حمص عاصمة العزّ.. يا نذير

 حمص عاصمة العزّ.. يا نذير
لم يسعني وأنا أقرأ مقالة صديق المدرسة الحمصي نذير جندلي الرفاعي عن مدينتنا واصفا إياها (بعاصمة النظام) إلا ان أتذكر الأيام الخوالي التي قضيناها معا على مقاعد مدرستنا الإعدادية مدرسة (هاشم الاتاسي) هذا الرئيس المترفع الذي رفض بشكل قاطع إعادة ترشيح نفسه لولاية دستورية جديدة، عبر تعديل للدستور كان موافَقًا عليه من قبل كلِّ الأحزاب والفئات المتواجدة آنذاك على الساحة السياسية السورية، كانت المرة الأولى والوحيدة التي تجري فيها مراسم كهذه في سوريا والعالم العربي, هذا الرئيس الذي قرر العودة إلى حمص ليعيش متقاعدًا براحة وهدوء في سابقة سورية، لرئيس يسلم السلطة بشكل ديموقراطي وحضاري دون التشبث بحكم أو كرسي أو منصب زائل, شاركه فيها أيضاً الرئيس شكري القوتلي حين تنازل عن الحكم أيضاً لعبد الناصر بعد توقيع اتفاقية الوحدة بين مصر وسورية...

وإذ أعود إلى ذكرى هاشم الأتاسي هذا الرجل الوطني، فلأني أراه كحمص اليوم تماما، يقدم ما دام قادرا على العطاء لكنه لا يخون وطنه أبدا.

وأنا أقرأ مقالتك يا نذير (حمص عاصمة النظام) وما قلته فيها من أن النظام استطاع التغلب وبذكاء بالغ على الأسطورة الحمصية في قيادة الثورة التي كانت وقوداً لبقية المدن والقرى، وأن لعبة المنطقة المحاصرة في حمص، استطاع النظام ممارستها بدهاء .... و أن حمص اليوم أصبحت مرتعا للجواسيس و المخبرين من أبناء العوائل المرموقة وأبناء ضعاف النفوس و الفقراء.. شعرت أنك تتحدث عن حمص أخرى، لم أسمع بها!

استفزني كلامك لأقول لك عن أي ذكاء و دهاء تتحدث يا صديقي, و هل قتل البشر وتدمير الحجر بوحشية وبلا أي خط أحمر أخلاقي أو لا أخلاقي هو (ذكاء؟) ام أن رمي البراميل المتفجرة يحتاج لدهاء وعبقرية؟!!

حمص التي وصفتها بعاصمة النظام هي اكثر ما يكره النظام اليوم لأنها وقفت وحيدة بوجهه لمدة تزيد عن سبعة أشهر لم نكن نسمع أي خبر إلا عن بطولات أبنائها وصمودهم حتى منحها السوريين أنفسهم لقب (عاصمة الثورة) ووقفوا معها و ألتحقوا بها.

حمص... بابا عمرو والخالدية و القصور وجورة الشياح وباب السباع والحميدية المدمريين بشكل كامل مع رضى أهلهم و قناعتهم أن الحرية لا تقدر بثمن.

حمص التي قدمت خيرة شبابها ورجالها على مذبح الحرية السورية بصمت الرجل المؤمن بالله و بالنصر لم تطلب من أخواتها في دمشق وإدلب و درعا و حماه وكل المدن الثائرة أكثر من طاقاتهم و لم تكلفهم اكثر مما يتحملون.

حمص أم الشهداء الصامتة التي تختزل في قلبها وجع العالم كله وخذلانه.

حمص قلب سورية النابض كرامة و حرية الذي لن يتوقف يوما عن ضخ الحب لكل الوطن.

حمص يا صديقي تشبه كثيرا الشهيد الذي زين إسم مدرستنا الثانوية (عبد الحميد الزهراوي) أحد زعماء النهضة السياسية السورية ومفكريها الذين علقوا على حبل المشنقة ولم يرضوا إلا أن يكونوا سوريين أحرار.

قد أوافقك الرأي أن هناك أخطاء من البعض ولكن من قال أنها ثورة ملائكة.

صحيح أن أغاني الساروت توقفت و لكن صوت رصاصه مازال مستمرا أمام نظام لا يسمع إلا لغة القوة و الرصاص.

كتائبنا محاصرة بلا ذخيرة أو دعم تقاتل منذ سنة و نصف أعتى مجرمي الأرض امام عالم متخاذل بلا ضمير ... لذلك سنسامحها إذا أخطئت قليلا وسنقف معها دائما... هاهمّ يتوحدون في ريف حمص الشرقي لأنهم ادركوا أن حمص اليوم تقف على مفترق طرق اما عاصمة الثوره واما مدينة ملوثة ببقايا النظام... ولا مجال للشك أن مدينة إبن الوليد لم ترضخ في تاريخها و لن ترضخ.

ما يرويه التاريخ عن حمص والحمصيين أصدق من كلامي، ويعود إلى ما قبل 3285 سنة تقريبا، الى عام حاول فيه الفرعون رمسيس الثاني أن يخضع لسيطرته بلاد الشام فكان له ما أراد حتى وصل الى حمص، وبجوارها تهاوت أحلامه حين جرت "معركة قادش" التاريخية الشهيرة, وانتهت بهزيمة رمسيس وتراجعه مكتفيا بالقسم الغربي من بلاد الشام، مع حسرة تركتها حمص في قلبه فبقيت مستقلة ولم تخضع لجيشه أبدا.

بعد رمسيس جاءها الاسكندر المقدوني فحاصرها ولم يستطع دخولها في العام 331 قبل الميلاد إلا بتفاهم مع أهلها ومن دون قتال.

ثم زارها أيضا هولاكو بعد إخضاعه لحلب، راغبا بإخضاعها، لكن أجدادنا في حمص جعلوه يذوق طعم الهزيمة.

وفي زمن العثمانيين ثارت وتمردت أيضا لنيل الحرية من سياسات التتريك والطغيان التي اعتمدها الأتراك في أخر عهدهم.

وبعدهم ذاق الانتداب الفرنسي بدءا من 1920 طعم التمرد الحمصي أيضا، فسقط من أهلها العشرات قتلى في ثوراتها المتتالية على المستعمرين.

مدينة لم ترضخ لكل هؤلاء الجبابرة الحقيقيين كيف سترضخ لنظام آفن لا يقوى على دخول مدينتها القديمة منذ أكثر من تسعة أشهر... وكيف سترضى بلقب عاصمته... يا صديقي؟

أهلنا الطيبون هناك في المناطق الصامتة بلا كهرباء ولا ماء... هم بركان ليس بخامد أبدا، بل سينفجر بأي لحظة لأنهم ذاقوا مرارة من لم يتعلم حمل السلاح بوجه من أعد نفسه وذخيرته على مدى 40 سنة من الحقد ليبقوا على دماء وطن لم ينتموا يوما لحضارته...

نعم يا صديقي حمص متعبة.. منهكة.. لكنها لم تكن يوما عاصمة النظام القاتل ولن تكون... لأنها ستعود عاصمة العزّ والحرية قريبا إن شاء الله وسيثبت التاريخ أن القلوب الكبيرة وحدها تصنع التاريخ.

مواضيع ذات صلة:

حمص عاصمة النظام / نذير جندلي

التعليقات (7)

    Ahmad J

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    وسيثبت التاريخ أن القلوب الكبيرة وحدها تصنع التاريخ .....

    مهتد

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    حمص ستبقى عاصمة العز و الكرامة ...

    حازم

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    كلام جميييل و لكن الواقع مرير .... اهل حمص تحت الحصاااااار أغيثوووهم

    حسيب عبد الرزاق

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    شكراً للأخ همام ... لقد تحدثت عن اصالة حمص .. ونظام الطاغية الحاقد على كل شيء أصيل ..وعجزه عن مسحها عن خارطة الثورة رغم تهجير معظم أهلها . ستبقى حمص شعلة الحرية رغم أنف العائلات النكرة .. أمثال ذو الهمة شاليش وآل مخلوف وسلالات محدثي النعمة في دمشق

    ديري/شاوي/ ثورجي

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    السيد نذير الجندلي لم ينتقد حمص ولم يسمها عاصمة النظام الا لكي يبين اخطاء من يسمونهم الثوار ونحن اليوم نعرف ونرى اى حمص اصبحت اليوم مقسمة بين منطقة يسيطر عليها النظام وشبيحته وتتم فيها تدريبات للشبيحة والشبيحات ومنطقة لاتخضع للنظام يتصارع فيها الثوار الحقيقيين مع الثيران اللذين امتطوا الثورة من اجل المال ونحن نعرف انه عندما تقتحم عصابات المجرم ابن المجرم احد احياء حمص يقف بعض ثيران المناطق الأخرى متفرجين وينمنون ان ينتصر الشبيحة على هذا الحي لكي يبقى الثيران وحدهم في الميدان وبعدها لاتقسم / المنح /على عشرة بل على خمسة وفي النهاية يبقى ثور واحد يعتقد انه الرابح الأكبر الى ان ياتي اليوم اللذي يأتيه الدور وينطبق عليه المثل اكلت مما اكل الثور الأبيض وهذه هي الحقيقة اليوم في حمص حتى ولو كان قول الحقيقة يجرح وعلى الجميع ان يعرفوا ان مقتل ابو فرات محرر مدرسة المشاة كان سببه الثيران اللتي تسابقت على جمع/ الغنائم/ بدلاً من تطهير المكان

    سعيد

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    انها حقا ستالينغراد العصر الحديث ، الله يكون بعونهم ويقويهم وينصرهم على القاتل المجرم ، امين يا رب العزه

    حمصي

    ·منذ 11 سنة 3 أشهر
    المقالتين متممتين لبعض ....... من المهم جدا ذكر السلبيات و الإيجابيات شكرا أورينت نت
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات