أورينت تفتح ملف معتقلات مطار المزّة العسكري.. قتل وتعذيب ومقابر جماعية

أورينت تفتح ملف معتقلات مطار المزّة العسكري.. قتل وتعذيب ومقابر جماعية
يخضع مطار "المزّة العسكري" لإدارة المخابرات الجوية سيئة الصيت، ورغم أن المطار مخصص للطائرات المروحية والطائرة الرئاسية المخصصة لبشار الأسد بسبب قرب المطار من قصر الشعب، وكذلك تدريب ضباط وعناصر المخابرات الجوية، إلا أن المطار تحوّل منذ عقود لأحد أكبر المعتقلات السياسية والأمنية، ويتمّ فيه ارتكاب كل أساليب الإجرام من قتل وتعذيب وجرائم ضد الإنسانية.

وأكّدت مصادر خاصة لأورينت نت أن ما يجري داخل أروقة ومعتقلات مطار "المزّة العسكري" يندى له جبين الإنسانية لهول الجرائم والمجازر خلال العقود الخمسة الأخيرة، وأشارت نفس المصادر إلى أن معتقلات هذا المطار تحوي داخلها أكثر من 7 آلاف معتقل بالأحوال العادية خلال الثورة السورية، وكانت تصل أثناء الحملات العسكرية على مُدن داريا والمعضميّة والغوطة الغربية لأكثر من 10 آلاف، جميعهم يخضعون لكل أساليب التعذيب القاسية والتي تودي بحياة العديد منهم يومياً.

أنواع معتقلات المطار

وأما مُعتقلات مطار "المزة العسكري" فيوضحهها لأورينت نت، المساعد أول المنشقّ عن المخابرات الجوية الموجودة داخل المطار "عامر أبو العبد" بقوله، "يحتوي مطار المزة العسكري على 5 معتقلات رسمية وعدّة سجون حسب الضرورة عندما تمتلئ تلك المعتقلات، وهذه المعتقلات هي سجن الإيداع الخاص بفرع التحقيق الموجود غرب مدرج الطائرات، وأما المعتقل الثاني فيقع تحت سجن التحقيق مباشرة، وهو معتقل خاص للشخصيات الهامة من المعارضة السورية، ومساحته أكثر من 2000 متر مربع ويُعتبر من أقسى المعتقلات السورية، وخاصةً أنه كان مخصصاً للمعتقلين السياسيين التابعين لحزب الإخوان المسلمين سابقاً، وخلال الثورة أودع فيه آلاف المعارضين ذوي التّهم الكبيرة".

وتابع أبو العبد موضّحاً، "بينما المُعتقل الثالث هو السجن المشترك بين الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية ويقع شمال المطار بالقرب من المتحلّق الجنوبي، وبهذا السجن يوجد أغلب معتقلي داريا والمعضميّة وكفرسوسة خلال حملات المداهمة والعمليات العسكرية، وأما السجن الرابع يقع بالقرب من مدرسة المخابرات الجوية غرب المطار وفيه مئات المعتقلين الذين أنهوا التحقيق معهم ولكن بقي تعذيبهم".

وأكمل المساعد أبو العبد حديثه، "ويُضاف لتلك السجون الأربعة سجن النساء الذي يقع جنوب مدرج الطائرات، وفيه مئات النساء والأطفال الذين يُعذبون يومياً بكافة أساليب التعذيب، وغالبيتهم من أخوات وزوجات المعارضين السياسيين والعسكريين لنظام الأسد".

وأما الناشط الأعلامي "محمد العلي" والذي كان يخدم داخل مطار المزة العسكري، أضاف لتلك المعتقلات الخمس معتقلات أخرى، فقال لأورينت نت، "يُضاف للمعتقلات الخمس الرئيسية عدة معتقلات عند اللزوم، كمدرسة المخابرات وعدد من الهنغارات بالإضافة لبعض البلوكوسات المخصصة للطائرات، وكذلك القاعات رقم 1 و 2 داخل فرع المهام الخاصة، وفوج التدريب وقسم الكيمياء كذلك يتم استخدام أبنيتها كمعتقلات وقت الضرورة".

أساليب القتل والتعذيب

وبسياقٍ مختلف، يصف المساعد المنشقّ عن المخابرات الجوية في مطارة المزّة العسكري أساليب التعذيب التي تصل أحيانا للقتل بأنها أكثرها وحشية بين الأساليب المتّبعة في الأفرع والمعتقلات الأخرى، ويوضح ذلك بقوله "طريقة استقبال المُعتقلين لأول مرة وحدها كافية لإصابة المعتقلين بالعاهات الدائمة، فبعضهم يتم جرّهم بسيارة في ساحة السجن المشترك بين الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية على البحص لعدّة ساعات، وبعد أن يتم تشطيب أجسادهم بسبب هذا الجرّ يتمّ وضعهم ببراميل تحوي ماء وملح، ثم دهنهم بالمربى ليتجمّع عليهم النحل الموجود بمزارع الصبّار القريبة من المطار ".

ويوضّح أبو العبد تلك الأساليب أكثر، بقوله "هناك أساليب متّبعة بأكثر الأفرع الأمنية كالبساط والكرسي الكهربائي والشّبح عبر اليدين أو الشبح بالمقلوب بربط رجل واحدة، كل هذه كانت مستخدمة بمعتقلات مطار المزة العسكري، ولكن هناك طرق جديدة كانت تُستخدم كطريقة "المقراص" وهي عبارة عن صندوق كالتابوت يُمسك المُعتقل من كاحله بملزمة حديد بعد رفع الرجلين، وبعدها يُقرص بعدّة ملازم حديد على ظهره وصدره بحيث لا يتمكن من الحركة إطلاقاً ثم يُضرب بالخراطيم والبواري الحديدية".

ويُضاف إلى تلك الأساليب حسب كلام الناشط محمد العلي أساليب أخرى ذكرها بقوله، "هناك أساليب تعذيب كثيرة يختصّ بها ضباط وعناصر المخابرات الجوية الموجودين بمطار المزّة، كطريقة الحرق عبر الشمع أو الغاز وخاصة عند مؤخرة المعتقل، إضافة إلى ذلك عملية التعذيب حتى الموت أحيانا بطريقة "الشادر" وبهذا الأسلوب يتمّ لفّ المعتقل بشادر نايلون ثم ضربه من قبل عدة عناصر ببواري حديد حتى الموت، والشادر يُستخدم لعدم تناثر دماء المعتقل عليهم".

ومن الأساليب التي تصل بالمعتقل إلى الموت أحيانا، كانت الحُقن المخدّرة، وهذا ما شرحها المساعد أبو العبد بقوله، "كان داخل مطار المزة العسكري قسماً للبحوث العلمية وفيه عدة دكاترة، وعمل هؤلاء الدكاترة هو تجريب أو إعطاء المعتقلين بعض الحقن والعقاقير المخدرة للحصول على معلومات هامة، أو لقتلهم ببطئ عبر بعض الجرعات والتي تودي بصاحبها للوفاة بعد خروجه من المعتقل أحياناً أو داخل المعتقل".

أما عن قسم النساء، أفاد المساعد المنشقّ لأورينت نت أن، "سجن النساء كان يحوي أكثر من 500 امرأة معتقلة بينهم أطفال دون سنّ البلوغ، وكان صوت تعذيبهم يصل لمعسكرات التدريب خارج المُعتقل، وبداية التحقيق يكون بتعريتهنّ وابتزازهن وتهديدهن بالاغتصاب، وبعدها تطبيق أساليب الضرب المعروفة، عدا عن عمليات الاغتصاب حسب نوبات التحقيق والمناوبة ليلاً أو نهاراً، مما جعلهم يضعون حبوب منع الحمل يومياً بوجبات الطعام والشراب الخاصة بالمعتقلات، وكان من بين المُعتقلات شخصيات معروفة وأصبحت فيما بعد شخصيات عامة، ولكن احتراماً لشخصهنّ لا يمكنني ذكر أسمائهن".

مقابر جماعية

وفيما يخصّ المقابر الجماعية داخل المطار، يقول المساعد أبو العبد "يوجد داخل مطار المزّة العسكري 3 مقابر جماعية، الأولى وهي أقدمها كانت شرق مدرج الطائرات وهي بمساحة 6 دونم تقريباً وفيها رفاة مئات المعتقلين منذ ثمانينات القرن الماضي، وأُعيد تجديدها وتجريفها مع بداية الثورة السورية لاستخدامها مجدداً".

ويُتابع، "أما المقبرة الثانية فقد تم إنشاؤها بين مدرج الطائرات ومدرج التكسي بمساحة 5 دونم، وكانت التركسات تحفر حفر كبيرة لوضع أكبر قدر ممكن من المعتقلين فيها على عدة أيام ثم طمر الحفرة، وهذا كان يجعل الكلاب الموجودة داخل المطار أو المزارع المحيطة تنهش بعض الجثث قبل طمرها، وأما المقبرة الثالثة كانت بالقرب من السجن المشترك بين الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية شمال المطار".

ونوّه أبو العبد إلى أن عناصر المخابرات كانوا يومياً يضعون بهذه المقابر ما يتراوح بين 5 و 10 معتقلين بداية الثورة، ولذلك تم توسعة هذه المقابر واستخدامها أكثر من مرة خلال السنوات الثمان الأخيرة.

أبرز الضباط المتورّطين

وبإطار مختلف، ذكر المساعد المنشقّ أهم الضباط المسؤولين عن عمليات التعذيب والقتل داخل معتقلات مطار المزّة العسكري، وبيّنهم بقوله "أهم شخصية مسؤولة عن تعذيب المعتقلين هو العميد الحقوقي "عبد السلام فجر محمود" وهو عميد مجنّد أي غير متطوّع وبالقانون السوري لا يحقّ له أن يصل لرتبة عميد وإنما فقط عقيد كونه مجنّد يخدم الخدمة العسكرية منذ سنوات وليس متطوعاً بالجيش النظامي، ولكن لسوء سمعته ولقربه من أصحاب القرار العسكري في البلد ولكوْنه من الطائفة الشيعية تم كسر القانون العسكري وترفيعه لرتبة عميد والإبقاء عليه برئاسة فرع التحقيق".

وفصّل المساعد باقي الأسماء بقوله، "المسؤول الأكبر عن قتل المُعتقلين ومنهم معارضون معروفون، هو العميد "نزيه ملحم" معاون رئيس فرع التحقيق، واستخدم الرمي بالرصاص والعقاقير الطبية والحقن بالمواد الصلبة لقتل بعض المعارضين والمعتقلين بالتعاون مع العميد "محمد بلال" مسؤول مركز البحوث العلمية داخل المطار".

وأردف قائلاً "يُضاف إلى هؤلاء، العميد "قحطان خليل" رئيس فرع المهام الخاصة وهو المسؤول عن مجزرة داريا، بالإضافة للعميد "حسن عبدو العيسى" نائب رئيس فرع المهام الخاصة والمعروف عنه لقب عزرائيل، وأما رئيس قسم سجن النساء كان العقيد "محمد الابراهيم" وهو منحط أخلاقياً ولديه عناصر أشدّ انحطاطاً ويختارهم بنفسه".

أما الناشط الإعلامي محمد العلي ذكر بعض المتورطين بعمليات القتل والتعذيب بقوله، "من بين الضباط الذين أسهبوا بالتعذيب والقتل داخل المعتقلات وخارجها كان العميد "سهيل الحسن" المسؤول عن قسم العمليات الخاصة داخل المطار، بالإضافة للعقيد "قصي ميهوب" والرائد "علي طرابلسي" والمقدم "يعرب" وجميعهم من الطائفة العلوية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات