أورينت تفتح ملف الغوطة الشرقية بعد عام من سيطرة ميليشيا أسد عليها

أورينت تفتح ملف الغوطة الشرقية بعد عام من سيطرة ميليشيا أسد عليها
تعيش الغوطة الشرقية بريف دمشق، بعد نحو عام من سيطرة ميليشيا أسد الطائفية عليها بدعم من الاحتلال الروسي، ظروفا صعبة وأشد تعقيداً من سنوات الحصار الخمس التي فرضها النظام والمليشيات الموالية له.

كما أن المعارك الأخيرة التي انتهت بفرض التهجير على الرافضين للتسوية وفصائل المعارضة بشكل كامل، جعل سيطرة النظام على الغوطة مطلقة، بعكس بعض المناطق التي شهدت عمليات تهجير كريف حمص الشمالي ودرعا، ولكن بقي جزء من الفصائل فيها مع الاحتفاظ بأسلحتهم كأفراد أو ضمن تشكيلات مقربة من روسيا.

مراكز الإيواء

بالتزامن مع المعارك التي شنها النظام للسيطرة على الغوطة الشرقية خرج نحو 150 ألف شخص من أصل نحو 350 ألف نحو مراكز الإيواء (اعتقال مؤقت) هرباً من جحيم القصف عبر ما يسمى المعابر الأمنة.

وقال مصدر مقرب من نظام الأسد رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أورينت نت، إن جميع المدنيين خضعوا في تلك المراكز للتحقيق، واعتقلت الأفرع الأمنية عدداً كبيراً من الشباب، كما اقتادت المئات للخدمة الإلزامية.

وأوضح أنه بعد مرور عام على إنشاء تلك المراكز عاد قسم كبير من العائلات إلى منازلهم على دفعات إلا أنه لايزال نحو 4 ألاف مدني محتجزين فيها أغلبهم من الشباب المطلوبين للتجنيد الإجباري.

حواجز داخلية

وفرضت مليشيا أسد حصاراً من نوع أخر على الغوطة الشرقية، حيث حصرت دخول وخروج السكان المدنيين بثلاثة مداخل فقط، المدخل الأول عبر باب شرقي باتجاه بلدة المليحة ويخدم بلدات الملحية وسقبا وكفربطنا وجسرين وعين ترما، إضافة لبلدات القطاع الجنوبي والمرج.

والمدخل الثاني من جهة مدينة حرستا بالقرب من مبنى وزارة الري على الطريق الدولي، ويخدم مدن حرستا وعربين وزملكا، ومدخل خاص لمدينة دوما وريفها ويقع على طريق دمشق حمص الدولي، وترفض مليشيا أسد فتح طرق أخرى لتسهيل حركة المدنيين نحو العاصمة دمشق كطريق أسواق الخير وطريق جسر زملكا، ولا يُسمح للمدنيين بالخروج نحو العاصمة دمشق إلا بعد الحصول على موافقة أمنية.

وأكد سالم السعيد من بلدة حزة لأورينت نت، أن حواجز ميليشيا أسد تفرض على الداخلين تسليم بطاقاتهم الشخصية والحصول على ورقة من عناصر الحاجز لضمان خروجهم من الغوطة وعدم البقاء فيها، موضحا أن تلك الحواجز تفرض "أتاوات" مالية على جميع البضائع سواء الداخلة أو الخارجة من الغوطة.

وأشار إلى أن ميليشيا أسد لم تكتف بالحصار الخارجي فقد قطّعت أوصال مدن وبلدات الغوطة الشرقية بنصب أكثر من أربعين حاجزا على جميع مداخل ومخارج المدن، ما حدَّ من تنقل المدنيين بشكل كبير، منوها إلى أن جميع الحواجز تتبع إلى ميليشيات الحرس الجمهوري والمخابرات الجوية وأمن الدولة.

حملات اعتقال 

لم تتوقف حملات الاعتقال التي تشنها مليشيا أسد منذ سيطرتها على الغوطة، وطالت بشكل رئيسي جميع العاملين السابقين بالدفاع المدني والمجالات الطبية الخدمية والإنسانية والمجالس المحلية والقطاع التعليمي.

وقال الناشط الإعلامي أحمد حسون لأورينت نت، إن ميليشيا أسد قتلت عدداً من المعتقلين كالدكتور معتز حتيتاني، في حين ما يزال مصير عدد آخر مجهولا كالدكتور خالد الدباس من بلدة كفربطنا، وأعضاء بمجلس محافظة ريف دمشق الحرة.

وأضاف حسون أن جميع المعتقلين يحملون ما يسمى أوراق التسوية التي تحمي صاحبها من الاعتقال من قبل الأفرع الأمنية، كما سلمت مليشيا أسد خلال الشهر الماضي جثث أربعة شبان كانت اعتقلتهم بعد سيطرتها على الغوطة وقتلوا تحت التعذيب بأفرعها الأمنية.

خزان بشري

وتنظر مليشيا أسد للغوطة الشرقية كخزان بشري، لذلك بدأت حملات التجنيد مع وصول الدفعات الأولى من المدنيين لمراكز الإيواء ولاتزال مستمرة في مدن الغوطة وبلداتها بشكل شبه يومي عبر حملات الدهم والحواجز الطيارة وتعميم أسماء المطلوبين للتجنيد الإجباري أو الاحتياطي على مداخل الغوطة.

 وقال بلال الشعار من مدينة عين ترما لأورينت نت، إن عدد دعوات التبليغ للتجنيد تجاوز 12 ألف دعوة، مضيفا أن النظام استغل شروط اتفاقية التسوية والتي أدت لتهجير جميع فصائل المعارضة، ما فسح المجال أمامه للتصرف بحرية مطلقة ورفض انتساب المطلوبين لأي من المليشيات الموالية له حتى، كمليشيا الدفاع الوطني أو حتى المليشيات الموالية لإيران و"حزب الله"، وحصر الخدمة الإلزامية في صفوفه.

وأشار الشعار الذي تجاوز عمره الأربعين إلى إنه بعد سيطرة مليشيا أسد على الغوطة تفاجأ بطلبه للخدمة الاحتياطية، ما اضطره إلى دفع مبلغ 1500 دولار لأحد الضباط والخروج نحو محافظة إدلب.

غياب الخدمات

ما تزال أغلب المدن والبلدات بلا كهرباء وماء باستثناء بلدات كفربطنا وسقبا وجسرين وأجزاء من عين ترما وحمورية والتي تصلها الكهرباء ساعتين يومياً.

كما يعاني السكان من نقص كبير في مخصصات الأفران من الطحين، وفي مادة الغاز، ما اضطر عدد كبير من السكان لاستخدام الحطب في الطهي والتدفئة.

وذكر )علي( أحد سكان مدينة سقبا لأورينت نت، أن ركام الأبنية التي دمرتها طائرات ميليشيا أسد وروسيا ما يزال يشكل عائقاً كبيراً أمام عودة الحياة الطبيعية، لافتا إلى أن تردى الواقع الخدمي كان سببا في عزوف عدد الكبير من سكان الغوطة على العودة إلى منازلهم.

وأوضح أن غياب الكهرباء والخدمات الأساسية وشح المحروقات يجعل أي حديث عن عودة السكان أمراً غير منطقي، مضيفا أن عدم توفر الأيدي العاملة من الشباب بالغوطة الشرقية جراء التهجير والاعتقال والتجنيد أدى إلى شلل شبه كامل في الحياة الاقتصادية، وغياب أي بادرة لتشغيل الورشات الصناعية أو حتى العمل في الزراعة.

وتحدث علي عن غياب شبه التام للخدمات الطبية والتي تقتصر على مراكز متنقلة للهلال الأحمر تقدم بعض الإسعافات الأولية، ما يجبر المرضى على التوجه نحو دمشق بهدف العلاج، وهذا الأمر يحتاج لموافقة أمنية تحتاج ثلاثة أيام للحصول عليه.   

استمرار الهدم

أصدرت ميليشيا أسد القانون رقم 10 بعد سيطرتها على الغوطة الشرقية بهدف شرعنة سيطرتها على أملاك المدنيين، وأُخضع للقانون أحياء جوبر والقابون شرق مدينة دمشق، وبدأ النظام بتفجير الأبنية فيها رغم صلاحيتها للسكن، بحجة وجود الأنفاق وتصدع الأبنية، وهوما نفاه المهندس طلال سعد عضو نقابة المهندسين الحرة في ريف دمشق.

أكد سعد لأورينت نت، أن عمليات الهدم ممنهجة وتأتي في سياق سياسات النظام وحليفه الإيراني لتغيير البنية الديمغرافية لمحيط العاصمة دمشق، مضيفا أن عمليات الهدم لم تقتصر على المناطق التي يشملها القانون رقم 10 بل امتدت لتشمل الأبنية المطلة على الطريق الدولي دمشق - حمص في مدينة حرستا، والمناطق القريبة من المتحلق الجنوبي بعمق نحو 600 متر في مدن عربين وزملكا وعين ترما.

وأشار المهندس سعد إلى أن حكومة الأسد ترفض إعطاء تراخيص للسكان لترميم الأبنية المتصدعة بسبب القصف.

يذكر أن مليشيا أسد الطائفية سيطرت على الغوطة الشرقية بين نهاية شهر آذار وبداية شهر نيسان من العام الماضي، بعد عملية عسكرية واسعة بدعم من المحتل الروسي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، وأدت الحملة إلى مقتل أكثر من 1500 مدني خلال شهر واحد، وانتهت بفرض التهجير على 65 ألف شخص من الرافضين للتسوية نحو الشمال السوري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات