ما دلالات التصعيد العسكري الروسي الأخير على إدلب؟

ما دلالات التصعيد العسكري الروسي الأخير على إدلب؟
شهدت محافظة إدلب شمال غرب سوريا تصعيداً عسكرياً خلال الشهرين الماضيين، رغم خضوعها لاتفاق "سوتشي" الموقّع بين الجانبين الروسي والتركي في 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، والذي قضى بإنشاء منطقة عازلة على حدود المحافظة مع وقفٍ لإطلاق النار، ولكن المُلفت كان بمشاركة الجانب الروسي والذي يُعتبر أحد الضامنين للاتفاق بهذا التصعيد عبر معسكراته المحيطة بالمنطقة أو طيرانه الحربيّ الذي شارك مؤخراً، مما أثار التساؤلات عن الدور الحقيقي للضامن الروسي.

وأكّدت مصادر محلية لأورينت نت، أن بلدات ريفيّ ادلب الجنوبي والشرقي وكذلك ريف حماة الشمالي تمّ استهدافها من معسكرات قبيبات الهدى وأبو دالي، بالإضافة لمعسكرات الكبّارية وصوران وحلفايا وبريديج، والتي جميعها تُعتبر ثكنات عسكرية روسية وفيها بعض الميليشيات الموالية لها، وكذلك أكّدت نفس المصادر باستهداف بلدات ريف إدلب الغربي بعدّة غارات جوية من الطيران الروسي عصر يوم السبت الماضي بعد غياب دام عدة شهور.

الضغط على تركيا

 

وفيما يتعلّق بدلالات وأسباب مشاركة القوات الروسية بالتصعيد العسكري على قرى وبلدات محافظة ادلب، يقول الخبير والمحلل الاستراتيجي، العميد (أحمد رحال) لأورينت نت، "هناك حالياً لعبة عضّ الأصابع بين أنقرة وموسكو لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، ولذلك دخلت روسيا بعمليات القصف المدفعي بكثافة وكذلك القصف الحربي مؤخراً، من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب خلال مفاوضات أستانا القادمة".

ويُضيف رحال "تسعى روسيا من خلال هذا التصعيد بالضغط على الضامن التركي والمعارضة السورية من أجل تحقيق بعض التنازلات لصالحها، أو التخلّي عن أماكن مقابل وقف القصف مجدداً، ولكن ربما ينهار مسار أستانا بسبب الغضب والتهديد التركي بحال استمرت روسيا على ما عليه من التعنّت".

وكذلك أوضح الناشط الصحفي أحمد نور لأورينت نت أن، "روسيا تسعى للضغط وإحراج الضامن التركي كوْنه لا يستطيع وقف القصف والوفاء بالتزاماته، مما يدفعه للتنازل في البازارات السياسية التي يتم التفاوض عليها فيما يتعلّق باللجنة الدستورية وملف شرق الفرات، بالإضافة لصفقات الصواريخ الروسية S400".

وبنفس الإطار، أشار رئيس الهيئة السياسية في محافظة ادلب، المحامي عبد الله حاج سليمان خلال حديثه لأورينت نت إلى أن، "التصعيد الروسي الأخير جاء بسبب شعور روسيا بأن الأتراك من الممكن أن يتراجعوا عن صفقة صواريخ S400 بعيدة المدى والتقرّب من الإدارة الأمريكية، لذلك كان هذا التصعيد بمثابة رسائل مباشرة لتركيا بأن الروس قادرين على خلق الاضطرابات في ادلب وخلط الأوراق عبر ابتزازهم السياسي والعسكري لها، حتى تُعيد حساباتها وتحالفاتها مع الروس".

تغيير وتطبيق بنود "سوتشي"

تمخّض اتفاق "سوتشي" المتّفق عليه بين الجانبين الروسي والتركي على عدة بنود من أهمها فتح الطرقات الدولية المارّة بمحافظة ادلب وتشكيل دوريات مراقبة لوقف اطلاق النار، وكذلك نزع السلاح من الجماعات الراديكالية، كما أسموها.

وبهذا الجانب، يقول عضو الهيئة السياسية ومسؤول العلاقات العامة بالحكومة المؤقتة، المحامي محمد سلامة لأورينت نت "رغم أن روسيا هي أحد الضامنين لاتفاق "سوتشي" وعليها تطبيق بنوده ومراقبتها، إلا أن تصعيدها الأخير على ادلب كان لتغيير بعض البنود بالضغط على الضامن التركي وتسيير دوريات مشتركة من الدولتين داخل حدود محافظة ادلب وليس كما كان مُتفق عليها بدوريات منفصلة كلاً من جهته".

وأما الخبير العسكري عبد الرزاق قاجو فقد رأى أن سبب التصعيد الروسي على محافظة إدلب يعود لخلل في تطبيق بنود اتفاق "سوتشي" وحسب ما تُريده روسيا، وبيّن (قاجو) لأورينت نت أن، "تضغط روسيا بهذا التصعيد العسكري على تركيا لتغيير وتطبيق بعض بنود "سوتشي" كفتح الأوتوسترادات الدولية، وحلّ هيئة تحرير الشام بالإضافة لتسيير دوريات مشتركة من الجانبين وليس دوريات متوازية على الطرفين".

وأما المتحدّث العسكري لفصيل جيش العزّة، العقيد مصطفى بكور نوّه لأورينت نت أن "مشاركة القوات العسكرية الروسية بحملة القصف الأخيرة على ادلب تدلّ على أن روسيا لا تلتزم باتفاقياتها الدولية كاتفاق "سوتشي" ولا تحترمها، وإنما تسعى دائماً لتحقيق أهدافها، ولو كان عبر المجازر وتغيير المواقف والاتفاقيات".

معركة محدودة

ومن جانب آخر، لفتَ الخبير العسكري قاجو إلى أن "احتمالية شنّ معركة محدودة على ادلب ما زال قائماً بسبب التوترات الحاصلة والتأخّر في تطبيق بنود سوتشي، ولذلك تسعر روسيا لاستنزاف الفصائل بهذا التصعيد، ولكن على الفصائل التنبّه لتلك الاحتمالية".

بينما الناشط الصحفي أحمد نور استبعد احتمالية فتح معركة محدودة على ادلب لأسباب إقليمية ودولية والخوف من غرق روسيا بمستنقع المواجهة الدولية والخلاف مع الحلفاء، لذلك اعتمدت التصعيد العسكري عن بُعد لتحقيق الضغط المطلوب على طاولة المفاوضات وتحقيق بعض المكاسب والتفاهمات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات