتهاء مهمتهم أو تغيير موقفهم، كالقيادي في تنظيم القاعدة "شاكر العبسي"، والذي له ارتباطات قوية مع المخابرات الجوية منذ كان معتقلاً بسجن صيدنايا، وذهابه بطلب من المخابرات إلى لبنان ثم انتشار خبر مقتله ولكن القتيل كان أخوه، ومن ثم عودته لسوريا بالتعاون مع المخابرات الجوية ليتم قتله بعد فترة على إثر خلاف مع الأمن العسكري بالقرب من دمشق".

وكذلك كانت عملية اغتيال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، بعد أن حسّ نظام الأسد أن مواقف الدكتور باتت غير واضحة كثيراً، فأرسل فريقاً من الهندسة التابعة للعميد سهيل الحسن بقيادة المساعد محمود قرطان والمساعد خليل أبو مغضب لتنفيذ عملية الاغتيال التي أصيب فيها المساعد قرطان وأدّت لمقتل الدكتور البوطي، حسب كلام أبو العبد.

وأشار المساعد المنشقّ إلى أن جهاز المخابرات الجوية قام بتنفيذ عدة عمليات اغتيال طالت قادة ومسؤولين عرب وأجانب داخل وخارج الأراضي السورية، وبعضها بالتعاون مع فدائية أحمد جبريل الفلسطينية والتي كانت تتدرب في معسكر المهام الخاصة داخل مطار المزة العسكري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات